يعود مرة أخرى الحديث عن جرائم المختلين عقليا، ليطفو على السطح، إذ تسجل من حين لآخر جرائم يكون أبطالها أشخاص مختلون عقليا، لا يدركون ما يرتكبونه من جرائم، غالبا ما يكون ضحيتها الأصول والقاصرون وغيرهم.فمنذ "إطلاق سراح" المختلين عقليا من "بويا عمر"، والعديد من محاكم المملكة تعرض عليها قضايا تتعلق بجرائم ترتكبها فئة من هؤلاء المرضى نفسيا، ومنهم من كان محتجزا بـ"بويا عمر".فقبل حوالي ثلاثة أسابيع، تعرض طفل دون سن العاشرة بضواحي الصويرة، لاعتداء شنيع بطله مختل عقليا، ووجه ضربات بواسطة حجارة للطفل الضحية، الذي دخل في غيبوبة وتم نقله إلى أحد المستشفيات وظل يتلقى العلاج لمدة ليست باليسيرة، في حين تم إيقاف المتهم، وإحالته على النيابة العامة، التي تبين لها أنه غادر أخيرا ضريح "بويا عمر"، وأنه يعاني اضطرابات نفسية وعقلية، وفقا للخبرة الطبية، ليتقرر إيداعه مستشفى للأمراض العقلية. وقبل ذلك، قررت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بآسفي، إيداع مختل عقلي بمؤسسة لعلاج الأمراض العقلية بمدينة مراكش، على أن يبقى أمر الاعتقال ساريا إلى حين إيداعه المؤسسة المذكورة، و ذلك على خلفية تورطه في قتل متسول باستعمال آلة حديدية.وجاء قرار الإحالة على مستشفى للأمراض العقلية بمراكش، لأن الجناح المخصص للأمراض العقلية بمستشفى آسفي، ورغم تأهيله وعصرنته، فإن طاقته الاستيعابية لا يمكن لها أن تتسع للعشرات بل المئات من المختلين عقليا بآسفي وضواحيها. وخلصت الخبرة الطبية، التي أمرت بها المحكمة، من خلال حكم تمهيدي، والتي عُهد بها إلى طبيب بمستشفى آسفي، إلى أن المتهم يشكو من أمراض الفصام منذ عدة سنوات ولديه أفكار هذيانية مع هلوسة، وهو ما جعل هيأة الحكم، تقتنع تبعا لذلك، بعدم المسؤولية الجنائية للمتهم، وبالتالي تقرر تحويله على مستشفى للأمراض العقلية.وتعود تفاصيل هذه القضية، إلى تلقي عناصر المركز الترابي للدرك الملكي بتالمست التابع لسرية الصويرة، إخبارا من قبل بعض أعوان القوات المساعدة بأن شخصا مختلا عقليا اعتدى بواسطة آلة حديدية عبارة عن قضيب، على متسول.وبمجرد أن غادرت سيارة الدرك مقر المركز الترابي لمسافة قصيرة، حتى تم توقيفها من قبل شاب في مقتبل العمر، ملابسه رثة، وهو يصرخ "أنا اللي قتلتو" ليتم إيقافه، ونقله إلى مركز الدرك، قبل الانتقال إلى مسرح الجريمة، إذ بعد وصول دورية الدرك الملكي إلى فضاء الجريمة، وجدوا جثة الضحية ممددة على ظهرها وسط طريق غير معبدة، يده اليسرى فوق البطن واليمنى مطروحة أرضا وتحمل مبلغا ماليا يتكون من ورقتين ماليتين، كما لاحظ المحققون وجود جرحين غائرين في الرأس، إضافة إلى قطع نقدية متنوعة القيمة متناثرة بجانب الهالك، ليتم نقل الجثة صوب مستودع الأموات بالصويرة، وربط الاتصال بممثل النيابة العامة باستئنافية آسفي، الذي أمر بوضع المتهم رهن الحراسة النظرية والاستماع إليه في شأن المنسوب إليه. وتم العثور بحوزة المتهم على أقراص طبية، لتتم مراجعة صيدلية بمركز تالمست، إذ أكد الطبيب الصيدلي أنها تخص المصابين بأمراض نفسية، ونصح بمنح المتهم واحدة منها ليسترجع هدوءه. وأكد المتهم، خلال الاستماع إليه، في محضر رسمي، أنه لم يسبق له ولوج المؤسسات التعليمية، مبرزا إصابته بمرض نفسي يرغمه على تناول أقراص مهدئة مند ما يزيد عن ثلاث سنوات.وبخصوص الجريمة، أكد أنه كان رفقة الضحية عائدين من السوق الأسبوعي، وفجأة لمح قضيبا حديديا، فحمله وانهال به لمرات عديدة عليه.محمد العوال (آسفي)