ربورتاج: مرتيل… قبلة المولعين بالهدوء وبهاء المتوسط

صيف مرتيل يبدأ باكرا. فالمدينة الساحلية الأكثر شهرة بشمال المغرب، أضحت تضاهي أجمل الشواطئ الإسبانية بمنطقة "كوسط دي صول"، وتعرف، طوال الموسم، نسبة امتلاء قياسية لعشاق يأتون من كل فج عميق للاستمتاع بكورنيشها الممتد لمسافة طويلة ورمال شاطئها الذهبية. لا يتجاوز عدد سكان مرتيل 35 ألف نسمة، "يضيعون" كل صيف وسط الآلاف من الزوار والسياح الذين تحولت المدينة إلى قبلة سنوية مفضلة لديهم، حتى أن هناك من فضل اقتناء منزل بها مشجعا بعروض مشاريع السكن الاقتصادي المنتشرة على نطاق واسع بالمنطقة. مقابل ذلك، يضطر البعض أيضا للبحث عن دور للكراء، فمرتيل ومنذ أول أيام الصيف تعرف إقبالا على دور الكراء، وتجد عشرات من الشباب ومن مدخلها وحتى آخر نقطة فيها، يقفون على جنبات الطريق، عارضين مفاتيح منازل مفروشة ومخصصة للكراء. ويبدو أن العرض هذه السنة أكبر خاصة مع طول فترة الصيف، عكس السنوات السابقة التي كان شهر رمضان، يستهلك الجزء الأكبر منها، وتصبح فترة العطلة الصيفية قصيرة جدا، مما يرفع ثمن الكراء. ويوضح أحد العاملين في هذ المجال، أن الأمور لازالت راكدة بمرتيل، فحتى بعد الأسبوع الثالث من شهر يوليوز لم تتحرك الأمور، لكن يتوقع أن تشهد المدينة تحركا كبيرا مع بداية الأسبوع الأخير من شهر يوليوز وعلى طول شهر غشت، خاصة وأن غالبية الأسر تترك فترة عطلتها لمتم يوليوز أو بداية غشت، حتى تستفيد من الفترة الساخنة. شاطئ مرتيل الممتد على مدى كيلومترات يعتبر من أطول شواطئ المنطقة، لكنه أصبح ومنذ سنوات محتلا بشكل خطير جدا، فرغم طوله وشساعته، لكنك لن تجد مكانا تجلس فيه برفقة أبنائك وأفراد أسرتك، ولن تجد مكانا تضع فيه مظلتك الشمسية، بفعل احتلاله من طرف شباب، بعض منهم مرخص له، يكترون المظلات والكراسي، ويفرضون ذلك على المواطنين في غياب أي تدخل للسلطات المحلية والمصالح الأمنية. ورغم الشكايات والكتابات وما ينشره الإعلام بخصوص هاته الكارثة، إلا أن المسؤولين بالمدينة يبدو أنهم لا يعيرون أي اهتمام لذلك، وأن اللوبي المسيطر على الشاطئ، كما على مواقف السيارات، هو الحاكم في المدينة، ولا يستطيع أحد أن يقف في وجهه، خاصة في ظل عجز السلطات من جهة وتواطؤ بعض عناصرها من جهة أخرى، مما يدخل المدينة الجميلة السياحية في فوضى عارمة، ويجعل المصطافين في أوضاع لا يحسدون عليها بسبب أولئك "البلطجية" المتحكمين في أمورها. ليل مرتيل ليس كنهارها، فالنهار له الشاطئ بالأساس، حيث يتجمع الآلاف فوق الرمال الممتدة، يسبحون ويلهون ويستمتعون بالرمال الذهبية لشاطئ مرتيل والمعروفة وطنيا. حشود غفيرة تقصد الشاطئ منهم المقيمون ومنهم القادمون من تطوان ومن مناطق أخرى. فرغم خطورته وما سرق من أرواح، لكنه يبقى الوجهة المفضلة للكثيرين.. ليل مرتيل له نكهة خاصة، حيث يبتدئ متأخرا، لكنه يدوم حتى أولى ساعات الصباح. حتى ولو لم تكن هناك فضاءات كثيرة وأنشطة يمكن أن تكون ملاذا لمئات الآلاف من الزوار، لكن مع ذلك يبقى ليل مرتيل جميلا وحلوا، وفق كثير من التعبيرات. فهناك من يختار المقاهي المنتشرة عبر الكورنيش، حيث يشكل بعض الشباب جماعات في بعض المقاهي، تكون مناسبة سنوية للقائهم وكل واحد منهم قادم من منطقة مختلفة عن الآخر.. البعض يختار التجول على الكورنيش فقط، والجلوس ببعض المناطق الخضراء المنتشرة على مشارفه، أو التوجه لـ"الفيريا" فضاء الألعاب والمعرض الموجود بالمدينة، والذي يستقطب أعدادا كبيرة من الزوار وأطفالهم، فيما فئة ثالثة تستغل المناسبة للاستفادة من بعض الألعاب الرياضية، إما العدو أو الألعاب الجماعية الأخرى، كرة اليد أو كرة القدم وغيرها. سلبيات صيف مرتيل كثيرة وعميقة، تتوجب التدخل لحلها، خاصة من طرف عامل الإقليم الذي غالبا ما يتدخل بنفسه، في ظل ضعف مصالح الجماعة عن القيام بتلك المهام، فيما إيجابياتها كثيرة أيضا، وهو ما يجعل السياح والوزاء من تطوان ومن خارجها، يرتادونها كل سنة وبأعداد كبيرة. وفي سابقة من نوعها، أمرت سلطات عمالة المضيق الفنيدق، أخيرا، بوضع مراكز مراقبة بمدخل شواطئ الإقليم لمحاربة ظاهرة "الانحراف الأخلاقي"، وبالموازاة مع ذلك تم إحداث لجان دائمة مشرفة على تنظيم هذه الشواطئ التي ابتليت بظاهرة كراء المظلات الشمسية والكراسي من طرف محسوبين ومقربين من بعض رؤساء الجماعات الترابية، حيث يعمد هؤلاء الرؤساء إلى منح تراخيص غير قانونية، لاستغلال الملك البحري، في أماكن إستراتيجية على شط البحر، وتحويله إلى خزان انتخابي، خصوصا وأن هذا الموسم الصيفي ستعقبه انتخابات تشريعية، وأغلب رؤساء هذه الجماعات، يطمحون إلى الظفر بوكلاء اللوائح، مما جعلها فرصة مواتية لهم للتحايل على القانون، ومنح رخص استغلال الملك البحري لأغراض انتخابية. يوسف الجوهري (تطوان)

ربورتاج: مرتيل… قبلة المولعين بالهدوء وبهاء المتوسط

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صوت المجتمع: "أريد حلا"

نقص مخزون الدم يقلق أطرا طبية بالمحمدية

مقالات ذات صلة