التمييز الإيجابي لتجاوز التمييز السلبي

العقلية الذكورية داخل الأحزاب تعدم الكفاءات وترشح نساء بمنطق "باك صاحبي" تعالت في الآونة الأخيرة الأصوات المطالبة بإلغاء "كوطا" النساء، معتبرة ذلك "ريعا سياسيا"، وتعرضت هذه الآلية، التي لا تلجأ إليها الدول، إلا لتصحيح اختلالات معينة ناتجة عن ذهنيات معينة أو تقاليد وعادات، لحملة تشويه مقصودة، لتحويل الأنظار عن المثلية التي سقطت فيها الأحزاب السياسية، إلى درجة اختلطت فيها ألوانها، وأصبحت بمثابة حزب واحد في عدة أحزاب. عوض أن توجه المنظارات الميكروسكوبية إلى حصيلة هذه الأحزاب، حولت إلى آلية التمييز الإيجابي، وتحميل النساء مسؤولية التعثرات التي تنمو في الحقل السياسي، إلى درجة اكتسحت فيه الطفيليات مواقع النبتة الجيدة. لا تكلف العقليات الذكورية نفسها مشقة البحث في السبب الذي دعا إلى الاستنجاد بآلية التمييز الإيجابي، وهو الذي يمكن تلخيصه في التمييز السلبي، إذ لو لم يسد التمييز السلبي لما كانت هناك حاجة إلى تمييز إيجابي، ولولا هذا الداء لما احتجنا إلى ذاك الدواء، إذ لو لم تكن المرأة مقصية من السباق لأنها امرأة، أي إقصاء للنوع، لما تطلب الأمر التسلح بهذه الآلية لإصلاح الضرر الذي يلحق المشاركة النسائية في المنافسة السياسية، ويعطب كفاءاتها وقدراتها، لأنها امرأة وليس لأي سبب آخر. كما يخلف قلة خبرة وانعدام الفرص لمراكمة التجارب والخبرات وتطوير المهارات، كما يفعل الرجال.صحيح أن هذه الآلية أصيبت بعطب، ليس لخلل فيها، إنما لسيادة العقلية الذكورية في الأحزاب السياسية، التي أصبحت أكثر تخلفا من المجتمع، وتعاملت بكثير من الانتهازية والاستغلال للاستفادة الشخصية، واعتبرتها غنيمة وليست فرصة لتطوير الكفاءات السياسية لمناضلاتها، وتأطيرهن وتحميلهن المسؤولية داخل تنظيماتها أولا، إعدادا لهن لتحمل مسؤوليات في مؤسسات عمومية. المسكوت عنه في الأحزاب السياسية، هو أن بعضها يلجأ في اختيار نسائه، مكرها بآلية التمييز الإيجابي، من شريحة القريبات والحبيبات والزوجات والنسب الرفيع، إذ بالنسبة إلى قياداتها، إذ كانت تمثيلية النساء شرا لابد منه، فلابد من الاستفادة منها، عبر ترشيح القريبات بكل أنواع القرابة، فيما توضع الكفؤات من المناضلات في موضع "ستاند باي". فلتطرز اللوائح بأسماء بعيدة كل البعد عن العمل السياسي، بل إن هذه الشريحة من النساء الذكوريات لا يتحركن إلا عبر آلة التحكم عن بعد، فيما تعاني المناضلات الحقيقيات التهميش، ولا تصل بعضهن إلى مواقع متقدمة في المؤسسات إلا بمجهود مضاعف مرة ومرتين وثلاثا.تمثيلية النساء في المؤسسات التشريعية، لم تصل بعد إلى المبتغى الحقيقي، حتى وإن اضطرت وزارة الداخلية إلى الدفع "كاش" للأحزاب لتشجيع التمثيلية النسائية، ومازالت وإن تطورت الأرقام، مجرد إحصائيات على ورق، فيما العراقيل والقيود مازالت توضع أمام المرأة عنوة، وإن ترفع بعضها في جهة تضاف أخرى في جهة ثانية، لإعطاء الدليل بأن الفشل مرده إلى الجنس اللطيف، وليس إلى سياسة "باك صاحبي" التي تتعامل بها أغلب الأحزاب.ضحى زين الدين

التمييز الإيجابي لتجاوز التمييز السلبي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"راجلي يضربني وما يخلي حد يضربني"

لا أعيش بشكل عاد بطنجة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات