ابتدائية سلا… جلسات بصيغة المؤنث

ممثلة للنيابة العامة ورئيسة للجلسة وكاتبة ضبط وشرطيات يدرن جلسات الاعتقال هن شابات في مقتبل العمر، يدرن جلسات للتقاضي بين الفينة والأخرى، في الملفات الجنحية التلبسية التي يتابع فيها المتورطون في حالة اعتقال. تجربة مؤقتة بالمحكمة الابتدائية بسلا، أثارت ردود أفعال متباينة وسط المتتبعين، بين من اعتبرها تجربة نموذجية، وآخرون يرون أنه ليس من السهل تدبير قاضيات لهن تجارب متواضعة ملفات الجنحي التلبسي. إعداد: عبدالحليم لعريبي كانت الساعة تشير إلى الواحدة والنصف، دخلت كاتبة الضبط إلى قاعة الجلسات رقم 2 بالمحكمة الابتدائية بسلا، وبعدها ولجت قاضية تمثل النيابة العامة، لتأتي بعدها القاضية الثانية التي ترأست الجلسة في سابقة من نوعها، بعدما دأبت المحكمة على إسناد جلسات المعتقلين في حالة تلبس إلى قضاة ذوي خبرة في المجال.وما إن جلست القاضية الشابة التي ترأست الجلسة أمام المعتقلين بعد فترة وجيزة من العمل في غرفة حوادث السير، حتى أثارت انتباه الموقوفين وعائلاتهم، وشرعت في المناداة بصوت مرتفع على أسماء المتابعين، الذين كانت عناصر شرطة الجلسات تحرسهم داخل القاعة. أسئلة محرجة حينما نادت القاضية على متابعة في الوساطة في القوادة لفائدة خليجيين، شرعت في توجيه أسئلة متتالية إليها، حول تصريحاتها أمام عناصر القسم القضائي الخامس بمصلحة الشرطة القضائية بسلا، ووعيا من رئيسة الجلسة بطبيعة الأسئلة المحرجة حول قوادة قاصرات وطبيعة الممارسات الجنسية مع زبناء الموقوفة من جنسيات عربية، أمرت القاضية الشابة جميع الحضور مغادرة قاعة الجلسات، والانتظار ببهو المحكمة، لفسح المجال للظنينة التعبير عن أقوالها، في الوقت الذي كان جمهور غفير من المدينة العتيقة بسلا، التي تتحدر منها الموقوفة، يرغب في معرفة جميع تفاصيل الواقعة، بعدما تدوولت أسماء الكثير من التلميذات اللائي كن ضحيات الوسيطة.وبعدما غادر الحضور القاعة بمن فيهم أفراد من عائلة المشتكى بها، استمعت إليها رئيسة الجلسة في أمور حساسة، لتأمر من جديد بإعادة فتح القاعة لعموم الحضور. وبعدها تدخلت ممثلة النيابة العامة لتأكيد الاتهامات المنسوبة إلى الظنينة، في تورطها في استدراج تلميذات قاصرات لممارسة البغاء مع الأجانب مقابل مبالغ مالية تصل في بعض الأحيان إلى 5000 درهم، وإن عاد الحضور لتتبع أطوار الفضيحة، حتى انهارت الظنينة وأغمي عليها لتسقط وسط القاعة. المداولة آخر الجلسة جلسة المحكمة بصيغة التأنيث لم تنته عند رئيسة الجلسة وكاتبة الضبطة وممثلة النيابة العامة، بل حتى شرطيات الجلسات تدخلن، في تسيير الجلسة وفرض الانضباط، أثناء سقوط المتهمة على الأرض، وقامت شرطيتان بمساعدتها على الوقوف، وبعدما عجزت، جلبت شرطية كرسيا جلست عليه المتهمة، فيما تكلفت شرطية أخرى بالبحث لها عن قنينة ماء، فيما وضعت رئيسة الجلسة يدها على خدها، وبعدما تبين لها أن الماثلة أمامها، استفاقت من غيبوبتها، استفسرتها عن رغبتها في إضافة بعض المعطيات، وحينما التزمت الموقوفة الصمت، أغلقت القاضية الملف، وأشعرتها بالمداولة آخر الجلسة.وبعدما أغمي على الظنينة شرعت ابنتها في الصراخ من خلف الحضور، وحاولت الوصول إلى مكان مثول والدتها، فيما تدخلت الشرطيتان ومنعتاها من الاقتراب من والدتها، واستطاعتا فرض نوع من الانضباط على نساء من عائلتها، اللائي شرعن في البكاء داخل القاعة. وحينما شرعت رئيسة الجلسة في الاستماع إلى تلميذتين كانتا ضحيتا استدراج إلى أوكار للدعارة بالقنيطرة والرباط، أمرتهما القاضية بالحديث بصوت مرتفع، ليتدخل والد إحداهما وأجاب عن تفاصيل مثيرة في ضبط تسجيل صوتي لابنته مع الوسيطة في القوادة. "بغيت لا كارط" بعد الانتهاء من الاستماع إلى القاصرين، طلبتا بطائقهما الوطنية من رئيسة الجلسة، فسلمتهما الشرطيتان إلى التلميذتين، وعيونهما على تحركات الحاضرات بالقاعة، خوفا من إبداء ردود أفعال عنيفة، بعد سقوط الظنينة أرضا. وما ميز رئاسة القاضية للجلسة منحها الوقت الكافي للمتابعين في التعبير عن أقوالهم بعد إخبارهم بالتهم المنسوبة إليهم، إذ كانت توضح للموقوفين طبيعة اتهامات النيابة العامة والأفعال الإجرامية التي قاموا بها، والفصول الجنائية التي يتابعون بها، كما لجأت إلى مباغتتهم بأسئلة محرجة للوصول إلى بعض الحقائق في الملفات المعروضة عليها. ووعيا من رئيسة الجلسة بدور كاتبة الضبط وبسبب الحالة التي كانت عليها القاعة، نادت عليها للاقتراب منها في تسجيل وقائع الجلسة، واضطرت الكاتبة إلى مغادرة مكانها المقابل لكرسي ممثل النيابة العامة، وجلست بجانب قاضية الحكم، وعيناها على تدوين المعطيات في الكتاب، وأذناها على تصريحات المتابعين وتدخلات النيابة العامة والمحامين. وبعدما استكملت القاضية ملف الوسيطة عادت لتنادي من جديد على الموقوفين المتورطين في قضايا الاتجار بالمخدرات والسرقة والضرب والجرح والنصب....، وبعدما نادت على شاب يتابع بتهمة العنف ضد أحد الأصول، وأشعرته بالتهمة المنسوبة إليه، أنكر اعتداءه على والدته، لتنادي القاضية من جديد على الأم، التي جددت اتهاماتها إلى الابن «العاق» في الاعتداء عليها كلما كان في حاجة ماسة للأموال قصد اقتناء المخدرات. في انتظار الحكم وواصلت القاضية الاستماع إلى جميع المتورطين في القضايا الجنحية الذين بلغ عددهم 40 معتقلا، منحتهم الوقت الكافي للتعبير عن الاتهامات المنسوبة إليهم، وبين الفينة والأخرى، كانت تمنح إشارة لممثلة النيابة العامة، قصد مغادرتهما القاعة للتداول في أمر ما، والعودة بسرعة إلى مكاني جلوسهما. وبعدما انتهت القاضية من الاستماع إلى المتابعين حوالي الخامسة عصرا، خرج الحاضرون من قاعة الجلسة، وظلوا ينتظرون الأحكام أمام المحكمة والمقاهي المحيطة بها، ولا حديث إلا عن قاضية الحكم الجديدة وطبيعة أحكامها، إذ اعتبرها بعض أفراد المتابعين والضحايا أنها تتعاطف مع الأظناء، لترد امرأة أن الوسيطة في القوادة أثارت حالتها الاجتماعية القاضية، وأنها لا سوابق قضائية لها، مشددة أن عقوبتها الحبسية لن تتجاوز ثمانية أشهر، فأجابتها محامية أن موضوع الموقوفة نشر بوسائل الإعلام، وأن القاضية ستتشدد في الحكم، ويمكن أن تصل العقوبة إلى سنتين حبسا، وبعد السادسة مساء نزل خبر الحكم ك»الصاعقة» حينما أصدرت في حقها المحكمة ، ثلاث سنوات حسبا. وشرعت قريبات الظنينة في البكاء وحكت أحداهن أن الكثير من المتورطات في الوساطة للدعارة بالرباط، تقضي في حقهن محكمة العاصمة الإدارية بعقوبات مخففة لا تتجاوز السنة ونصف سنة. التجربة أثارت إعجاب المحامين يقول محام من هيأة الرباط، في حديث مع «الصباح» إن التجربة التي أبانت عنها ابتدائية سلا، أحدثت نفسا جديدا في التداول في القضايا المعروضة على المحكمة، معتبرا في الوقت ذاته، أنه ليس من السهل أن تسير قاضيات لهن تجارب «متواضعة» جلسات من قبيل «جنحي تلبس اعتقال» الذي يتطلب حسب رأيه نوعا من الصرامة والانضباط، والتجربة في الوصول إلى الحقيقة الكاملة. ويضيف المحامي نفسه أن ما يتداول حاليا بالمحكمة هو أن التجربة مؤقتة، وتزامنت مع حصول بعض القضاة منذ غشت الماضي، على إجازات صيفية، ولم يستبعد أن يعود القضاة السابقون إلى العمل الاعتيادي بدل التجربة الفتية.هذه واحدة من التجارب التي سيرتها قاضيتان شابتان وشرطيات وكاتبة ضبط، مازلن في مقتبل العمر، في ملفات الاعتقال التي يثار حولها الكثير من الجدل والنقاش الساخن، وتتحول الجلسات بمحاكم الدائرة القضائية للرباط والقنيطرة إلى تبادل للسب والشتم، بين المحامين والقضاة، في بعض الأحيان، أو حتى مع المتابعين والضحايا، يصعب معها ضبط الأمور.

ابتدائية سلا… جلسات بصيغة المؤنث

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إيقاف شقيقين يروجان "القرقوبي" بالبيضاء

عصابة اختطفت شقيقين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات