رالي عائشة… الغزلان واجهن الصعاب وتحدين المجهول

الرالي في دورته الواحدة والعشرين جمع الاستمتاع والاستفادة بالمنافسة والتحدي أزيد من 200 غزالة مغربية وأجنبية، اخترن تحدي الصعاب واختبار قدراتهن والاعتماد على أنفسهن، وخرجن إلى الصحراء المغربية عازمات على التأكيد أنهن غزلان يمكن الاعتماد عليهن وتجاوز ما استعصى على الرجال واختراق الجبال الكثبان الرملية. غزلان رالي عائشة في دورته 21 تهن تارة في الصحراء، وتارة أخرى سلكن الطريق الصحيح، والأهم نشر القيم الإنسانية في كل منطقة وصلن إليها. "الصباح" رافقت الغزلان في مرحلة "ليكونوميست" وعادت بمشاهد ولقطات مثيرة تنقلها في الربورتاج التالي. يومان متتاليان، تقضيهما «الصباح» رفقة غزلان رالي عائشة في دورته 21. يومان بليلهما ونهارهما، ترافق فيها المشاركات في مسيرتهن نحو نقطة نهاية المرحلة الخامسة من اللحاق، بعد أن مررن على الكثبان الرملية والتضاريس الوعرة، في درجة حرارة فاقت 42 درجة.بعيدا عن المنافسة المكان: منطقة نجاخ، تبعد أزيد من 300 كيلومتر عن ورزازات، منطقة لا يمكن الوصول إليها إذا لم يتم سلك بعض الكيلومترات من الطرق غير المعبدة. الزمان، السابعة مساء ليلة انطلاق المرحلة الخامسة لرالي عائشة للغزلان في دورته ال 21، والذي تم إعطاء انطلاقته بمدينة مكناس في 22 مارس الماضي بمشاركة 226 امرأة معظمهن يشاركن للمرة الأولى، أتين من خمسة عشر بلدا، لينتهي في الثاني من شهر أبريل الجاري بمدينة الصويرة. هنا التحقت "الصباح" بالمشاركات اللواتي كن بعيدات عن جو المنافسة والسباق، وكن مندهشات بجمال المنطقة وبجوها الساحر، سيما أن اللجنة المنظمة سهرت على أن تجعل المكان مغربيا مائة في المائة بديكورات وأطعمة وحتى موسيقى توحي أنهن في بلد يدعى المغرب، كما كن مسحورات بالنجوم المشعة في سماء ليلة ربيعية، يجدد طاقتهن بها من أجل أن يكملن مشوارهن بعد ساعات معدودة من النوم في خيمات بلاستيكية صغيرة.خيمات عديدة كانت تؤثث المكان، كل واحدة منها خصصت لغرض معين. أول واحدة زارتها "الصباح" كانت للصحافة، وضعت بها طاولات من أجل تسهيل وضع الحواسيب وأشياء أخرى من الممكن أن يحتاجها الصحافي. في تلك اللحظة كانت اللجنة المنظمة توزع الصحافيين القادمين لتغطية الحدث، مع العلم أنه كان يحظى بتغطية إعلامية أجنبية مكثفة، على سيارات رباعية الدفع ستلاحق الغزلان في مسارها وسط الصحراء.مباشرة بعد ذلك، كان لابد من وضع الأمتعة ونصب خيمة صغيرة لأخذ قسط من الراحة وسط الكتمان الرملية والتضاريس الوعرة، إلا أن الأمر لم يكن سهلا، لكن كان لابد من المحاولات سيما أنه كان من الضروري الاعتماد على النفس. كما كان العدد الكبير للخيمات الصغيرة المنصوبة بالمكان للغزلان واللجنة المنظمة وللمرافقين، يشجع على إعادة المحاولة في كل مرة.في تلك اللحظة كانت أصوات تعلو المكان، ممزوجة بموسيقى مغربية، وسط هتافات البعض وفرحة البعض الآخر ودهشتهم بجمال المنطقة، ملتفين حول رجل كان كثير الحركة يقدم المشروبات. وغير بعيد عن المكان كان عدد من الأشخاص يتجهون صوب خيمة كبيرة لها مدخلان مختلفان وضعت لتقديم الوجبات الغذائية.وفي الجهة المقابلة كانت خيمتان متوسطتا الحجم، احداهما تضم طاقما طبيا يرافق المشاركين في الرالي لمساعدتهم والتدخل في حاجة إذا استدعى الأمر ذلك، فيما كانت الثانية مخصصة للاستفادة من "المساج" بالنسبة إلى الغزلان.انطلاق المنافسة قبل بزوغ الفجر، وفي حدود الساعة الرابعة صباحا، كان صوت نسائي "حنون" يعلو أكثر فأكثر وسط الخيمات الصغيرة حيث كان الجميع يأخذ قسطا من النوم، مرددا "صباح الخير...الساعة 4... وقت الاستيقاظ"، وقتها كان لا بد من الاستعداد وحزم الأمتعة للانطلاق نحو نقطة نهاية المرحلة الخامسة من الرالي، والذي من المنتظر أن يستمر يومين متتابعين، مرورا من طرق وعرة، وصعبة، وقاسية، ومتعبة...، دون التفكير في العودة أو طلب المساعدة، مع الاستعانة بمعدات بسيطة كخريطة وبوصلة ومسطرة، بالنسبة إلى الغزلان، إلا أن اللجنة المرافقة والتنظيمية والصحافيين كانوا بمقدورتهم الاستعانة بجهاز تحديد المكان المتطور.من جديد عاد الجميع إلى خيمة كبيرة من أجل تناول وجبة الفطور، قبل أن تلتحق الغزلان، اللواتي كن في بداية اللحاق حوالي 110 فريق، ينتمين إلى بلدان أوربية وإفريقية وأمريكية، من بينها على الخصوص، فرنسا وبلجيكا والكونغو وكندا وألمانيا والمغرب والسنغال والولايات المتحدة الأمريكية والغابون والأرجنتين ونيجيريا والكاميرون وروسيا وأنغولا، بسياراتهن رباعية الدفع وبعد أن تأكدن من أنها مستعدة لقطع مسافات طويلة على طريق وعرة، وأنه لا يوجد بها أي عطب ميكانيكي، حزمن أمتعتهن واستعددن لإشارة الانطلاق.وبما أن المرحلة كانت باسم "ليكونوميست" قررت اللجنة المنظمة للرالي عائشة للغزلان في دورته 21، أن تعطي ممثلة الجريدة انطلاقة المرحلة. بعد 10 دقائق تقريبا على انطلاق الغزلان، واللواتي سلكن خمسة مسارات مختلفة، تجنبا لمحاولة الغش، حسب قول مرافق "الصباح"، مؤكدا أن هذه الطريقة لن تساعد الغزلان على ملاحقة بعضهن البعض، غادر الجميع المحطة المؤقتة في اتجاه محطة أخرى.وأضاف المتحدث الذي شارك وزوجته على مدى 9 سنوات متتالية في الرالي، في اللجنة المنظمة، أن لجنة خاصة لمراقبة الغزلان والسيارات توقف المشاركات في أي لحظة لتتأكد من أنهن لا يستعن بما يمكن مساعدتهن في تحديد نقطة النهاية، موضحا أنه يسمح للمشاركات باستعمال أدوات بسيطة كخريطة الطريق وبوصلة ومسطرة خاصة.وأضاف أنه في حالة إذا ثبت أن الغزلان استعملت أدوات غير مسموح بها، يتم إقصاؤهن من السباق، وإعادتهن إلى نقطة البداية.فعلى تلك الكتبان الرملية والهضاب الصخرية، لابد من أن يفكر الشخص في الطريقة التي تساعده للخروج، لكن غزلان رالي عائشة، سرحن وواجهن الصعاب والمشاكل، متحديات الخوف وارتفاع درجة الحرارة. لم يكن بمقدورهن التراجع رغم وقوع البعض في الأعطاب الميكانيكية في سيارتهن، فغالبا ما يحاولن تدارك الأمر وإصلاحها من أجل الوصول إلى نقطة النهاية.وفي هذا الصدد، قالت إحدى الغزلان، إنه منذ أن حطت المشاركات في الرالي، بميناء طنجة المتوسط، قادمات من مدينة "سيت" بجنوب فرنسا، وهن يعشن في جو يغمره التحدي والرغبة في المنافسة والفوز وتقاسم لحظات فرح مع سكان المناطق التي سيمر منها الرالي، مضيفة في حديثها مع "الصباح" أنه رغم خطورة ما يمكن أن يتعرضن إليه خلال الرحلة، فإنهن يستمتعن بالمناظر التي يمررن عليها.ومن جانبه، قال أندري مانوكيان فنان فرنسي اختير هذه السنة سفيرا للرالي في دورته ال21، إنه جد سعيد بمنحه هذا اللقب وسعيد أكثر لمشاركته هذه التظاهرة التي يظل أجمل شيء فيها هو المشاركة المطلقة للنساء، وما سيتيحه له الرالي من استمتاع بمناظر المغرب الخلابة والساحرة، مؤكدا في الوقت نفسه، على أن مشاركته ليست فقط بداعي الاستمتاع والاستجمام، ولكن أيضا من أجل العمل الموسيقي، فالمشاركة في الرالي تتيح له فرصة الإلهام وبالتالي إعادة النظر في موسيقاه وفنه.التحدي....بعد أن يبتعدن عن جو المنافسة والتحدي، خلال الاستراحات، تعاود الغزلان من جديد التشمير على سواعدهن من جديد من أجل الوصول إلى نقطة النهاية دون طلب المساعدة، ويظهرن في الصحراء المغربية وهن عازمات على تحقيق حلمهن، متجنبات المشاكل التي يمكن أن تعيق مسارهن، سيما أن رالي عائشة للغزلان يعتبر اللحاق الوحيد في العالم المخصص فقط للنساء، وتشارك فيه منذ دورته الأولى سنة 1990 نساء تتراوح أعمارهن بين 18 و 65 سنة من مختلف الجنسيات، مع اعتمادهن على التوجيه الذاتي ومنع استعمال أجهزة الملاحة لبلوغ الوجهة النهائية بجنوب المغرب. كما يحرص المنظمون على احترام الضرورات البيئية وبث روح التضامن والتعاون بين المشاركات وسكان المناطق التي يعبرها الرالي."التحدي والمنافسة يعلوان المكان وقت انطلاق اللحاق" هذا ما أكدته غزالة وهي تحاول إخراج عجلات سيارتها من الرمال، بعد أن علقت، مشيرة إلى أنه بعد الوصول إلى نقطة نهاية المرحلة، يتلاشى ذلك الإحساس.وتحت أشعة الشمس الحارقة تقول المتحدثة ذاتها، إن التعب ينسى مباشرة بعد أن تغرب الشمس. وهذا بالفعل ما حدث، فبعد أن حل المساء، كان لا بد من التوقف في أقرب مكان، وهناك جدد المشاركون طاقتهم بعد أن قضوا ليلة تحت النجوم وبين أحضان الهضاب الرملية. وغاب حينها عن مخيلة الغزلان تعب الأيام التي قضينها في التحدي والمنافسة بدءا من مكناس وصولا إلى الصويرة، مرورا بأرفود، محاميد الغزلان، فم زكيد ونجاخ، فذلك الجو الشاعري زاد من عزيمة وقوة الغزلان في تحدي ما بقي من الصعاب. ومن جانبها، ترى دومينيك سيرا، مؤسسة الرالي، أن الأخير يعد من الأحداث النادرة، إن لم يكن الوحيد الذي يؤسس للقيم الحقيقية، ويمكن من عيش تجربة فريدة يأخذ فيها مفهوم الإنسانية بعده الكامل.وأضافت أن رالي عائشة للغزلان يضم منذ 21 سنة، نساء من جميع الأوساط الاجتماعية والثقافية وكل الجنسيات، مشيرة إلى أن السرعة ليست معيارا للتصنيف، بل قيادة تقليدية من دون نظام لتحديد المواقع، خارج جميع المسارات في المجال الرائع للفضاء الصحراوي المغربي.وأكد المنظمون أن النساء المشاركات يكتبن، خلال كل سنة، صفحة جديدة في تاريخ اللحاق، من خلال تقاسم القيم الحقيقية للحياة، مثل الشجاعة والتضامن والعزيمة والكرم واحترام البيئة وتقدير الذات.قلب الغزلان "كبير" إلى جانب أن رالي عائشة للغزلان يهدف إلى تعريف بعض المناطق المغربية، وإلى خلق جو المنافسة، فإن هذا الحدث السنوي يهدف أيضا إلى خلق روح التعاون ومساعدة المناطق المغربية المعوزة التي ستمر منها الغزالان.فمن خلال عملية "قلب الغزلان"، التي تحظى بدعم من الحكومة المغربية، يسعى الرالي إلى تطوير مجموعة من المشاريع الرامية إلى استفادة سكان المنطقة من الخدمات الصحية، والتشجيع على التمدرس، ومكافحة الأمية، والاهتمام بالفئات الأكثر هشاشة، ولا سيما الأيتام.انتظار وصول الغزلانفي نهاية المرحلة "الخامسة"، والتي كان من المقرر أن تكون بمنطقة محاميد الغزلان، كان الجميع ينتظر وصول المشاركات، اللواتي أمضين يومين متتابعين في الخلاء، بحثا عن نقطة النهاية، مرورا بتضاريس وعرة، وتهن في المنطقة، ووقفن لساعات لتدارك الأمر، من أجل أن يلحقن بباقي المشاركات، كما كن في الكثير من الأوقات على مقربة من النقطة المقصودة، إلا أنهن لم يعرفن ذلك إلا بعد فوات الأوان أو بعد ساعات من البحث.وبما أن المرحلة الخامسة كانت، من أصعب المراحل، بشهادة اللجنة المنظمة، فإنه إلى حدود الخامسة عصرا، لم تصل غزالة واحدة، مما زاد من مدة الانتظار. إنجاز : إيمان رضيف

رالي عائشة… الغزلان واجهن الصعاب وتحدين المجهول

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رأي: تأملات حول إشكالية الفصل 19 من الدستور

الـحـصـانـة الـبـرلمـانـيـة والمـسـاءلـة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات