“السلفيون”… مشاهد من الجحيم

صحافي موريتاني انغمس ثلاث سنوات في حياة الإرهاب بالساحل ونقل لحظات الرعب تحت حكم الشريعة من هم المنظرون لوحشية "داعش" وروافدها في العالم؟ بماذا يبررون هذا الفكر الذي ينجذب إليه اليائسون فيلتحقون بالجماعات الإرهابية؟ كيف هي الحياة تحت سلطة الإرهابيين؟ هي أسئلة من بين أخرى، تشكل محاور فيلم وثائقي سيخرج إلى القاعات في يناير الجاري، أنجزه صحافي موريتاني، ومخرج فرنسي، بعد أن تمكنا من اختراق جماعات إرهابية بموريتانيا وتونس وليبيا، فنقلا مشاهد وتصريحات تظهر أن باقي الجماعات متعاطفة مع "داعش" وتؤيدها، وأن فتاواها بموريتانيا تطبق بالرقة وحلب في سوريا. امحمد خيي (بتصرف عن مجلة ماريان) "آلة تصوير داخل جهنم"، هو الوصف الذي يستحق أن يكون عنوانا للحقائق التي نقلتها كاميرا السينمائيين الفرنسيين لامين ولد سالم وفرانسوا ماركولان، من قلب أزقة تومبوكتو التي احتلها الإسلاميون في 2012، ومن داخل قاعاتهم لتطبيق الشريعة على اللصوص وتنفيذ الأحكام أمام الملأ فوق التلال.إنها مشاهد ستجعل الفيلم الوثائقي الذي سيخرج إلى الوجود قريبا شيئا استثنائيا، سيما أن رجالا يعتبرون أنفسهم سلفيين، واستولوا على السلطة بالقوة على غرار نظرائهم بشمال مالي، قبل التدخل الفرنسي، وقفوا أمام الكاميرا، بوجوه مكشوفة، ليبرروا المذابح الإرهابية بفرنسا وتونس."إن هدفنا، هو أن نظهر، أنه في الواقع، يوجد فكر يستند عليه الذعر والإرهاب في أي مكان، وهذا الفكر هو السلفية"، يشرح فرانسوا ماركولان. "حانت الساعة" لقد تطلب الأمر المخاطرة، وبدأت المغامرة أثناء سقوط طرابلس في ليبيا، بلقاء بين فرانسوا ماركولان مع لامين ولد سالم، الصحافي الموريتاني المهتم بشؤون الجهاديين في الساحل الإفريقي، وجذبت مواده الإعلامية التي أنجزها وبثت على قنوات إخبارية دولية، الانتباه، فتمكن بفضل مصادره وعلاقاته، من دخول تومبوكتو في ربيع 2012، لحظة سيطرة "جماعة أنصار الدين" عليها."جنسيتي الموريتانية وعلاقاتي الداخلية، كانت مصدر حمايتي الوحيد"، يوضح الصحافي، مضيفا "الجماعة المسلحة لم تكن لديها أي مصلحة مالية أو رمزية لتتخذني رهينة لديها، وقبل سانضا ولد بوعمامة، الناطق الرسمي باسم جماعة أنصار الدين، أن أصور، بشرط الامتثال لأوامرهم ومراقبتهم، الشيء الذي مكنني من الحصول على مشاهد للحياة اليومية تحت أحكام الشريعة".وكي ينجح لامين ولد سالم، في المهمة، كان عليه الانغماس تحت السلطة الجديدة، فشرع في أداء الشعائر الدينية، وعندما يريد التدخين يقوم بذلك في الخفاء مرتجفا، "يا للعار، لقد كانت تصرفاتي وأنا في ذلك العمر، تجعلني مثل طفل مشاغب"، فعندما يكون الإرهاب في السلطة، يعيش الجميع مشتبها فيهم.انطلق التصوير: مليشيات الآداب والأخلاق، دوريات الحسبة، تطوف الأزقة لمراقبة ارتداء النساء للحجاب والنقاب ولإيقاف غير المنضبطات لأحكام الشرع. ويقول علي توري، ضابط الشرطة الإسلامية لجماعة أنصار الدين: "هنا، حتى الفتيات الصغيرات محجبات، أقلع الجميع عن التدخين، ولم تعد هناك موسيقى، إن الأمور تسير بشكل جيد، منذ أن شرعنا في تنفيذ أحكام الرجم وقطع يد السارق. لقد قمنا في البداية بوعظ الناس وإرشادهم في المساجد، ولما حانت الساعة، وضعنا الأسلحة في أيدينا".وبلغة فرنسية جيدة، يقول عمر ولد محمد، أحد قياديي جماعة أنصار الدين: "حصلت على شهادة الباكلوريا، والآن أنا مجاهد، أسدلت لحيتي واعتنيت بها بالحناء، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، أمرنا بالتميز عن اليهود والمسيح".وفي المحكمة الإسلامية، تم إنزال العقاب على شاب متهم بالسرقة، بقطع يده اليمنى، ويقول سانضا ولد بوعمامة، الناطق الرسمي لأنصار الدين: "لقد أعادنا دين الله إلى هذه الربوع، وبالصبر يتقوى الجهاد. إن هدفنا هو أن تسود الشريعة كافة أصقاع مالي، وإذا تدخلت قوات حلف شمال الأطلسي، فنحن مستعدون لمضاعفة 11 شتنبر 2001 عشر مرات".محاكمة شعبية وعمومية: المتهم شاب طوارقي، عضو في الجماعة الجهادية. سمح للامين ولد سالم، بتصوير القضاة والشهود، لكن سحبت منه "الكاميرا" لحظة تنفيذ حكم الإعدام، ونجح في إرسال قصاصة إخبارية إلى صحيفة "ليبيراسيون" حول تفاصيل المحاكمة والإعدام في نونبر 2012، وفي ما بعد، قام المخرج الشهير عبد الرحمان سيسيكو، الذي كان شريكا في المشروع في بدايته، بتوظيف الصور في فيلمه "تومبوكتو".

“السلفيون”… مشاهد من الجحيم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جانح "يشرمل" تلميذة

تبرئة متهم بهتك عرض قاصر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات