مديرية تتبع البرامج .. عيون لا تنام

تضع بملاحظاتها وتقاريرها أولى اللبنات والدعائم التي تعتمدها "الهاكا" في قراراتها وتوصياتها تمثل مديرية تتبع البرامج داخل الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، عصب الهيأة برمتها، إذ تعتبر الراصد لكل ما يجري على القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية بكل تمظهراتها والتزاماتها وتجاوزاتها. كما تضع المديرية بملاحظاتها وتقاريرها أولى اللبنات والدعائم التي تعتمدها الهاكا في صياغة القرارات والإستراتيجيات والتوصيات. تقع على عاتق المديرية مسؤولية تتبع ورصد الخدمات التي يقدمها المتعهدون في المجالين السمعي والبصري، ومراقبة مدى التزامهم بمقتضيات دفاتر التحملات، كما تصدر في هذا الشأن تقارير فصلية ودورية ترصد المظاهر الإيجابية والسلبية في الخدمات التي يقدمها المتعهدون، بالإضافة إلى أنها مرجع يمكن التحقق من خلاله من كل التجاوزات والعودة إلى المواد أو البرامج موضع نزاع أو قرار أو ملاحظات، نظرا للكم الهائل من الأرشيف الذي تتوفر عليه. وحدة التلفزيونتعد وحدة التلفزيون من بين أربع وحدات تتشكل منها مديرية تتبع البرامج. ومن مهامها مراقبة برامج 10 قنوات تلفزيونية على المستويين الكمي والكيفي، إلى جانب إعداد تقارير سنوية وفصلية حول التزامات المتعهدين بمضامين دفاتر التحملات الموقعة مع الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، والاشتغال على الشكايات الواردة من مختلف المعنيين، وإعداد دراسات موضوعاتية، سواء في إطار البرنامج السنوي لوحدة التلفزيون أو بطلب من الرئيس والمدير العام.وبالنظر إلى أن مهام مراقبة القنوات التلفزيونية ترتكز بالدرجة الأولى على عنصري الصورة والصوت، فإن إتمام هذه المهمة يتطلب مجهودا إضافيا بالنظر إلى ضرورة الوقوف بدقة على الخروقات المسجلة بحسن أو سوء نية خصوصا في مجال الإشهار.وبالنظر إلى صعوبة تتبع جل برامج القنوات وما يتطلبه ذلك من توسيع رقعة العاملين والمساحة الزمنية المخصصة للمراقبة، فإن مديرية تتبع البرامج توصلت إلى طريقة يتم من خلالها التركيز على البرامج الأكثر حساسية أو المرشحة لارتكاب مخالفات بناء على تقارير سابقة، وبالتالي يتم إعداد برنامج للتتبع الأسبوعي وإشعار المديرية العامة بأي خرق، من خلال تقرير ينجز في حينه من أجل إحالته على المديرية القانونية وأعضاء المجلس، ومن بين فترات العمل التي تعرف ضغطا كبيرا هناك شهر رمضان المعروف بكثرة إنتاجاته الدرامية ولجوء المعلنين إلى بث أكبر قدر من الوصلات الإشهارية، ما قد يخل بالالتزامات الكمية للقنوات في مجال الإشهار، ثم خلال الحملات الانتحابية سواء الجماعية أو البرلمانية من أجل الوقوف على مدى احترام القنوات للتوازن وتفادي، مثلا، استغلال رموز وطنية ودينية للتأثير على المشاهدين.وحدة الإذاعةأما وحدة الإذاعة بمديرية تتبع البرامج، فهي خلية لا تهدأ، تعكس التدفق الغزير للمضمون الإذاعي الذي تضاعف حجمه مع تحرير القطاع السمعي البصري، لترصد كل كبيرة وصغيرة تصل إلى أسماع المواطن المغربي، وتتابع كل ما تقدمه الخدمات الإذاعية التي تبث برامجها داخل المغرب، العمومية والخاصة، الموضوعاتية والعامة، الجهوية والوطنية، هذا العرض المتنوع والمتعدد الموضوع رهن إشارة المستمع المغربي، يفترض أن يستجيب لحاجاته وتطلعاته الإخبارية والثقافية والترفيهية والتربوية، دون أن يخل بثوابت المجتمع المغربي وقيمه.الخلية ترى نفسها أنها تحمل على عاتقها مسؤولية الحفاظ على مصداقية المنتوج الإذاعي، باعتباره يشكل مصدرا أساسيا للمعلومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية والدينية لعامة الشعب المغربي بمختلف مكوناته، لذلك فهي تخضع العرض الإذاعي الوطني لسلسلة من العمليات التحليلية والتقييمية، الهدف منها الوقوف على درجة احترام مبادئ قانون الاتصال السمعي البصري المنظم للمجال والأخلاقيات الكونية للعمل الإذاعي، ثم تختبرها بمقاييس ومعايير إحصائية علمية دقيقة لتقف على مدى تمكن صناع المنتوج الإذاعي من إنزال تعهداتهم التي بمقتضاها تمكنوا من الحصول على رخص استغلال أثير البث، على أرض الواقع، عبر تقارير يومية وأسبوعية وشهرية وسنوية، توضع رهن إشارة المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري ليبت فيها.وسيلتها في ذلك الآذان الاستثنائية لأطرها، التي تستطيع التقاط كل ما لا تطيقه الآذان السليمة، وأنظمتها المعلوماتية التي استطاعت بتعاون مع وحدة المعلوماتية داخل المؤسسة نفسها تطويرها وملاءمتها حتى تتمكن من متابعة ما تحمله أمواج 32 محطة إذاعية، أي ما يعادل 570 ساعة من البث يوميا.وحدة التعدديةتقوم وحدة التعددية باحتساب نسب تدخلات الفاعلين السياسيين والنقابيين وضمان ولوج متساو إلى وسائل الإعلام السمعي البصري. كما تتابع تدخلات الشخصيات العمومية باستعمال برنامج معلوماتي تم تطويره داخل الهيأة يسمى «بليراليزم هاكا»، يسمح بتقطيع تدخلات المتدخلين وتصنيفها. ويوفر بالتالي قاعدة بيانات يتم تطويرها وتعزيزها يوميا إذ تجاوزت 6000 شخصية. هذه القاعدة تضم جميع أعضاء الحكومة والقيادات الوطنية لجميع الأحزاب السياسية المعترف بها قانونيا والقيادات الوطنية للمركزيات النقابية والمنظمات المهنية الكبرى وأعضاء ورؤساء الغرف المهنية في مختلف عمالات وأقاليم المملكة. ويجب أن لا يتجاوز مجموع تدخلات الحكومة وأحزاب الأغلبية، ضعف تدخلات ممثلي المعارضة. أما الأحزاب غير الممثلة في البرلمان فلديها 10 في المائة من مجموع تدخلات الحكومة والأغلبية والمعارضة. وتهدف هاته النسب التي يحددها القانون ضمان ولوج منصف للحكومة والأحزاب السياسية لوسائل الاتصال السمعي البصري.وحدة التنوع الثقافي واللغويفي الإطار نفسه، أحدثت الهاكا، أخيرا، وحدة داخلية جديدة بمديرية تتبع البرامج، مكلفة بمعالجة موضوع التنوع الثقافي واللغوي على مستوى البرامج السمعية البصرية المقدمة من طرف المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية العمومية والخاصة.وتأتي هذه الخطوة كتكملة للمسار الذي كانت قد دشنته الهاكا خلال السنوات الماضية بخصوص هذا الموضوع، والذي توج بالتنصيص على مجموعة من المقتضيات القانونية والتعاقدية لضمان التنوع اللغوي والثقافي في دفاتر تحملات الإذاعات والقنوات التلفزيونية، وكذا إحداث مجموعة عمل داخلية لمقاربة هذا الموضوع برئاسة عضو المجلس الحسان بوقنطار، ثم إصدار تقارير دورية بهذا الخصوص، كان آخرها تقرير حول الأمازيغية في الإعلام السمعي البصري الوطني خلال النصف الأول من سنة 2010، وأخيرا إضافة تبويب جديد في تقارير التعددية التي تصدرها الهاكا، خاص بمعطيات كمية حول نسبة تدخلات الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات بالأمازيغية مقارنة باللغتين العربية والفرنسية. إذ يشير تقرير التعددية الخاص بالنشرات الإخبارية خلال الشهور الثلاثة الأولى من سنة 2010 إلى أن نسبة هذه التدخلات بالأمازيغية بلغت في القناة الأولى 4 في المائة و7 في المائة بالفرنسة و89 في المائة بالعربية، في حين جاءت هذه النسب في القناة الثانية على الشكل التالي: 10.5 في المائة بالأمازيغية، 33 في المائة بالفرنسية و57 في المائة بالعربية. ومن أهداف هذه الوحدة الجديدة مراقبة وتتبع مدى حضور التنوع الثقافي (التنوع الموسيقي، العادات والتعابير الشفوية، الطقوس الروحية والأحداث الاحتفالية، المهن التقليدية، العادات الغذائية...) واللغوي المغربي (العربية، الدارجة المغربية، الأمازيغية بتعابيرها الثلاثة والحسانية) في وسائل الإعلام السمعية البصرية المغربية، وكذا مدى احترام التزاماتها الكمية والنوعية المتعلقة بالأمازيغية. وستتكون الوحدة من 3 مراقبين: واحد مكلف بالإذاعات الخاصة، وثان بالإذاعات العمومية وثالث بالقنوات التلفزيونية. إكراهات التعددية أكد أحمد الغزلي، رئيس الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، في حوار سابق مع «الصباح» بخصوص بعض الإكراهات التي تحول دون احترام مبدأ التعددية، على أن الهيأة، وبعد ست سنوات من الممارسة كمقنن للمجال، حاولت طيلة هذه المدة وضع نظام يخول لجميع تيارات الفكر والرأي التعبير عن نفسها في الإعلام السمعي البصري العمومي والخاص بشكل منصف.وحول النقط الإيجابية التي تم تحقيقها قال الغزلي، «وضعنا ترسانة قانونية ومعيارية وتنظيمية تضمن التعددية. هذا أمر مهم جدا، فبرغبة سياسية من الدولة، وضعنا ترسانة قانونية تمنح الأحزاب السياسية والنقابات والمنظمات المهنية والجمعيات ذات البعد الوطني حق الولوج إلى وسائل الإعلام بشكل منصف خلال الفترات العادية. وثانيا، بعد ست سنوات من العمل الميداني، سجلنا نوعا من الارتياح لدى المتعهدين والأحزاب والنقابات، ونتلقى الكثير من رسائل الشكر والامتنان بخصوص العمل الذي نقوم به في هذا الإطار».كما نسجل اليوم أن البرامج الحوارية صارت أكثر تطبيقا لمبدأ التعددية مقارنة بالنشرات الإخبارية. وحول النقط السلبية في تدبير التعددية السياسية قال الغزلي إنها مرتبطة أساسا بطبيعة النشاط السمعي البصري، لأنه لم يصل بعد إلى المستوى النموذجي ليكون وعاء حاضنا لضمان التعددية السياسية. «وعندما أتحدث عن طبيعة النشاط السمعي البصري، أقصد علاقة وسائل الإعلام السمعي البصري مع المجال المجتمعي والاقتصادي والسياسي، والوعي الذي يجب أن يكون لدى المتعهدين بخصوص الدور الذي يلعبونه داخل المجتمع. ما أريد قوله هو وجود مشكل هيكلي يحد من ضمان تعددية التعبير عن التيارات من طرف وسائل الإعلام السمعي البصري التي مازالت تتلمس طريقها نحو مستوى يؤهلها لتكون في تناغم مع تحديات المجتمع وتطوره. المتعهدون ليسوا الوحيدين المسؤولين عن هذا الوضع، فوسائل الإعلام السمعي البصري ليست إلا انعكاسا لمجتمع في تطوره، يحركها في تحولاته، فرافعات المجتمع يجب أن تكون ثقافية واقتصادية وسياسية، كما على وسائل الإعلام السمعي البصري أن تعي بأنها عنصر أساسي في تحول المجتمع وتطوره ويكون هذا الوازع دائما حاضرا في مسارها وأدائها». جمال الخنوسي

مديرية تتبع البرامج .. عيون لا تنام

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أبناء القذافي يسعون إلى الهروب من ليبيا

فيصل العرايشي يدعو إلى تغيير هوية "الرابعة"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات