لم يتمكن زعماء الأحزاب السياسية، أغلبية ومعارضة وحتى الذين يوجدون خارج المؤسسة التشريعية، من السير في مقدمة المسيرة كما تم الاتفاق على ذلك، شأنهم في ذلك شأن وزراء حكومة بنكيران الذين تاهوا وسط آلاف الحشود البشرية التي ظلت تردد شعارات بصوت واحد، مستهدفة بالدرجة الأولى بان كيمون، الأمين العام العام للأمم المتحدة. وتباينت الآراء حول عدد المشاركين في المسيرة «الاسثنائية» التي لم يسبق للعاصمة الرباط أن احتضنت نظيرة لها، بين 2.5 مليون ، وبين ثلاثة ملايين إلى حدود منتصف النهار، حيث لم يتمكن المنظمون من ضبط المشاركين الذين تدفقوا على شارعي الحسن الثاني ومحمد الخامس وشارع ابن تومرت وباقي الأزقة المتفرعة عنها، وهو الأمر الذي حال دون التحكم فيها، لتتحول إلى مسيرة عفوية، اختلط فيها الوزير والبرلماني والأستاذ والمعلم والعامل والنقابي والعاطل والغني والفقير والرجال والنساء، الشباب والأطفال، في صورة تؤكد أن المغاربة قادرون على هزم بان كيمون أو غيره، عندما يتوحدون، ويتحدثون لغة واحدة، ويتركون خلافاتهم وراء ظهورهم. وعاشت الرباط التي بدأ يتوافد عليها المشاركون في المسيرة من مختلف أقاليم المملكة منذ الساعات الأولى من يوم أمس (الأحد) اختناقا في حركة المرور معه السير، ما جعل رجال الأمن في بعض المدن القريبة من الرباط، نظيرا سلا وتمارة والأحياء المجاورة لوسط الرباط، يمنعون الناس من الوصول إلى قلب العاصمة، وذلك من أجل التخفيف من حركة السير، وجعل الشوارع التي مرت منها المسيرة، لا تصل إلى مستوى تسجيل اختناقات، بسبب التدافع التي تسببت فيه الأمواج البشرية التي فيها من قضى الليلة يتجول في شوارع الرباط، ونام أمام مقهى «باليما»، منتظرا بزوغ شمس الأحد. ولم يترك المحتجون على تصريحات بان كيمون حلول الساعة العاشرة من صباح أمس (الأحد) لكي ينطلقوا في المسيرة، بل سبقوا التوقيت بنحو ساعتين، إذ لاحظت «الصباح»، أن بعض الوفود المشاركة في المسيرة، انخرطت في ترديد الشعارات ضد بان كيمون، وأخرى تهتف بمغربية الصحراء منذ الساعة الثامنة من صباح اليوم نفسه، نظير الطنجاويين الذين جاؤوا بكثافة من جماعة كزناية بتأطير من القيادي البامي أحمد الإدريسي، وحشد كبير من المشاركين جاؤوا ليلا من إقليم كرسيف، فيما اختار محتجون من سيدي علال البحراوي، المجيء إلى الرباط سيرا على الأقدام، لينضموا إلى وزراء في حزب التجمع الوطني للأحرار بالقرب من بريد المغرب، فيما شوهد صلاح الدين مزوار ومحمد عبو تائهين، يبحثان عن مقدمة المسيرة من أجل السير على رأسها، قبل أن يفاجآ، بأن كل زعماء الاحزاب ووزراء الحكومة، لم يتمكنوا من قيادة المسيرة، بسبب الكم الهائل من المشاركين الذين ضاقت بهم شوارع الرباط التي لم تتعود على هذا التدفق البشري. وشارك كل زعماء الأحزاب في المسيرة بشكل متفرق، ولم يتمكنوا من وضع اليد في اليد في مقدمة المسيرة، شأنهم في ذلك شأن الوزراء الذين كان يطلب منهم بعض المشاركين، إلتقاط صور تذكارية تؤرخ للحظة التاريخية. عبد الله الكوزي