الفيسبوك … فضاء للتسويق السياسي

زعماء وظفوا الفضاء الأزرق للدعاية وأحزاب جندت كتائب إلكترونية للصراع اختار عدد من زعماء الأحزاب استثمار وسائل التواصل الاجتماعي، في التواصل مع المواطنين، والرد على أسئلتهم، والتعبير عن مواقفهم تجاه عدد من القضايا المستجدة في الساحة السياسية. ويعكس هذا التحول في علاقة النشطاء السياسيين مع مواقع التواصل الاجتماعي من "فيسبوك" و"تويتر" وغيرهما من المواقع، ومن خلال المدونات الخاصة، إيمانا منهم بالدور المتزايد الذي باتت تحققه هذه الوسائط الحديثة، في التعبئة، وتوسيع دائرة الانتشار، مع تنامي استعمال الهواتف المحمولة واللوحات الإلكترونية. كما أن تراجع تأثير الصحافة المكتوبة وضعف تأثير الصحافة الحزبية ومحدودية قرائها، دفعا الجيل الجديد من النخب السياسية إلى الاستعانة بكفاءات الشباب، من أجل توظيف التكنولوجيات الحديثة في التواصل السياسي، والتفاعل السريع مع الجمهور، من خلال التعبير عن مواقف والإدلاء بتصريحات مصورة ونشرها على الحسابات الخاصة بالفيسبوك أو بمواقع أحزابهم، وهي العملية التي تحقق السرعة في التفاعل، وكسب مساحات في فضاءات التعبير المتاحة على الفضاء الأزرق. ومع اقتراب الاستحقاقات التشريعية، باتت الحاجة أكثر إلى إيصال المواقف السياسية إلى جمهور هذه الوسائط، والذي يقدر بالملايين، دون انتظار، وهي العملية التي أثبتت نجاعتها وفعاليتها التواصلية، وساهمت في التعريف بعدد من النخب الحديثة وساعدت على إنجاح عدد من المبادرات السياسية والحركات الاجتماعية، من خلال تعبئة نشطاء الفيسبوك بالسرعة اللازمة. ومن بين الزعماء السياسيين الذين انتبهوا إلى أهمية التواصل عبر الفيسبوك، نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، التي تعتبر من الزعماء القلائل الحاضرين في فضاء الشبكة العنكبوتية، سواء من خلال التعليق والتفاعل مع رسائل الجمهور أو من خلال نشر تصريحاتها ومداخلاتها وصور أنشطتها داخل الوطن أو خارجه. ولم يقف الأمر عند هذا المستوى فقط، بل خصصت اليسارية المعارضة لقاء مباشرا أسبوعيا للتفاعل مع متتبعي صفحتها عبر الفيسبوك، بالصوت والصورة، من خلال كابسولات تتفاعل من خلالها مع الأسئلة المثارة والقضايا السياسية المطروحة للنقاش العمومي على أسئلة وملاحظات زوار الشبكة العنكبوتية، بطريقة مباشرة، وبالتحليل الهادئ والتلقائي المباشر، وهو أسلوب لقي، حسب تصريحات منيب، استحسانا وتجاوبا كبيرين لدى جمهور الفيسبوك. وما يزيد من إقبال السياسيين على هذه الوسائط هو أن العديد من المعارك السياسية التي شهدتها بلادنا في السنوات الأخيرة، انطلقت من تدوينات وحركات مطلبية قادها رواد ونشطاء الفيسبوك، قبل أن تنتقل إلى الصحافة المكتوبة والإلكترونية، وبعد ذلك إلى الأحزاب والنقابات، التي تحاول الانخراط متأخرة في تلك الحركات واستثمارها سياسيا. ويرى علي اليازغي، منسق البديل الديمقراطي، أن حزبه انطلق منذ بداية التحضير للتأسيس، من الاعتماد على ما تتيحه وسائل التواصل الاجتماعي من إمكانيات الحوار وتبادل الرأي مع فئات واسعة، خاصة من الشباب والفئة المتعلمة التي وجدت في الفيسبوك فضاء للتعبير عن آرائها وانخراطها في الديناميات الاجتماعية التي انطلقت من الفضاء الأزرق. وأوضح اليازغي في حديث مع "الصباح" أن الحزب وظف الفيسبوك آلية للاستقطاب والتواصل، إذ طرح طلبات الانخراط الإلكتروني، بل وفتح إمكانية المساهمة في نقاش الوثائق والتصويت على الاختيارات إلكترونيا، وهي وسيلة تضمن التواصل المباشر والسريع، والتفاعل مع الأعضاء والمتعاطفين، من خلال أرضية إلكترونية تم وضعها من قبل شباب وأطر الحزب. والأكثر من ذلك، يقول اليازغي، انتقل الاعتماد على هذه الوسائط إلى إنتاج أشرطة فيديو، للتواصل والنقاش، وهي تقنية تم توظيفها في شرح البيان السياسي للحزب وتبسيطه، وتفسير أهداف الحزب، وهي الطريقة التي أعطت نتائج إيجابية، إذ توصل الحزب بأزيد من 1500 طلب عضوية عبر الفيسبوك، تتضمن المعطيات الشخصية الحقيقية للأعضاء الراغبين في الانخراط وعناوينهم وأرقامهم الهاتفية. وتحدث اليازغي عن علاقته الشخصية بالفيسبوك، منذ إطلاقه، إذ استعمله أداة للتواصل السياسي مع العديد من ممثلي التنظيمات الشبابية الاشتراكية بأوربا وأمريكا اللاتينية، وتبادل الآراء والمعطيات حول القضايا التي تشغل باله ناشطا شبابيا وسياسيا، قبل أن يوسع استعماله إلى التعبير عن آرائه، وإشراك الجمهور في نقاش القضايا المختلفة والتفاعل معها. ويرى اليازغي أن استعمال هذه الوسائط يمكن الفاعل السياسي من متابعة ما يجري في الساحة السياسية، وقياس حجم التفاعل الشعبي مع القضايا المثارة، بل إن الفيسبوك يتيح أيضا المجال لطرح مبادرات وحملات، وتفجير قضايا مسكوت عنها من قبل مختلف الفاعلين، أو لا تثيرها الصحف أو المواقع الالكترونية، مستدلا بالحملات التي أطلقها نشطاء بشأن تقاعد الوزراء وفضيحة النفايات الإيطالية، أو قضية "خدام الدولة"، ما يجعل الفيسبوك حقا سلطة خامسة، باتت تلعب دورا أساسيا إلى جانب باقي السلط الأخرى، وهو الأمر الذي انتبهت إليه العديد من الهيآت التي عبــأت له ما أضحى يعرف بالكتائب الإلكترونية، والتي أضحت تقوم بتوجيه الرأي العام والتحكم في اختياراته، من خلال حملات منظمة هدفها ترسيخ صور وأفكار محددة، ومهاجمة الخصم السياسي، وتبخيس عمله، وتشويه صورته، تحقيقا لأهداف سياسية. برحو بوزياني حضور دون تصور يرى الباحث يحيى اليحياوي، المختص في الإعلام والتواصل، أن صفحات السياسيين تبقى مجرد ردود فعل دون مواصفات مهنية، الهدف منها محاولة الحضور في الفضاء الواسع الذي بات يشكله الفضاء الأزرق، خاصة أمام انحصار وتراجع حضورهم في أرض الواقع، وعجزهم عن المبادرة والفعل بشأن العديد من القضايا التي تشغل بال الرأي العام. وأكد يحياوي في دردشة مع "الصباح" أن لجوء بعض السياسيين إلى استغلال هذه الوسائط في التواصل السياسي، لا يندرج في الغالب، ضمن رؤية واضحة وتصور مؤسس للتواصل الحديث، كما هو معمول به لدى العديد من الفاعلين في بلدان أخرى، بل تبقى الحالات القليلة محاولات فردية، وعملا يتأسس على الارتجال، لأن استثمار هذه الوسائط في التواصل يتطلب حرفية مختصين في الصـــــــــــورة والصـــــــوت وإنــــــــــــــــــــــتاج الخطاب.

الفيسبوك … فضاء للتسويق السياسي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مصرع عاملين داخل قناة للصرف الصحي

ألاص يتدرب مع الدفاع الجديدي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات