فرنسا كانت تتوخى “تحييد” المغرب

الصحراء في عهد الاستعمار... رؤية جديدة اختار المؤرخ المغربي جيلالي العدناني، زاوية جديدة، واتبع رؤية المؤرخ في كشف تفاصيل قضية تعود فصولها الأولى إلى سنوات بعيدة، فاختار العودة إلى بداية الاحتلال الفرنسي لشمال إفريقيا، وانطلق منها، ليخلص إلى حقائق جديدة أكدت مغربية الصحراء، في كتابه الجديد الذي حمل عنوان "الصحراء في عهد الاستعمار.. رؤية جديدة حول القضايا الترابية"، استنادا إلى بحوث علمية استقاها الأستاذ المختص في التاريخ الاجتماعي والديني من أرشيفات ووثائق رفعت عنها السرية من إكس أون بروفانس والأرشيف الدبلوماسي لنانت ولاكورنوف ومن مركز كولوبا بباماكو والأرشيفات الوطنية بداكار. إعداد: هجر المغلي اعتبرت الجزائر ابتداء من 1884، محور مشروع كبير يرمي إلى ربط المستعمرات الشمالية لفرنسا، بمنطقة إفريقيا الغربية التابعة لها. مشروع وضع وبدأ تطبيقه في عهد الحاكم العام الفرنسي جول كامبون. قراءة متأنية لوثائق الأرشيف الذي خلفته الإدارة الاستعمارية الفرنسية، يساعدنا في فهم بعض الرهانات الأساسية لهذا المشروع، وكيف انعكس على مسألة رسم الحدود الجنوبية للمغرب، يقول العدناني، الذي أوضح كيف أن الوثائق تدلنا "مثلا على كيف اعترضت فرنسا على تعيين المغرب للقياد في منطقة الصحراء، ونجد فيها أيضا كيف اعترض الضابط أرنولد على تمديد الحدود المغربية لتصل إلى غاية طرفاية، بعدما قام السلطان بشراء محطة البريد البريطانية الموجودة في مينائها". قال الضابط الفرنسي إن الحدود المغربية ينبغي ألا تمتد جنوبا كي لا تصل إلى غاية توات. وكان يتصور الجنوب المغربي منفذا نحو المحيط الأطلسي، وشدد على ضرورة الحيلولة دون انغلاق المناطق الفرنسية الجزائرية وافتقادها لمنفذ بحري نحو الأطلسي في المنطقة الممتدة بين طرفاية وواد نون. اقترح أرنولد في وقت مبكر إقامة مركزين لمراقبة الصحراء، في كل من "تابلبالة" وتندوف، ووضع ميكانيزمات لتنسيق عمليات القوات العسكرية الفرنسية في كل من الجزائر وموريتانيا. اقتراحه هذا استند إلى الهجمات التي نفذها القبطان فلاي سانت ماري، انطلاقا من توات على تندوف. مقترح رسم خط حدودي ينطلق من طرفاية ويمر بمنطقة التكنة ثم تندوف وصولا إلى توات، تتضمنه أيضا وثائق الأرشيف الاستعماري. وأطلق على هذا المقترح اسم حدود TTT وجسدت خلاصة الدراسات الخرائطية التي قام بها الحاكم العام للجزائر منذ 1891. في المقابل، كان الخط العمودي لحدود الصحراء الاسبانية، يمر غرب منطقة تندوف، وينزل نحو «بئر مغرين» و»إدجيل». خط يعيد إنتاج نفس طريق القوافل التجارية المغربية التي كانت تأتي من موغادور وتتجه نحو تندوف وبئر مغرين. وكان ضم هذه الطريق التجارية القديمة إلى المنطقة الخاضعة للنفوذ الفرنسي، حاسما بالنسبة إلى السلطات الفرنسية، والتي كانت حريصة على عدم تركه للإسبان. وعاد المؤرخ المغربي، إلى سنة 1938، إذ توقف عند وثيقة، فرنسية، حررت بمناسبة افتتاح المفاوضات الفرنسية الإسبانية حول رسم الحدود، تقول: «إنه من المهم للدفاع عن مصالح الإمبراطورية الفرنسية، نقل حدود منطقة وادي الذهب شمالا»، بهدف ضم المناطق المعروفة بثوارها، وما تشهده من تراجعات للإسبان أمام بعض الشيوخ مثل الشيخ الوالي وصالح ولد بروك. الأوضاع التي تكشفها هذه الوثائق الاستعمارية حول مراحل مختلفة من تاريخ منطقة الصحراء، تؤكد أن فهم النزاع الحالي حول الصحراء، يتطلب العودة إلى الأسباب التي تحكمت في رسم حدودها. فبالنسبة لفرنسا، كان من الضروري منع المغرب من نيل حدود تسمح له بإحياء الشبكات الإنسانية والتجارية القديمة التي كانت تشكل المحور شمال جنوب. كان المطلوب هو «تحييد» المغرب ترابيا وسياسيا، بهدف التمكين لوجود استعماري «منسجم» يربط بين المناطق الجزائرية وتلك الموريتانية الخاضعة لفرنسا. وسعت فرنسا بكل قوة إلى الاحتفاظ بمنطقة الحمادة خارج التراب المغربي. وكان الهدف بعيد المدى هو إحكام مراقبة موريتانيا وربطها بشكل مباشر بكل من المستعمرتين الجزائرية والغرب إفريقية. وتحول الأمر إلى رهان سياسي وخط أحمر بعد اتفاقية 1949 حول تندوف، وظهور أولى نتائج الاكتشافات المعدنية والبترولية.

فرنسا كانت تتوخى “تحييد” المغرب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

״فراولة״ يقود حملة ״بونظيف״

صابلي بعجين الكيك

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات