الانتخابات البرلمانية… العد العكسي

عدم إعمال الآليات الديمقراطية في توزيع التزكيات يهدد بخرق المادة السابعة من الدستور بدأ دخان الريع ينبعث من ثنايا أحاديث السياسيين مع اقتراب الانتخابات التشريعية، وتسلل شبح المال إلى كواليس الأحزاب تحت ذريعة الربح المضمون لأكبر عدد من المقاعد، أوعلى الأقل ضمان ما يمكنها من إنشاء فريق برلماني، ولم تنفع مقتضيات الدستور الجديد في منع عودة الصراع حول تحصيل التزكيات الانتخابية سوقا رائجة كما كان دائما ، خاصة أن الانتخابات المقبلة على قدر كبير من الحساسية لأنها ستمنح من يتصدرها حق قيادة الحكومة وفق ما ينص عليه الفصل 47 من الدستور، وبمجرد ذكر التزكيات، تتحرك الأموال إذ يمكن أن تأخذ شكل ضوء أخضر للزعيم بالمساهمة في مشاريع استثمارية أو الحصول على عمولة. سباق المقاعد يرجح كفة"مول الشكارة" الأحزاب تواجه تهمة نسف الديمقراطية بسبب المتاجرة في التزكيات أججت التزكيات الممنوحة لـ" كبار المرشحين " وأصحاب "الماركات المسجلة" للفوز المؤكد، الصراع حول الانتخابات زاد من شدته، أن المتصدر سيكون له حق تشكيل الحكومة، الأمر الذي جعل البعض يعتقد أنها ستكون المناسبة السانحة لتنفيذ البرنامج الانتخابي، أو على الأقل يحل بها مشاكله الشخصية، أوتساهم في تجاوز قادة الحزب النافذين أزمة الشرعية المتآكلة، بضمان كرسي وزاري بتعويض قدره 57 ألف درهم شهريا، يفتح أبواب متنوعة لتوسيع شبكة العلاقات المعقدة، ولم لا دخول عالم الاستثمار وتنمية المشاريع الذاتية، مع ضمان معاش بعد انتهاء الولاية الحكومية، أو حتى قبل نهايتها، قدره 39 ألف درهم شهريا.وإذا كانت الانتخابات التشريعية المقبلة ستسمح للبعض بولوج باب مجلس النواب، وبالتالي الظفر بتعويض شهري لا يقل عن 3.5 ملايين سنتيم، سواء أكانت الوسيلة لائحة وطنية، نسائية أو شبابية، أو محلية، مع معاش يتراوح بين 5 إلى 8 آلاف درهم شهريا، وتوسيع شبكة العلاقات المعقدة التي تساعده على تحقيق آمانيه، يظل السؤال قائما لماذا يمنح هؤلاء الملايين لقادة الأحزاب لتحصيل التزكية، لولوج مجلس النواب، بتعويض شهري أقل بكثير مما أنفقوه؟يجمع المحللون على أن الجواب سيتمثل أن المتهافتين يبحثون عن " القيمة الرمزية" لحمل صفة " البرلماني المحترم"، رغم أن هذه الصفة لم تعد تقيه من أي متابعة قضائية، لأن الحصانة أضحت مرتبطة فقط بحق التعبير السياسي الحر الذي لا يمس ثوابت البلاد. ورغم أن الحصانة لم تعد كانت، فإن سوق التزكيات لم تخفت، بل يزداد الطلب عليها وسط الأحزاب كلما اقتربت مواعد الاستحقاقات الانتخابية، إذ يتحرك المرشحون الرحل بين الرموز الحزبية، حاملين معهم الأموال، لإقناع الزعماء أنهم لن يحتاجوا إلى دعمهم ماديا في دوائرهم، بل يقدمون لهم خدمات بتمويل أي نشاط حزبي أو تجمع خطابي بإحضار المواطنين، وإطعامهم، مادمت وزارة الداخلية لم تعد تمنع " الزرود الانتخابية" لأنها تدخل في صميم عادات وتقاليد المغاربة.وكلما شعر باحث عن "بر الأمان" أن الأمين العام سيرفض تزكيته، لأن له معه خلافات شخصية، أو فضل مرشحا آخر، في إطار ما يطلق عليه استقطاب الكفاءات، وهي في الحقيقة استقطاب " آلات الدعم المالي"، فإنه سيفكر في شد الرحال إلى حزب آخر ويضع نصب عينه دائرة معينة، يترشح فيها ويجمع الناس عليه، في إطار عملية " ترحال سياسي" مسموح بها قبل الانتخابات، على اعتبار أن عددا من النواب الحاليين تنقلوا في عدد من الأحزاب تطبيقا لشعار اتحادي خالد، " أرض الله واسعة" إذ تم تحويره كي يأخذ بعدا آخر يتجلى في البحث عن الحرية، و"راحة البال"، في زمن الصراع على المسؤوليات الحزبية.ولعل قصة برلماني " البام" التي أثارت سخرية المواطنين، لها دلالة سياسية في هذا المقام، لأنه كان مرشحا وحيدا ومع ذلك وزع الأموال على من يطلق عليهم " الناخبون الكبار"، لنيل مقعد بمجلس المستشارين، لا يتجاوز أجره الشهري 3.5 مليون سنتيم، ما صرفه هو على الحملة الانتخابية في فئة الصناع التقليديين، كي يفوز لنيل مقعده، ثم صرف أوال أخرى لولوج مجلس المستشارين، ويغادره بعد 6 أشهر من حمله بطاقة "البرلماني المحترم" لأن المجلس الدستوري صرح بعدم أهليته لتمثيل الصناع التقليديين بإثباتات تم الحصول عليها عبر تفريغ مكالماته الهاتفية.كل ذلك يؤكد أن التأطير الحزبي غير موجود إلا بنسبة ضئيلة تنسحب على بعض الأحزاب دون أخرى، ويطرح أكثر من علامة استفهام حول هؤلاء الرحل الذين يشعلون سوق الانتخابات بتوزيع الأموال لنيل التزكية والترشح باسم الرموز الحزبية. وجوه جديدة وخطاب قديم يعتقد بعض قادة الأحزاب السياسية أنهم يستقطبون وجوها جديدة لحمل شعارات جديدة تمحو القديمة التي ملها المواطنون، واقتنعوا أنها فاسدة، لكنهم في آن واحد يشرعون أبوابهم لأشخاص لا يفقهون في السياسة شيئا، والدليل على ذلك المستوى الذي ظهر عليه مجلسا البرلمان، من خلال الطريقة العجيبة في التشريع والمساءلة الحكومية، التي تظهر أن هناك فرقا بينا الأمية الأبجدية والأمية السياسية. ولم يتردد قادة الأحزاب الصغرى في اتهام قادة الأحزاب الكبرى بأنهم يشكلون خطرا على الديمقراطية لأنهم يمنحون التزكيات، و" يبيعون فيها ويشترون" لضمان أكبر عدد من المقاعد لولوج مؤسسة البرلمان، وتشكيل فريق برلماني، إذ أن التزكيات يحصل عليها من يسعى إلى الاختباء من إدارة الضرائب، كي يطلب تدخلا لأجل مراجعة ما عليه من ديون، قصد تقليصها أو إعادة جدولتها على سنوات كثيرة، مع تخفيض نسب الفوائد. الاغتناء ببيع الترشيحات اتهم عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، بعض زعماء الأحزاب، دون أن يسميهم، بالانتقال من حمل مشروع الإصلاح السياسي، إلى الاغتناء غير المشروع عبر بيع التزكيات، والتعاون مع رموز الفساد، لتحقيق أهداف شخصية ذاتية على حساب المصالح العليا للوطن. وقال بنكيران في تجمع خطابي، إنه يعرف بعضا من هؤلاء الذين كانوا أشد فقرا، منذ عشرين عاما، إذ لم يكن لديهم درهم واحد، والآن أضحوا يمتلكون ثروات، إذ قيل إن بعضهم لديهم حاليا 200 مليار سنتيم، ليس بفضل عملهم المقاولاتي المختص في تصدير المنتجات الصناعية ذات التقنية العالية مكتوب عليها " مايد إن موروكو"، ولكن جراء دخولهم الانتخابات، وإجراء الصفقات المشبوهة، والاستحواذ على الأراضي الفلاحية، وإدخالها إلى المدار الحضري، وتقسيمها إلى تجزئات سكنية، وبيعها للمواطنين، مشيرا إلى أن هؤلاء لن يتزحزحوا عن أمكنتهم، وسيرجعون لربح المقاعد بأي ثمن، ما يستوجب مواجهتهم بحرمانهم من الأصوات. أحمد الأرقام

الانتخابات البرلمانية… العد العكسي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حرب أكتوبر بدأت في الحركة الشعبية

"وينرز" يفتح النار على بودريقة والناصري

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات