مفــاوضــات مهــدت للإفـراج

الشيخ السلفي سبق خطوة العفو بتأسيس تيار سلفي إصلاحي يبدو أن الشيخ السلفي حسن الخطاب، نجح في ما فشل فيه باقي الشيوخ، الذين استفادوا قبله من عفو ملكي، إذ لم ينجحوا في جمع السلفيين حول مشروع واحد، بل على عكس ذلك ظهرت بينهم خلافات أنزلت بهم لعنة "اتفق الشيوخ ألا يتفقوا". ونجح كذلك الشيخ ، من داخل زنزانته، بأيام، في التنسيق للقاء وصفه ب"الكبير"، يجمع تحت مظلته التيار السلفي، وهو ما لم يقدر عليه الشيوخ الذين استفادوا قبله من العفو، إذ لم ينتظر السلفي إلى أن يخرج لوضع اللبنة الأولى لمشروعه، بل شرع في ذلك من داخل زنزانته، وحدد الأربعاء المقبل موعدا لتأسيس التيار السلفي الإصلاحي رسميا.ويبدو، كذلك، أن مشروع الخطاب، وهو الورقة الأخيرة التي ستلعبها الدولة في الحقل السلفي، لإخراج "التيار الصامت" من قوقعته، بازل متكامل القطع، استغرق الخطاب سنوات لإعداده وإقناع المعتقلين به، وعرضه على مفاوضين متعددين بعضهم يمثل الأجهزة الأمنية، وبعضهم يمثل وزارة العدل وآخرون عن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في عهد أحمد احرزني، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان.أخرج الخطاب، بعد بضع سنوات من اعتقاله، في خلية أنصار المهدي، التي اعتبر أميرها، والتي ضمت لأول مرة نساء، مشروعا أطلق عليه "المصالحة الوطنية هي طريق المواطنة"، وتزامنت هذه المبادرة مع مبادرة أخرى أطلقها عبد العالي العلام، الذي انتقل من صف المؤيدين للجهاد المسلح بعد تجربة في أرض المعركة بأفغانستان إلى جانب حركة طالبان، دعا فيها إلى "الجهاد السياسي". غير أن المبادرتين، وإن كانت لجن أمنية حلت بالسجون لفتح حوار مع أصحابها، لم تلق تجاوبا كبيرا من قبل السلفيين، خاصة المعتقلين.فشل المبادرة الأولى لحسن الخطاب، يرجع بالأساس إلى رفضها من قبل بعض السلفيين، والذين لم يكتفوا بموقف الرفض فحسب، بل شن بعضهم معركة شرسة ضد الشيخ، وصفوه بها بمحاباة الأجهزة الأمنية، غير أن الرجل عكف على إعداد مشروع أكثر إقناعا، وأكثر متانة، من ذاك الذي تسلمه منه أحمد احرزني وجهات أمنية.المشروع الثاني الذي دخلت على خطه عدة أطراف ضمنها حزب النهضة والفضيلة ووزارة العدل والحريات وإدارة مراقبة التراب الوطني ومندوبية السجون، وجمعية منتدى الكرامة، كما زار وفد الخطاب في السجن، وقدم نفسه على أنه مبعوث رئيس الحكومة، (المشروع) لقي تجاوبا أكثر لدى معتقلي السلفية، ونجح في تحريك عجلة نقاش داخل السجون، قبل أن تقرر مجموعات كبيرة منهم توقيع رسائل الانضمام إليه تبني أرضيته.وجرت هذه المبادرة على حزب العدالة والتنمية انتقادات واسعة، بعد أن اتهم بمحاولة استغلال مبادرة الخطاب في الانتخابات، خاصة أن توجه وفد يمثل رئيس الحكومة ترأسه عبد العالي حامي الدين، لفتح مفاوضات مع الخطاب، لتخرج تصريحات تتهم بنكيران ب"العمل السري" في ملف السلفية. مبادرة المصالحة والمراجعة التي أسسها حسن الخطاب وانضم إليها عبد القادر بليرج وعبد الرزاق سوماح عن حركة المجاهدين، حملت عدة وفود إلى زنزانة الخطاب، خاصة بعد دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام، ولم تنقطع حبال الحوار مع الشيخ السلفي باعتباره منسقا عاما لما سمي آنذاك بهيأة المصالحة والمراجعة، وتركزت حول نقطة وحيدة، وهي نفسها التي أجلت خروج الخطاب من السجن، بعد أن استفاد كل شيوخ السلفية من العفو الملكي. وتتمحور هذه النقطة حول مشروعه لما بعد الخروج، خاصة بعد تفرق الشيوخ الذين أفرج عنهم سابقا ومعهم السياسيون الستة في ملف بليرج، ما شكل فشلا ذريعا حتى للتيار الذي دافع داخل الاجتماعات الأمنية عن طي صفحة الشيوخ، وذلك بسبب عدم قدرة المستفيدين من العفو على خلق مشروع يجمعون حوله جميع السلفيين، وتأكد ذلك بالتحاق بعضهم بالجماعات المقاتلة في سوريا ومالي وليبيا. وركز الحوار والمفاوضات مع الخطاب، حول مشروع جمعية أو حزب لجمع الأسماء التي ستستفيد من الإفراج، أو الالتحاق بحزب النهضة والفضيلة، وهي الضمانة التي تبحث عنها الدولة لدى الخطاب، غير أن العدالة والتنمية أظهر رغبة في الاستفادة من بعض الوجوه السلفية. تأخر خروج الخطاب، منحه وقتا أكبر لتنقيح مشروعه، قبل أن يخرج في صيغته النهائية "التيار السلفي الإصلاحي"، وضع فيه ما أسماه "أجوبة على التحديات الراهنة وفق المفاهيم المعاصرة"، فصل فيها في قضايا المرأة وهيآت المجتمع المدني وإمكانية تأسيس حزب سلفي، وهو المشروع الذي لم يتحدث فيه باقي الشيوخ في مراجعاتهم، بل انتظروا دعوة للانضمام إلى تجارب سابقة.ضحى زين الدين

مفــاوضــات مهــدت للإفـراج

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الخطاب وسوماح... نهاية مرحلة

أبو حفص: على الدولة إدماج المستفيدين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات