“أم عـزة” تريـد عزهـا

«ما يجري جريمة في حق الإنسانية والبيئة، لقد خربت أم عزة»، يقول محمد لعميري، رئيس جمعية أفق للتنمية بدوار اشطاطبة، ناحية عين عودة بالصخيرات، محتجا ضد مطرح عمومي، زكمت رائحته السماء كما باطن الأرض، دون أن تتحرك السلطات. يتعلق الأمر بمطرح أم عزة، الذي يستقبل نفايات ثلاث مدن تعد ضمن الكبرى بالمغرب: سلا والرباط وتمارة، تمت إقامته انطلاقا من 2004، وشرع في استغلاله منذ 2007، بنزع الملكية من السكان، بتعويض لا يتعدى 7 دراهم للمتر المربع، نصف المبلغ الذي يدفعونه اليوم في وسائل النقل العمومي للوصول إلى المستشفى.وفي أم عزة، المنطقة التي كانت موطنا لأشهر الضيعات الفلاحية بمحيط العاصمة الرباط، لا تستثني المآسي التي يتسبب فيها المطرح، البسيط أو الغني أو الزائر، فهي تبدأ من الطريق، التي صارت شريطا للتزلج بسبب «العصارة» المتقاطرة من الشاحنات، ما سبب حوادث سير خطيرة، واحدة منها كان ضحيتها قائد المنطقة نفسه.وبالوصول إلى المطرح، الذي تتولى تدبيره شركة فرنسية، يعاني السكان جراء أحواض لتجميع وتحصيل العصارة السامة، ولا تفصلها عن بيوتهم سوى أمتار، وحتى إن لم يقتربوا منها، فهي تصلهم مكرهين، إذ أن الرشاشات المقامة للتخلص من العصارة، صارت ترشها باتجاههم، مدعية أنها أحسن طريقة للتخلص منها.وكما تضرر البشر، إلى درجة أن الميسورين هاجروا المنطقة، بنصائح من الأطباء الذين قالوا لهم إن سبب سقمهم هو المطرح، تضررت البيئة، سيما الفرشاة المائية، التي صارت ملوثة، لسبب بسيط: القائمون على تدبير المطرح أثناء إقامتهم لأرضيات فاصلة لحماية المياه الجوفية، لم يحترموا المعايير الدولية، وبتلوث المياه، تتلوث الحياة كلها.ولعل أخطر ما كشفه محمد لعميري، في صرخته، هو أن المطرح لم يعد يلتزم باستقبال «النفايات المنزلية والمشابهة لها»، بل فتح أبوابه للحيوانات النافقة والنفايات الطبية، سيما السوائل الناتجة عن عمليات تصفية الدم بمراكز «الدياليز» بمنطقة الرباط سلا تمارة.ولعل أكبر دليل على أن ما يجري بالمطرح خطير، أن شباب المنطقة تخلوا عن مناصب الشغل التي منحت لهم في المطرح، بعدما اكتشفوا حقيقة ما يجري، ولم تتقبل ضمائرهم أن يشاركوا في تدمير التربة التي احتضنت صرخاتهم الأولى عندما خرجوا من أرحام أمهات «أم عزة»، التي اشتاقت إلى عزها.امحمد خيي

“أم عـزة” تريـد عزهـا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حجز 4245 قرصا من "القرقوبي"

تلاميذ المغرب... بقلب مفتوح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات