هـل يصلـح العطـار ما أفسـده الدهـر؟

إدماج المواطنة في برامج المدرسة لا يكفي للقضاء على ״قلة التربية״ تطرح إشكالية تراجع قيم المواطنة، وتنامي المظاهر المخلة بالسلوك المدني المتحضر، في حياتنا اليومية، العديد من الأسئلة، حول أسباب هذا التراجع المريب في السلوك السوي، لدرجة أصبحنا نتساءل هل مازال هناك أمل للإصلاح في ظل «مواطن غير صالح»؟.ويتساءل الجميع عن أسباب هذا المنحدر الفظيع في السلوك اليومي الذي يعكس غياب حس المواطنة، من قبيل انتشار مظاهر التخريب، وعدم احترام القانون، وممارسات الرشوة، والتملص الضريبي، وسيادة ممارسات الغش في جميع مناحي الحياة، وعن دور التنشئة الاجتماعية والمدرسة في تعميم التربية على المواطنة، ونشر قيمها.إن المتأمل للعديد من السلوكات في حياتنا اليومية، وفي أوساط مختلفة، يلاحظ أن الأمر يكاد يصبح سلوكا عاديا، بل غير مفكر فيه، رغم مظاهره المثيرة والمستفزة. فإذا كانت التربية على المواطنة تتوخى تنمية الوعي بالحقوق والمسؤوليات الفردية والجماعية، والتدرب على ممارستها، فإن المسؤولية هنا تلقى بالدرجة الأولى على الأسرة أولا والمدرسة ثانيا، وباقي مؤسسات المجتمع، ثالثا.إن المواطنة، هي شعور جماعي يدركه الفرد من خلال علاقته بالآخر، من حيث وعي الذات لدى الإنسان من خلال المجموعة، ومن حيث علاقة الفرد بمجتمعه، وما ينتج عنها من علاقات، ومن حيث علاقة الفرد بالدولة، وما ينتج عنها من ارتباطات.وفي هذا الصدد، يرى سامر أبو القاسم، الخبير في قضايا التربية على المواطنة، أنه من المفروض مأسسة التنشئة الاجتماعية على ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان، وتملك قيمها ومبادئها ومفاهيمها من قبل المكونات المشرفة على التأطير والتوجيه، وأنسنة العلاقات داخل فضاءات التنشئة والتكوين، وتنمية التوجهات والمواقف والسلوكات المدنية.وأوضح أبو القاسم، في حديث إلى "الصباح"، أن التربية والتكوين، هي رهان التعبير عن الانضباط لإرادة المجتمع، وكسب رهان الإنتاجية والتدبير العقلاني، ورد الاعتبار إلى المدرسة، حتى تضطلع بأدوارها كاملة في التنشئة والتربية على المواطنة. ورغم الاهتمام الذي يوليه المجتمع لإصلاح منظومة التربية، والدعم القوي لتمويل البرامج الإصلاحية، إلا أن المدرسة ما زالت في منأى عن تحقيق الغايات الكبرى، المتمثلة في ترسيخ قيم المواطنة الحرة وتنمية روح المسؤولية ونشر السلوكات المدنية المتشبعة بروح المواطنة، حسب أبو القاسم، الذي يضيف، أنه رغم وجود برامج تهم التربية على المواطنة، فإن المدرسة نفسها أصبحت تعرف انتشارا متزايدا لسلوكات وممارسات «قلة التربية»، وضعف تمثل قيم المواطنة.وتكفي زيارة المؤسسات التعليمية للوقوف عند تراجع التربية على المواطنة، والقيم الأخلاقية عموما، فبالأحرى خارج المؤسسات التربية، وفي الشارع العام، حيث تسود الممارسات المخلة بالقانون، وبالسلوك المواطن السوي، وتصبح بادية للعيان، خاصة في الفضاءات العامة، مثل الملاعب والأسواق، والساحات العمومية، يقول أبو القاسم. وإذا كانت مهمة المدرسة هي التأثير في سلوك الأفراد، تأثيرا معقلنا ومنظما، وفق ما يحدده المجتمع العصري، وإذا كان مجهودها يقاس بمدى تحقيقها لمهمتها، فإن معطيات النتائج المحصلة، يقول سامر أبو القاسم، تؤشر اليوم على أنها ما زالت غير قادرة على تفجير الطاقات الفردية، وتحقيق الاندماج المجتمعي، وإكساب الناشئة مقومات التنشئة الاجتماعية المؤسسة على قيم المواطنة. ويبقى اعتماد البعد الحقوقي مدخلا لهذه التنشئة، يضيف أبو القاسم، مشيرا إلى أن الارتكاز على ثقافة حقوق الإنسان في المنظومة التربوية، تأتي في سياق رؤية تطمح إلى أن تشكل هذه المنظومة منطلقا لترسيخ الوعي بالمسؤولية، ومجالا للتربية على قيم المواطنة، وميدانا لترجمتها إلى ميولات ومواقف وسلوكات مدنية.إن الحديث عن التنشئة الاجتماعية، لا يعني إهمال باقي الموضوعات المعنية بتقييم مسار الإصلاح على مستوى الحكامة وتدبير منظومة التربية، والإصلاح البيداغوجي بالتعليم الأساسي والثانوي، والحياة المدرسية، والبحث العلمي والتربوي، وإستراتيجية استكمال الإصلاح، والموارد البشرية، ومحاربة الأمية والتربية غير النظامية، فكل هذه المستويات، لها أهميتها في نشر قيم المواطنة والتربية على السلوك المدني في الحياة اليومية، يقولأبو القاسم. برحو بوزياني

هـل يصلـح العطـار ما أفسـده الدهـر؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

35 ترشيحا لمنصب الكاتب العام لوزارة الشباب

حصاد: أوربا تريد استنساخ تجربة "المقدمين"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات