تجديد “البيرمي”… تقريب السماسرة من المواطنين

يتصيدون المواطنين لابتزازهم ووكالات تفرض رسوما تصل إلى 150 درهما مقابل الخدمة بضعة أسابيع تفصل عن آخر أجل لتغيير رخص السياقة على الحامل الورقي بأخرى إلكترونية، جعلت الاكتظاظ بالمصالح المختصة بهذه الخدمة يبلغ ذروته. اكتظاظ فتح الباب على مصراعيه لمتصيدي "ضيق" المواطن يعرضون عليهم خدمات يتباين مقابلها المادي حسب نوع الخدمة المقدمة، لتنضاف إلى مبلغ 150 درهما الذي تفرضه الوكالات بدون موجب حق... ابتداء من الساعة السادسة صباحا، يكون حي السلام السكني، بسلا على موعد مع استقبال أول الوفود، نساء ورجال من مختلف الأعمار يسابقون أشعة الشمس الأولى أملا في الحصول على موعد متقدم في طابور طويل، يمتد إلى غاية الطرف الثاني من الزقاق الذي تقع به وكالة "نابس"، لتغيير رخص السياقة، خاصة أن نهاية الشهر الجاري ستكون آخر أجل للتغيير. في انتظار "الفريسة" "للي بغيتي نديرو معاك، يا إما خودي الملف من المكتب وعمريه، ودفعيه هنا في مكتب تسجيل السيارات ولا سيري زيدي عليك فلوس الشركة، راهم كايطلبو 150 درهم باش يديرو نفس الحاجة"، يبادر رجل خمسيني إلى القول كلما اقتربت فتاة أو امرأة وحتى رجل مسن من الزقاق حيث يقع مكتب تسجيل السيارات ووكالة "نابس"، دون أن يزيح نظره عن أي وافد جديد، سرعان ما يتحول إلى "فريسة" تتربص بها حشود من نوع آخر، تتجمهر هي الأخرى أمام بناية مكتب تسجيل السيارات، بل إن أفرادها غالبا ما يكونون أول الواصلين، لينطلق مسلسل التفاوض. بعضهم يزعم أنه "واصل" وبإمكانه تقديم موعد الاستقبال حسب المبلغ المالي الذي يبدي الراغب في ذلك استعداده لتقديمه، فيما الآخر يؤكد جاهزيته لأداء واجب الضريبة المحدد في 400 درهم، في اللحظة ذاتها، فهو الآخر له معارف بالقباضة ستيسر له المأمورية مقابل "تدويرة" أو "حلاوة" لا يجب أن تقل عن 100 درهم، وثالث يقبل حتى ب10 دراهم مقابل مساعدة المعني على ملء استمارة الملف. غير بعيد عن مركز تسجيل السيارات، تحلق العشرات من المواطنين حول سيارة. انهمك ثلاثة شباب في تسلم نسخ عن البطاقات الوطنية لأصحابها، يمنحونهم مقابلها أرقاما تؤشر على موعدهم لتسليم ملف تغيير "البيرمي" لوكالة "نابس"، "جيبي أختي غير الوثائق للي خاصة، و550 درهم ومرحبا بيك، وحنا ندفعو ليك الضريبة كانكونو هنا من الستة ديال الصباح، حتى الليل"، يقول أحد مستخدمي الوكالة، دون أن يتوقف عن ترتيب نسخ البطائق الوطنية "هاهي أسيدي، نتا رقمك 90، شوف مع الدراري لداخل باش تعرف فوقاش غادي تجي نوبتك"، مؤكدا أن استقبال الملفات ومعالجتها لا ينطلق إلا بعد أن تشير عقارب الساعة إلى التاسعة صباحا، ويتواصل إلى غاية الثامنة ليلا. المال مقابل عدم الانتظار "لا مشكل لدي في أداء 150 درهما أو أكثر، إذا كان هذا المبلغ سيوفر علي عناء الانتظار بمصالح القباضة التي تعرف اكتظاظا خانقا"، تقول أمل موظفة، تمكنت من الحصول على موعد مبكر، بعد أن اضطرت إلى القدوم في ساعات الصباح الأولى إلى أمام مقر الوكالة، مضيفة "رئيسي في العمل لن يكون متسامحا معي في كل مرة للتغيب من أجل تغيير رخصة السياقة، وبالنسبة إلى هذه الوكالة تقدم خدمة من حقها أن تطلب مقابلا ماليا عنها، ومن لم يرد فما عليه إلا إيداع ملفه بمراكز تسجيل السيارات التابعة للوزارة، بعد أن يؤدي بنفسه مبلغ 400 درهم لدى مصالح القباضة"، يضيف "زميل" لها في طابور الراغبين في استبدال رخصهم "108 دراهم لمن دفع واجب الضريبة أو 150 درهما، مقابل التخلص من طابور جديد بدار الضريبة، ماشي شي مبلغ خيالي، والواحد كايشري راحتو وكايقضي مصلحة، يعني هذه علاقة رابح رابح". علامات الرضى لم تكن بادية على جميع مرتادي الوكالة التي أنهت تسليم أرقام المواعد حوالي الساعة التاسعة والنصف صباحا، بعد أن سلمت الرقم 120 لآخر مواطن أكدت أنه سيسلم ملفه في اليوم ذاته، على أن يتم الأمر مساء، ففيما استغرب سائق شاحنة فرض الوزارة إعادة أداء واجب 400 درهم للقباضة، "علما أننا سبق أن أديناها للحصول على البيرمي الأحمر، يتعين علينا دفعها من جديد وإعادة جميع الإجراءات"، زاد سائق سيارة أجرة بالقول "الله يكون في عون المسكين، خاصنا ضروري نجبدو الفلوس إيلا ماعطيناهاش للشركة، غادي نعطيوها للسمسار، المهم فينا فينا". 180 ملفا يوميا وعن واجب 108 أو 150 درهما مقابل تسلم ملف تغيير رخصة السياقة، أوضح الحسين أكبيل، مستخدم بوكالة "نابس" الكائنة بحي السلام، أن على الراغب في أداء واجب التسجيل بمفرده، أداء 108 دراهم للوكالة بغية التكفل بمعالجة ملفه، ويرتفع هذا المبلغ إلى 40 درهما للراغبين في توكيل الوكالة هذه المهمة، مستدركا "في البداية كان ممكنا التكفل بهذه المسألة بدون مشاكل، لأن عدد الناس الذين كانوا يقبلون على الوكالة كان قليلا جدا مقارنة مع هذه الأيام، سيما أن هذه الفترة تتزامن مع آخر أيام الصيف وقرب انتهاء أجل تبديل رخص السياقة، في هذه الحالة، الناس كايسخرو ولاد الحومة هنا، هوما للي كايتكلفو في الصراحة بخلاص الضريبة". الاكتظاظ الذي تعرفه مصالح تغيير رخص السياقة تظهره أعداد الملفات المعالجة يوميا، ففي الوقت الذي تقوم مصالح مكتب تسجيل السيارات بسلا، بمعالجة 80 ملف تبديل رخص السياقة في اليوم، علما أنها تعالج ملفات أخرى تهم ضياع رخص السياقة واستبدال البطاقة الرمادية، يرتفع هذا العدد إلى 180 ملفا في اليوم في وكالة لا تبعد سوى ببضعة أمتار عن مكتب التسجيل، وتوجد أربع وكالات أخرى مماثلة موزعة على أحياء أخرى بالمدينة ذاتها، تستقبل هي الأخرى أعدادا مماثلة من الملفات. رقم، يؤكد أكبيل، أنه مرشح للارتفاع أكثر باقتراب أجل 30 شتنبر. ومن جهته، يقر منير بنحدوش، رئيس مركز تسجيل السيارات بحي السلام بسلا، إن هذه الوكالات خففت بعضا من الضغط الذي تعرفه مكاتب تسجيل السيارات، "لكن هذا لا يمنع أننا مازلنا نستمر في إسداء الخدمة ذاتها، علما أن دور الوكالات يقتصر على استلام الملفات ومعالجتها وإدخال البيانات التي ترسل في نهاية المطاف إلى مصالح تسجيل السيارات قصد المصادقة عليها"، مؤكدا أن لجوء المواطنين إلى وكالات القرب يبقى مسألة اختيارية "هناك من المواطنين من يفضل الذهاب إلى وكالة القرب وأداء مصاريف إضافية عن واجبات التسجيل المحددة في 400 درهم، محددة في 108 دراهم، من أجل التكفل بإعداد ملف التبديل وأداء واجب الضريبة بمصالح القباضة، في حين مازال البعض يفضل التوجه إلى مصالح تسجيل السيارات". إنجاز: هجر المغلي - تصوير (عبد المجيد بزيوات)

تجديد “البيرمي”… تقريب السماسرة من المواطنين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إحالة ملثمين كبلا مستخدمة على محكمة الإرهاب

العماري ينسف تحالفات بنكيران

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات