الاتحاد الإفريقي يستعيد توازنه

رسالة ملكية تدعو القمة 27 للاتحاد لتصحيح الخطأ التاريخي أجمع خبراء الدراسات الإستراتيجية على اعتبار قرار الملك محمد السادس بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي بعد 32 سنة من المقعد الشاغر، بالقرار "التاريخي" الذي ينم عن تفكير ناضج يهدف إلى تجنيب القارة مزيدا من التفرقة. ووضعت الرسالة الملكية رؤساء البلدان الإفريقية أمام مسؤولياتهم من أجل تصحيح الخطأ الذي وضع الاتحاد خارج الشرعية الدولية. وجاء القرار الملكي ليتوج الإستراتيجية التي نهجها المغرب في السنوات الخيرة في علاقاته مع بلدان القارة الإفريقية، تكريسا لانتمائه الإفريقي، ودفاعا عن مصالحه في السلم والاستقرار والتنمية. طريق المصالحة القارية الرسالة الملكية: الاتحاد الإفريقي في وضعية تعارض واضح مع الشرعية الدولية حملت الرسالة الملكية الموجهة إلى القمة 27 للاتحاد الإفريقي، الدول الإفريقية مسؤوليتها القانونية والأخلاقية لتصحيح الخطأ التاريخي الذي وقعت فيه منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1981 بالاعتراف بكيان وهمي، ضدا على حقوق المغرب في استكمال وحدته الترابية. وأكدت الرسالة الملكية التي سلمها رشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب، إلى رئيس جمهورية تشاد، رئيس القمة ورئيس رواندا، البلد المستضيف للقمة 27، أن المغرب، كما قال الملك الراحل الحسن الثاني، رغم غيابه عن منظمة الوحدة الإفريقية، فإنه لم يفارق أبدا إفريقيا، بحكم أنه "بلد إفريقي بانتمائه، وسيبقى كذلك. وسنظل نحن المغاربة جميعا في خدمة إفريقيا... وسنكون في المقدمة من أجل كرامة المواطن الإفريقي واحترام قارتنا". وأوضح جلالته أن المغرب، بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود، لم يسبق لإفريقيا أن كانت في صلب سياسته الخارجية وعمله الدولي، أكثر مما هي عليه اليوم، مشيرا إلى أن الرباط بلورت نموذجا فريدا وأصيلا وملموسا للتعاون جنوب – جنوب، مكن ليس فقط من تعزيز مجالات التعاون التقليدية، كالتكوين والدعم التقني، بل شمل ميادين إستراتيجية جديدة، كالأمن الغذائي، وتطوير البنيات التحتية. وأوضحت الرسالة الملكية أن الانخراط المكثف للفاعلين الاقتصاديين المغاربة، وحضورهم القوي في مجالات البنوك والتأمين والنقل الجوي والاتصالات والسكن، يجعل من المغرب، في الوقت الحالي، أول مستثمر إفريقي في إفريقيا الغربية، وثاني مستثمر في إفريقيا كلها. واستعرض جلالته الجهود التي ما فتئ المغرب يبذلها وفاء لنهجه التضامني، منذ انسحابه من منظمة الوحدة الإفريقية، من خلال العديد من المبادرات، الهادفة إلى ترسيخ الأمن والاستقرار في إفريقيا، من قبيل مساهمته في عمليات حفظ السلم في كوت ديفوار وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإفريقيا الوسطى، وبجهوده في مجال الوساطة بين دول منطقة "نهر مانو"، وفي ليبيا، وفي عملية إعادة البناء، بعد انتهاء الصراع، بكل من غينيا وسيراليون ومالي وغينيا بساو. ووصف جلالة الملك اعتراف المنظمة الإفريقية بجمهوية الوهم، بأنه فرض أمرا واقعا لا أخلاقيا، وانقلابا على الشرعية الدولية، وهو الأمر الذي دفع المغرب تفاديا للتجزئة والانقسام، إلى اتخاذ القرار المؤلم بالانسحاب من أسرته المؤسسية. وقال جلالته إن الوقت قد حان للابتعاد عن التلاعب وتمويل النزعات الانفصالية، والتوقف عن دعم خلافات عفا عليها الزمن، بالتوجه لتدعيم خيار واحد، هو خيار التنمية البشرية والمستدامة، ومحاربة الفقر وسوء التغذية، والنهوض بصحة الشعوب، وبتعليم أطفاله، ورفع مستوى عيش الجميع. إن الرهان الذي يتعين على القارة الإفريقية ربحه اليوم، يقول جلالته، بعد مرور أكثر من عقد من الزمن على ميلاد الاتحاد الإفريقي، يضيف جلاته، هو رهان الوحدة والتماسك بين أفراد العائلة الكبرى، موضحا أن إفريقيا أصبحت اليوم فاعلا لا يمكن تجاهله، لقد ولى الزمن الذي لم تكن فيه إفريقيا أكثر من مجرد موضوع في العلاقات الدولية، بل صارت قارة تؤكد وجودها، وتتقدم وتتحمل مسؤولياتها على الساحة الدولية، طرفا فاعلا وجديرا بالاحترام في النقاش الدائر حول الحكامة العالمية. وبخصوص قضية الصحراء، أوضح الملك أن إفريقيا المؤسساتية لا يمكنها بعد الآن أن تتحمل أوزار خطأ تاريخي وإرث ثقيل، مؤكدا أن الاتحاد الإفريقي في وضعية تعارض واضح مع الشرعية الدولية، لأن الكيان المزعوم ليس عضوا لا في منظمة الأمم المتحدة، ولا في منظمة التعاون الإسلامي، ولا في جامعة الدول العربية، ولا في أي هيأة أخرى، سواء كانت شبه إقليمية أو إقليمية أو دولية. إن موقف الاتحاد الإفريقي، يقول جلالة الملك، يتعارض كليا أيضا مع تطور قضية الصحراء على مستوى الأمم المتحدة، فهناك مسار للتسوية برعاية مجلس الأمن، يسعى للتوصل إلى حل سياسي دائم لهذا النزاع الإقليمي. برحو بوزياني التزام بأجندة الاتحاد دعا جلالته إلى تصحيح موقف الاتحاد الإفريقي، من خلال استعادة حياده، والمساهمة بشكل بناء في التوصل إلى الحل المنشود، مشيرا إلى أن المغرب لا يمكنه أن يظل خارج أسرته المؤسسية، ولا بد له من استعادة مكانه الطبيعي والشرعي داخل الاتحاد الإفريقي. إن المغرب يتجه اليوم، بكل عزم ووضوح، نحو العودة إلى كنف عائلته المؤسسية، ومواصلة تحمل مسؤولياته، بحماس أكبر وبكل الاقتناع، استنادا إلى قرار تم اتخاذه بعد تفكير عميق، صادر عن كل القوى الحية، ومواصلة التزامه بخدمة مصالح القارة الإفريقية، وتعزيز انخراطه في كل القضايا التي تهمه،. كما يلتزم في هذا السياق بالمساهمة، وبشكل بناء في أجندة الاتحاد وأنشطته.

الاتحاد الإفريقي يستعيد توازنه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ثلاثة أسئلة: شروط الحكمة

زوجة مسؤول بالاستعلامات تعتدي على أمنيين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات