السلفية الجهادية…السقوط الحر

المراجعات "الفكرية" وإعلانات التوبة وسرعة الإدماج تنهي ظاهرة "الشيوخ" فتح العفو الملكي الأخير عن الدفعة الأولى من لائحة الشيخين السلفيين حسن الخطاب وعبد الكريم الشاذلي، صفحة جديدة في تاريخ معتقلي السلفية الجهادية بالمغرب، خاصة أن الشيخ الخطاب خرج حاملا معه مشروعا جديدا، حظي بمباركة الأجهزة الأمنية، وجهات أخرى، لإدماج هذه الفئة اجتماعيا وسياسيا والقطع مع مرحلة التطرف والتكفير، وضمان الحد من حالات العود إلى السجن في قضايا وخلايا إرهابية جديدة.المشروع كبير، والحديث فيه، لن يكتمل إلا بعد أن يفرج عن أزيد من 400 معتقل سلفي، أعلن 300 منهم انضمامهم إلى مشروع التوبة ففتح جلالة الملك في وجوههم باب المغفرة. المراجعات الفكرية... مطالب عفو مشفرة مجرد كتابات ومساهمات أدبية لنبذ الإرهاب وطلب "المناصحة والمصالحة" يصعب الحديث عن مراجعات فكرية مركزية لشيوخ ورموز ما يسمى، إعلاميا، بالتيار السلفي الجهادي في المغرب، لغياب، أولا، امتدادات تنظيمية وازنة لهذا التيار خارج السجون والمعتقلات، وثانيا لانعدام أدبيات فقهية وتراكمات حقيقية على مستوى التأليف والتنظير والتأسيس لخطاب تكفيري أو جهادي ذي خصوصية، يختلف مثلا عما جرى ويجري في أقطار أخرى مثل مصر والسعودية وليبيا واليمن.يضاف إلى ذلك، أن الأسماء التي يروج أنها قادت المراجعات الفكرية داخل السجون والمعتقلات، باستثناء الشيخين محمد الفيزازي وعبد الكريم الشاذلي، حديثة السن ولم تتجاوز أعمارها، وقت وقوع أحداث البيضاء العقد الثالث، ومنهم، مثلا، عمر الحدوشي (من مواليد 1970)، وحسن الكتاني (1972) وعبد الوهاب رفيقي، الملقب بأبي حفص (1974)، دون التشكيك في الرصيد الفكري والعلمي لهؤلاء. فتيار السلفية الجهادية في المغرب، باعترافات بعض رموزه أنفسهم، "ليس تنظيما أو جماعة، وإنما هو مجموعة تصورات تخص أفرادا بعينهم، ويحصل أن تجتمع مجموعة من الأفراد على أحد هذه التصورات، ثم سرعان ما يؤسس فرد من هذه المجموعة مجموعته الخاصة".ويفصل منتصر حمادة، الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية، في هذه النقطة، مؤكدا أن استعمال مصطلح السلفية الجهادية انتقل من التناول الإعلامي إلى التناول الأمني، خاصة بعد صدمة اعتداءات البيضاء الإرهابية، التي عجلت بخروج المغرب من «الاستثناء الإسلامي الحركي»، وسوف يدقق حينها، في ما يميز خطاب السلفية الجهادية عن خطاب باقي التيارات السلفية، التي كانت وما زالت توصف بأنها سلفية علمية، أو سلفية تـــــــــقليدية.ويقول حمادة، في حوار سابق مع «الصباح»، إن التقليل من أحقية الحديث عن «مراجعات» في الحالة المغربية، لا يحول دون إدراج التطورات التي طالت مواقف أهم رموز تيار «السلفية الجهادية»، في إطار خيار «المراجعة» أو الإقرار بالسقوط في «مسالك ضيقة وأخطاء قاتلة»، كما نقرأ في الوثيقة المرجعية الصادرة عن عبد الوهاب رفيقي، وجاءت تحت عنوان «أنصفونا»، والتي قدمها «منتدى الكرامة» في مارس 2010، ونتذكر أن عبد الوهاب رفيقي أصدر نداء إلى «شباب الأمة» من المعتقلين السلفيين، يحثهم على إدانة الأعمال التخريبية عقب أحداث 11 مارس 2007.ضمن مشروع «المراجعات» نجد أيضا، مبادرة علي العلام، أحد رموز الجيل الأول من «الأفغان المغاربة»، والذي دعا في 2007 إلى تأسيس تيار «السلفية الحركية»، وهناك أيضا، «مراجعات» حسن الخطاب (أطلق سراحه قبل أيام)، عندما أعلن عن تبني مبادرة تحمل شعار «المناصحة والمصالحة»، وتروم دعوة المعتقلين السلفيين لـ»عدم تكفير المجتمع والمسلمين بغير موجب شرعي»، كما أصدر كتابا نشر عبر حلقات في إحدى الأسبوعيات المغربية، ويحمل عنوان «الكواشف الجلية في تحريم قتال الشعوب العربية»، ويمكن أن نضيف أيضا، دراسة لحسن الكتاني، تنتقد المنظومة السلفية الوهابية في نسختها النجدية، أي النسخة الأكثر تـــــــــــــشددا.هذه الكتابات المحدودة لم ترق إلى مستوى مراجعات فكرية بالمعنى الفقهي والإيديولوجي المتعارف عليه، بل ظلت في إطار الرسائل المشفرة الموجهة من بعض رموز التيار السلفي إلى أجهزة الدولة لفتح قنوات للتفاوض، أو لطلب العفو بشكل غير صريح، سيما بعد إعلانهم، لمناسبات مختلفة، تبرؤهم من الأحداث الإرهابية، وإدانتها في بعض الأحيان (حالة أبي حفص).ويبدو أن الربيع العربي عجل بانتقال رموز التيار السلفي من موقع إلى آخر، بعد أن تأكد أن ثورات التغيير الكبرى لا تؤتي ثمارها بالضرورة عبر إراقة الدماء والجهاد التكفيري للأنظمة، بل بمظاهرات سلمية وعفوية في الشارع (حالة مصر وتونس وليبيا نسبيا).يوسف الساكت الخطاب يجمع السياسيين يستعد الشيخ حسن الخطاب، الذي غادر أسوار السجن، بعد 9 سنوات من الاعتقال، بعفو ملكي، بمناسبة المسيرة الخضراء، لعقد أكبر لقاء يجمع أتباع ما أسماه «التيار السلفي الصامت»، منهم معتقلون سابقون، ومستفيدون من العفو، وسلفيون يتقاسمون مع الخطاب أرضية مشروعه الإصلاحي.وحسب ما أوردته المصادر ذاتها، فإن الشيخ السلفي، نسق من داخل زنزانته، قبل خروجه ليل الخميس الماضي، من السجن بعفو ملكي، لقاء سيجمع حزب العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة والاستقلال والاتحاد الاشتراكي، وغيرها من الأحزاب السياسية، لحضور اللقاء، الذي سيشارك فيه، حسب ما أسماه الخطاب، على لسان مقربين منه، أتباع «التيار السلفي الصامت». من جهته قال الخطاب، في اتصال هاتفي أجرته معه «الصباح»، إن اللقاء سينظم، الأربعاء المقبل، في قاعة الحرية بفاس، مضيفا «سأحضره بصفتي المنسق العام لهذا التيار». ووجه الخطاب رسالة إلى السلفيين، يدعوهم إلى الحضور بكثافة، الأربعاء المقبل، في أول لقاء تأسيسي للتيار السلفي الإصلاحي بفاس، ودعا من خلالها السلفيين إلى المشاركة بالآلاف، الذي سيحضره، كذلك، السلفي عبد الكريم الشاذلي، أحد شيوخ السلفية بالمغرب، وشيوخ سلفية تقليديين والشيوخ المفرج عنهم. ض.ز

السلفية الجهادية…السقوط الحر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مختصرات

التحقيق في ملف سطو على عقارات محفظة

مقالات ذات صلة