سرطان الثدي… ألم وأمل

حالات تكافح كل يوم من أجل مواجهة المرض والمختصون يقولون إنه لا يعترف بسن يعتبر سرطان الثدي من أكثر السرطانات التي تخشاها المرأة لأنها تصيبها في عقر أنوثتها، وتجعلها أنثى ناقصة، خاصة إذا كانت في سن صغيرة وبالكاد مقبلة على الحياة. في هذه الصفحة الخاصة، نطلع القارئ على معلومات حول سرطان الثدي يقدمها طبيب مختص، وعلى حالات نساء بدأن رحلة العلاج الطويلة، مشبعات بالأمل، وقررن، رغم الألم و"خبث" المرض، مواجهته إلى النهاية. مغربيات انتصرن على المرض "الخايب" رحلات العلاج أخذت منهن عزيمتهن قبل أن يقررن مواجهته كثيرة هي قصص مغربيات استطعن هزم سرطان الثدي والتغلب عليه، ليعدن إلى حياتهن الطبيعية. بعضهن، خرجن من المعركة بعد أن فقدن أثداءهن، ورغم ذلك اعتبرن منتصرات، أمام المرض "الخايب". من بين هؤلاء الحاجة فاطمة، وفتيحة، حالتان، تذمرت نفسيتهما بعدما اكتشفتا أنهما مصابتان بأحد أكثر أنواع السرطانات انتشارا. وبعد أن انتابهما القلق والخوف من الموت، شرعتا في مرحلة العلاج، إلى أن عادتا إلى حياتهما دون مشاكل، تحت مراقبة صحية مستمرة. الحاجة فاطمة... أمل وشفاء قبل سنوات، اكتشفت الحاجة فاطمة أنها مصابة بسرطان الثدي. كان وقع الخبر عليها وعلى عائلتها الصغيرة، كبيرا جدا، فأصرت على ألا يعلم جل أقاربها بالأمر، وأن يظل سرا، إلى أن تتخلص من المرض، إذ أملها في ذلك، كان أكبر من خبر إصابتها بالمرض "الخايب"، فكان أول قرار اتخذته، قبل التفكير في الخطوات المقبلة.صحيح أنها عانت الكثير، وتسلل الخوف إليها، معلنا انتصاره عليها، إلا أنها تغلبت على كل ذلك، وتسلحت بالعزيمة وحبها للحياة، ورغبتها في الاهتمام بأحفادها لسنوات أخرى، معتبرة أنها محظوظة لاكتشافها المرض في مراحله الأولى، وبالصدفة، إذ خلال كشف بسيط، اكتشفت طبيبة أن ورما صغيرا بثديها، الأمر الذي دفعها إلى مطالبتها بإجراء فحص دقيق، ليتأكد في ما بعد أنه مرض السرطان. قررت الحاجة فاطمة، وهذا قرارها الثاني بعد اكتشافها المرض، بدء مرحلة العلاج، دون الاستسلام للمرض، والتفكير في الموت. نفذت قرارها، ودخلت مرحلة عانت فيها الكثير، ففي لحظات كثيرة خارت قواها، وأوشكت على الاستسلام، لكن ابنتها التي كانت إلى جانبها، كان لها دور كبير في استمرارها في خطوتها، الأمر الذي قوى عزيمتها في التخلص من المرض. كانت تستيقظ في الصباح الباكر، وتقصد المستشفى، ودون ملل تعود إليه بعد أيام قليلة، إلا أنها بعد أسابيع، فقط، قررت أن تكمل علاجها خارج المغرب، وهناك قرر الأطباء استئصال الثدي، لتفادي عودة المرض، سيما أن كل العوامل، كما أكد الأطباء، تؤكد الأمر. علاجها من سرطان الثدي ، لم يتوقف عند استئصال الثدي، إذ استمرت لشهور تحت المراقبة الطبية، تخضع لفحوصات كثيرة، لكن هذه المرة بالمغرب، وبالقرب من عائلتها، إلى أن شفيت تماما من المرض، وتعافت منه، معلنة انتصارها على مرض يقال إنه لا يرحم. ورغم أنها خسرت ثديها، إلا أن الأمر لا يقدر أمام خسارة الحياة والابتعاد عن أقرب الناس عليها قبل الأوان، وفي الوقت الذي مازالوا فيه في حاجة ماسة إليها، على حد تعبيرها. عادت إلى حياتها وإلى أحفادها، وتركت كل تلك الآلام التي عاشتها خلف ظهرها، معتبرة أن الكشف المبكر، أهم مساعدة يمكن أن تقدم لكل نساء المغرب، لمواجهة سرطان الثدي. السرطان انهزم أمام قوتها فتيحة في الأربعينات من عمرها، أصيبت بسرطان، استدعى علاجه استئصال الثدي، لكنها بعد سنوات من الحادث، مازالت في نشاطها المعتاد، تحب الحياة رغم صعوباتها، وتعشق مهنتها، فأمام تلاميذها تنسى مشاكلها. قبل سنوات عانت فتيحة الكثير، سيما بعدما اكتشفت إصابتها بالمرض، وخضعت لحصص العلاج الكيمائي، وظهرت عليها أعراضه ذلك. توقفت عن العمل، كما اضطرت إلى الاستعانة بخدمات امرأة لتقوم بأعمال المنزل حتى لا تلاحظ عائلتها الفرق، وتتأثر بمرضها أكثر. تخلت عن كل أنشطتها المعتادة، غابت عن أنظار جيرانها، لمدة طويلة، قبل أن يعلموا بمرضها. توقفت الحياة بالنسبة إليها، مثلها مثل الكثير من المغربيات اللواتي، وقفن مصدومات أمام وقع إصابتهن بالمرض، إلا أنها تخلصت من خوفها، وتركت القلق، قبل أن تدخل في حرب مع المرض، فانتصرت فيها، بعد معاناة طويلة.وعن تفاصيل اكتشافها للمرض، قالت فتيحة إنها قررت الكشف عن ثدييها، بعدما انتبهت للحملات التحسيسية التي تقوم بها مؤسسة لالة سلمى لمحاربة السرطان، فاكتشف إصابتها بالمرض، فكان من الضروري أن تدخل مرحلة العلاج، سيما أن المرض اكتشف في مراحله الأولى، مشيرة إلى أنها كانت في كل مرة ترغب فيها بإجراء الفحص، كان الخوف يمنعها من ذلك، فتتجاهل نصائح الأطباء، لتعود إلى منزلها، معتبرة أن "موت وحدة كاينة "، على حد تعبيرها. لم تمر على فتيحة مرحلة العلاج بسهولة، إذ عانت الكثير، سيما بعدما تقرر بتر ثديها المصاب، وكان الخبر صادما لها، اضطرت معه إلى زيارة طبيب للعلاج النفسي، والذي كان له الفضل في تجاوزها للمشكل، كما كان سببا في أن تعتبر، بعد مرور سنوات أن بثر الثدي ليس بالمشكلة الكبيرة، مادام أنها مازالت على قيد الحياة. إيمان رضيف أنجلينا تحارب الورم أثارت النجمة السينمائية أنجلينا جولي، الحدث في العالم، بعدما أعلنت عن مبادرة إنسانية غير مسبوقة تجاه المصابات بسرطان الثدي، وتتمثل في خضوعها لجراحة في الثدي لاستئصال ورم سرطاني محتمل.وخلف إعلان جولي وقعا كبيرا على نفسية النساء المصابات وأيضا اللاتي لا يعانين هذا المرض، لكنهن بحاجة إلى خطوة تشجعهن على خوض اختبارات سرطان الثدي رغم المخاطر التي تخشاها أغلب النساء لسبب حساسية الثدي وأهميته لهن.إذ ارتفع إقبال النساء على عيادات سرطان الثدي لإجراء الفحوصات، وهو ما يعني أن المبادرة حققت النتائج المرجوة منها.وقالت الممثلة الأمريكية إنها أعلنت عن خضوعها للجراحة كي تكون قصتها مصدر إلهام لغيرها من النساء في محاربة المرض القاتل.وبينت دراسة أجريت في بريطانيا العام الماضي، أن خبر استئصال جولي ثدييها شجع النساء على إجراء الفحوصات للتحقق من سلامتهن، إذ شملت الدراسة 20 عيادة لسرطان الثدي في بريطانيا. وذكرت الدراسة نفسها التي نشرت نتائجها في 19 شتنبر من العام الماضي، أن كشف النجمة السينمائية أنجلينا جولي عن خضوعها لجراحة لاستئصال ثدييها، ساهم في زيادة بأكثر من الضعف في عدد النساء اللائي خضعن لاختبارات سرطان الثدي الوراثي في بريطانيا، إذ ارتفع عددهن إلى 4847 في يونيو ويوليوز 2014 بعدما كان العدد لا يتجاوز 1981 في الفترة نفسها من 2013.وفي هذا الإطار، قال البروفيسور غاريث إيفانس، من جامعة مانشستر البريطانية "إن خطوة أنجلينا جولي كان لها تأثير عالمي طويل المدى، ويبدو أنه رفع من وعي النساء بالمرض، وبالتالي زادت نسبة زيارتهن للعيادات".وللنجمة السينمائية جولي، قصة مريرة مع سرطان الثدي، قبل إعلانها مبادرة التضامن مع المصابات بهذا المرض الخبيث، إذ توفيت والدتها بعد معاناة مع المرض نفسه في 2007 وعمرها لا يتجاوز 56 سنة.وكانت نجمة هوليوود الشهيرة، خضعت لعملية استئصال لثدييها في ماي 2013 لتقليل احتمال إصابتها بسرطان الثدي، وشرحت جولي، البالغة من العمر 37 سنة، أسباب إجراء هذه الجراحة في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مباشرة بعد مبادرتها التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية، موضحة أن أطباءها أخبروها بأن احتمال إصابتها بسرطان الثدي يصل إلى 87 بالمائة، لأسباب وراثية، إلا أن هذه النسبة تراجعت إلى 5 بالمائة بعد إجراء العملية.تجدر الإشارة إلى أن سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطان شيوعا بين النساء على مستوى العالم.محمد بها حكاية عشرينية مصابة بالداءتقول إن المهم ليس اكتشاف المرض مبكرا بل العلاج والرعاية في الوقت المناسب قد تعتقد أي فتاة في سن العشرين أن بينها وبين سرطان الثدي مسافات طويلة، وأنها في منأى عن محنه، لأنها ترفل في صحة الشباب، ولأنها لم تفتح بعد باب الحياة، غير أن المرض الخبيث، لا يعترف بسن ولا لون ولا عقيدة ولا انتماء، فهو لا ينتقي مريضاته، على هذا الأساس أبدا. تلك القناعة أصبحت تؤمن بها فاطمة الزهراء، فتاة تتحدر من أبي الجعد، وهي تكابد محنة الإصابة بسرطان الثدي، فالشابة التي لم تكمل بعد سنتها الثالثة والعشرين، والتي غادرت الدراسة بعد تعثرها في نيل شهادة الباكلوريا، كانت تنتظر أن تتعرف على فارس الأحلام، وتركب معه حلم تأسيس بيت الزوجية، "لأنني لم أتمكن من تحقيق حلم استكمال الدراسة، وفشلي في العثور على عمل مناسب، خاصة أنني اضطررت في وقت من الأوقات إلى العمل في الضيعات بعد أن هجرنا والدي، لأتنقل مع والدتي إلى عدة مناطق زراعية للعمل" تقول فاطمة الزهراء.قبل حوالي تسعة أشهر، وبينما كانت فاطمة الزهراء تستحم، اكتشفت كتلة غريبة في ثديها، "رغم أني شعرت بخوف، إلا أن أملي كان كبيرا جدا، بأن الأمر يتعلق فقط بورم حميد، لذلك كان علي أن أسافر من أبي الجعد إلى خريبكة لتشخيص المرض". وجدت فاطمة الزهراء صعوبات في الكشف عن نوعية المرض الذي تعانيه، "خضعت لفحص بالأشعة، غير أنهم أخبروني أن علي أن أخضع من جديد لفحوصات أخرى بالأشعة ولتحاليل، وكل ذلك كان مكلفا جدا ماليا، لذلك وبعد ثلاث سنوات لم أتحدث فيها إلى والدي الذي استقر مع زوجته الثانية في مدينة أخرى، اضطررت إلى الاتصال به، ليساعدني".بعد محنة "سير وآجي" وهدر أزيد من 12 ألف درهم، توضحت النتيجة، وأخبرت الفتاة بأنها تعاني سرطان الثدي، "قيل لي إنه في البداية وإنني بعد بضع حصص سأشفى، غير أن المشكل هو مواعد الاستفادة من هذه الحصص، لأني لم أخضع لها بانتظام". مسألة الوقت كانت حاسمة في حياة فاطمة الزهراء، التي تنقلت بين أبي الجعد وخريبكة وبني ملال قبل أن يدب اليأس في نفسها، لتسافر إلى الدار البيضاء، "تدبرت أسرتي مبلغ 26 ألف درهم، وكنت سأخضع لعملية جراحية في مصحة خاصة، غير أن الطبيب الجراح تراجع، دون أن يحدد السبب، رغم أنه كلفني ميزانية ثقيلة نتيجة إصراره على إعادة جميع الصور الإشعاعية والتحاليل الطبية".بين جناح مريضات سرطان الثدي بمستشفى 20 غشت بالدار البيضاء، وبين فاطمة الزهراء انتصبت عدة حواجز، "حصلت على موعد بعد إحالتي من مستشفى ابن امسيك على 20 غشت، ولكن الطبيبة أصرت هي الأخرى على ضرورة إجراء صور إشعاعية في مصلحة بابن رشد، غير أنه حين حللت بها للحصول على موعد حددوا لي موعدا تزيد مدته عن خمسة أشهر، وهو ما يتناقض أولا مع تطور المرض بشكل خطير، ومع موعد الطبيبة الذي حددته في 20 يوما من زيارتي لها".كان على والد فاطمة الزهراء أن يجرب الرشوة، غير أن هذه القناة لم تنفعه في الحصول على موعد قريب، خاصة أن سعر "السكانير" خارج مصلحة التصوير بالأشعة داخل مستشفى ابن رشد، يصل إلى حوالي 3000 درهم. وكانت الأسرة توفر ما تدبرته من مال لأي عملية جراحية طارئة، "دق والدي باب بعض النافذين من برلمانيين ومستشارين وغيرهم للحصول على موعد قريب، قبل أن يتدخل أحد النقابيين لفائدتي وحصلت على موعد أقرب نسبيا من الأول، غير أنه لسوء حظي أصيب الجهاز بعطل، ما دفعنا إلى القطاع الخاص".تأبطت فاطمة الزهراء ملفها الطبي وقصدت المستشفى من جديد لزيارة الطبيبة، "لحسن الحظ استقبلتني، وأحالتني على قسم الأشعة للاستفادة من حصص، إذ لم تحدد لي موعدا لإجراء عملية جراحية".رغم أنها استفادت من عدة حصص للعلاج، إلا أن أمل فاطمة الزهراء في الشفاء لم يتجسد أمامها في ابتسامة أو كلمة طيبة على وجوه وشفاه الأطباء، "حين أسألهم عن النتيجة، تتعكر وجوههم، ولا يخبرونني بأي شيء، غير أنه علي أن أتابع العلاج وحسب، وهي إشارة سيئة بالنسبة إلي، خاصة أنني أعاني اليوم انتفاخا في جسدي، وتورمات وآلام حادة، ولم أعد أقوى حتى على تناول الطعام".ليس المهم أن تكتشف المرض مبكرا، تقول فاطمة الزهراء، بل "أن تخضع للعلاج في الوقت المناسب وأن تستفيد من الرعاية الطبية اللازمة في حينها، فالمرض لا ينتظر أن يتدخل لك النافذون للحصول على موعد، أو أن تتدبر المال من هنا وهناك، ولا أن تتقاذفك كبريات المستشفيات بسبب الاكتظاظ، وتلفظك الصغرى منها لأنها لا تتوفر على التجهيزات المناسبة".ضحى زين الدين

سرطان الثدي… ألم وأمل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

انتحار "مقدم"بخريبكة

الصدمات النفسية من أسباب المرض

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات