حجاج: عشنا فظاعات في مكة

العائدون شاهدوا رمي أحياء في ثلاجات الموتى والأمن السعودي حجز الهواتف ومنع التصوير بعودة أول الوفود المغربية من الحج، بدأت تنكشف الكثير من التفاصيل الغائبة عن الظروف المحيطة بفاجعة التدافع في منى. ومن بينها تلك التي جاءت في شهادات استقتها "الصباح" من حجاج بمجرد وصولهم إلى مطار محمد الخامس الدولي، يبقى عنوانها الكبير: ما حدث فظيع جدا وما تلاه، سيما كيفية تدبير السلطات السعودية لعمليات الإنقاذ، "أفظع بكثير". "كانت مشاهد فظيعة، ذكرتنا بصور القتلى في حروب القرون الوسطى والمحارق النازية"، يقول حاج مغربي من الرباط، لـ"الصباح"، لحظة وصوله إلى مطار محمد الخامس الدولي بالبيضاء، مساء أول أمس (الثلاثاء)، وبجانبه عابد أكناو، حاج مغربي سبعيني، فقد الوعي، بسبب التدافع في منى بمكة، ثلاثة أيام متوالية، وكاد أن يلقى حتفه داخل ثلاجة للموتى، كان رجال الإنقاذ السعوديون، يستعدون لرميه فيها، اعتقادا منهم أنه ميت. التدافع وقع أمام مخيمات المغاربة شرعت مطارات المغرب، منذ بداية الأسبوع الجاري، تستقبل أول العائدين المغاربة من الحج، محملين، زيادة، على أكوام الهدايا وقناني ماء زمزم، هذه المرة، بحكايات ومشاهد علقت بذاكراتهم، ولا يترددون في القول إنها "فظيعة جدا".مـــــــــــن بين أولئك الشهود، الذين حطت بهم طائرة للخطــــــــــــوط السعوديـــــة، بمطار محمد الخامس، في حدود السابعة مساء، متأخرة عن موعدها الأصلي بساعتين، وعلى متنها 300 من المغاربة، وحوالي 50 من الحجاج السنغاليين، ثلاثة حجاج شباب من ضواحي البيضاء، كشفوا أن "معجزة إلهية حالت دون أن يكون المغرب صاحب أكبر خسارة"."لقد وقع التدافع، تحديدا أمام المخيمات ومكاتب الخدمة المدنية الخاصة بالمغاربة، والحاملة للأرقام من 84 إلى 90، غير أن ذلك، والحمد لله، صادف عدم وجود الكثير من المغاربة بالممر"، يؤكد الحجاج الثلاثة، قبل أن يتدخل آخر ملتح من الرباط، ليكشف لـ"الصباح"، ما يدعم الرواية القائلة، بأن سبب التدافع، وجود مسؤول سعودي بمنى، لأداء المناسك."توجد روايات كثيرة عن سبب الفاجعة، لكن أكثرها انتشارا هناك، والمدعومة ببعض القرائن التي شاهدناها، هي التي تشير إلى تدابير مفاجئة، رافقت حلول مسؤول سعودي بالمكان: في إحدى اللحظات، قام المنظمون، وعلى غير العادة، بإغلاق كل المنافذ، إلا واحدا"، يقول الشاهد المغربي، مضيفا "ورغم التوسلات، رفض رجال الأمن السعودي فتحها، فوقع الضغط على المنفذ الوحيد، والتقت أمام عتبته أفواج الذين أنهوا رمي الجمرات والذين يستعدون للقيام بذلك، فوقعت الكارثة". "جرائم قتل" وتعتيم وفي وقت يختلف فيه الشهود المغاربة، الذي التقتهم "الصباح"، لحظة وصولهم إلى البيضاء، في تفصيل وحيد، ويتعلق بتوقيت الحادث، بين قائل بحدوثه في العاشرة صباحا، وقائل بوقوعه في الحادية عشرة صباحا، يظل الإجماع والتطابق سمة شهاداتهم حول كيفية تدبير السلطات السعودية، لما بعد الحادث.واحد من أولئك، امرأة خمسينية، من سلا، وجدت لحظة حلولها بالمطار، أن أبناءها، لم يصدقوا أنها فعلا ناجية من الحادث، إلا بعد لمس جسمها وتقبيل رأسها، وارتماء ابنتها، في مشهد يبث القشعريرة في البدن، راكعة مسلمة أمام رجليها."الله يستر، الله يسمح ليهم، داكشي كان خايب بزاف، خصوصا، تعمد رجال الإنقاذ السعوديين الخلط بين المصابين الفاقدين للوعي، الذين يحتاجون إلى إسعافات، مع الذين أرادهم الله إلى جانبه وغادرت أرواحهم، ويرمون الجميع، وكيفما اتفق، داخل سيارات الإسعاف والشاحنات المبردة" تؤكد الشاهدة.وليست تلك الحاجة، وحدها، من قالت بأنها شاهدت بأم عينيها، خلطا بين الغائبين عن الوعي والموتى، إذ كشف شهود عائدون إلى أرض الوطن، ومنهم خديجة أكناو، حاجة شابة من الرباط، كيف كان رجال الشرطة السعوديون، يسعون وراء "التعتيم"، بحجز الهواتف وبطائق الذاكرة من الحجاج، الذين يريدون توثيق ما يجري. مناسك منقوصة ولا يخفي العائدون الذين تحدثوا إلى "الصباح" داخل قاعة سحب الأمتعة بالمطار، أن الهم الوحيد للمنظمين، كان إخلاء الممر الذي وقع فيه التدافع بأي ثمن، و"لم يكن هاجس الإنقاذ وتقديم الإسعافات حاضرا بالمرة"."لو قدر لكم أن تكونوا حاضرين بمسرح الحادث، ستشاهدون ما يدمي العين ويستفز إنسانيتكم، وأنتم تمشون بين مئات الضحايا: لم تكفهم سيارات الإسعاف، واستعانوا بالشاحنات المبردة الخاصة بنقل الغذاء والمياه، لجمع الضحايا، وهي العملية التي تواصلت من الصباح إلى ساعة متقدمة من الليل"، يؤكد حاج لم يمنعه حصوله على تأشيرة مجاملة من الإدلاء بملاحظاته حول الطريقة التي دبرت بها السلطات السعودية تداعيات الحادث.وحينما تتوجه بالسؤال إلى بعض العائدين من الحج، هل أتموا المناسك، التي بذلوا من أجلها الغالي والنفيس، تكشف ملامحهم امتعاظا وترددا، يشير إلى عدم رضاهم عن الطريقة التي أدوا بها بقية المناسك، بعد التدافع في الممر نحو رمي الجمرات.ويقول حاج أربعيني بجلباب مغربي، وعليه سمات تعكس أنه متفقه في الدين: "هل تريد الصراحة، لم نتمم المناسك كما ينص عليها المذهب المالكي، كما حرمنا من القيام بأمور تميز أداء المغاربة تاريخيا للحج، إذ صدرت الأوامر إلى المطوفين السعوديين، بتعجيل كل شيء وفرض المذهب الحنبلي المنتشر في السعودية على الحجيج المغربي المالكي". أكناو: عدت من الموت تنطوي حكاية عابد أكناو، سبعيني من سوس، يقيم بالرباط، وانتشرت صورته ملقى على الأرض فاقدا للوعي، قبل أيام في شبكات التواصل الاجتماعي، على تفاصيل وجود الكثير من الاستهتار، وبأن معجــزة كانت وراء عــودته من المـوت، وحل بوطنه سالما معافى، أول أمس (الثلاثاء)، رغم أنه لم يتجاوز الصدمة على نحو نهائي، ويواجه بعض الصعوبة في التقاط الصوت."لقد فقدناه وسط الفوضى، ولم نعرف له مصيرا"، طيلة ثلاثة أيام، تقول ابنته خديجة وزوجته، التي فضلت خلال يوم العيد إخفاء خبر فقدانه عن بقية أبنائها بالمغرب حتى يمر يوم عيده بسلام، مضيفة "من المغرب، أرسلت لنا صورته، نشرها فاعل خير مغربي، في شبكات التواصل الاجتماعي، ومعها معلومات عن المكان الذي وجده فيه".ووفق رواية الحاج وزوجته وابنته، فقد لمح حاج مغربي كان يعاين تدخل رجال الإنقاذ السعوديين لجمع الضحايا ونقلهم عبر شاحنة مبردة، بروز راية المغرب في شارة منحتها وكالة الأسفار، لعابد أكناو، علقها إلى عنقه، فهب نحوهم مصرا على معاينة ابن بلده واسمه والوجهة التي سينقل إليها."كان رجال الإنقاذ ينوون وضعه مع جثث الأموات في شاحنة مبردة، وأمام إصرار الحاج المغربي الذي اكتشف العملية، وبمساعدة آخرين شكوا في حقيقة وفاة الوالد، أرغموا على نقله عبر سيارة إسعاف، وهنا سيكتب له، فعلا، عمر جديد".بعد نقل عابد أكناو، بسيارة الإسعاف عوض شاحنات نقل الموتى، وصل إلى المستشفى، واكتشفوا أنه في غيبوبة، ولم يمت، ليتم وضعه تحت العناية والإنعاش، ثلاثة أيام، حتى استعاد وعيه.وخلال وجود عابد أكناو، في العناية المركزة، كانت الزوجة والابنة قد توصلتا من المغرب بالصورة والمعلومات المنشورة عبر شبكة التواصل الاجتماعي "الفايسبوك"، فتمكنتا من الوصول إليه.

حجاج: عشنا فظاعات في مكة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تنقيلات في صفوف مديري التجهيز

تكريم خطاب بسلا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات