السلطة القضائية… العرجاء

استمرار تدخل السلطة التنفيذية يحد من استقلالها بعد أزيد من خمس سنوات التي شكلت المدة الفاصلة بين إقرار دستور 2011 والاستقلال الفعلي للسلطة القضائية عن باقي السلط وبصفة أدق عن السلطة التنفيذية، وبين تطبيقها على أرض الواقع، من خلال الشروع في التزيل الفعلي لها بالانتخابات المهنية المزمع إجراؤها في 23 يوليوز المقبل، مازال الجواب عن السؤال الجوهري، هل تمكنت السلطة القضائية من الاستقلال الفعلي والحقيقي؟ مبهما بين من يرى أن هناك استقلالا ومن يربطه بالنسبية.وشهدت المدة التي استغرقتها ولادة السلطة القضائية نقاشات حادة بين مختلف مكونات المجتمع المغربي حول حدود تلك الاستقلالية، والتخوفات التي كانت تثار بين الفينة والأخرى، سواء خلال فترة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، أو خلال مراحل الإعداد للقوانين الخاصة بالسلطة القضائية، إذ تعالت أصوات تطالب برسم حدود تلك الاستقلالية في تخوف مما أسموه تغول القضاة، أو تأسيس دولة القضاة على اعتبار منحهم سلطة تدبير شؤونهم، دون رقابة خارجية من شأنها أن تساهم في تغولهم. وكانت الشرارة الأولى لتلك التخوفات الأصوات التي كانت تنادي ببقاء وزير العدل والحريات ضمن تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء للسلطة القضائية من خلال استمرار ترؤسه للنيابة العامة، والتي كانت تعتبر أن خروجه من التركيبة يشكل خطرا حقيقيا ويساهم في تغول القضاة، وهي المسألة التي تمت معارضتها من قبل القضاة، على اعتبار أن الأمر سيشكل انتكاسة حقيقية وردة دستورية، وأمام تلك الضغوطات استطاعت النيابة العامة أن تنزع استقلالها عن وزارة العدل وتعود للقضاة، إذ تولى الوكيل العام لمحكمة النقض مهمة الإشراف عليها.و رغم ذلك لم يكتب للسلطة القضائية أن تشهد الولادة التامة، إذ خرجت بقانونين تنظيميين أقل ما يمكن أن يقال عنهما إنهما شكلا بالفعل ردة دستورية وقزما حجم السلطة القضائية وفق المنظور الحقوقي ووفق متطلبات القضاة، فاستقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، المقرر في الفصل 107 من الدستور، لا يمكن اختزاله في المجلس الأعلى للسلطة القضائية واختصاصاته المحددة في الفصل 113 من الدستور، فرغم أن وزير العدل والحريات خرج من النيابة العامة، إلا أنه بقي حاضرا من خلال التسيير اللوجستيكي للمحاكم، والإشراف الإداري عليها وهو ما يؤدي إلى تداخل بين السلط، إضافة إلى عدم توفر السلطة القضائية على الاستقلال المادي والإداري لها، وهي كلها مؤشرات تفيد أن ولادتها كانت متعسرة، ولم تستطع أن تصل إلى ما حدده لها دستور 2011، من خلال ميلاد سلطة قضائية حقيقية، مع فك الارتباط بصفة مطلقة وحاسمة مع مكونات السلطة التنفيذية، سيما الوزارة المكلفة بالعدل ضمانا لحماية الحقوق والحريات الفردية والجماعية، وبناء دولة الحق والقانون. كريمة مصلي

السلطة القضائية… العرجاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مجزرة بمستشفى محمد الخامس بمكناس

الجمعيات المهنية...بلقنة أم تنوع ؟

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات