“بيجيدي” يعيد إنجاز 2011

هل تتفق مع الرأي القائل إن العدالة والتنمية حقق المفاجأة في انتخابات الجمعة الماضي؟ لا أعتقد أن النتائج التي تم الإعلان عنها كانت مفاجئة بقدر ما هي مثيرة للاهتمام، خاصة أن العدالة والتنمية حقق تقدما كبيرا في التمثيلية المحلية بالمقارنة مع نتائح الانتخابات الجماعية لـ 2009، إذ تمكن من مضاعفة حصته أربع مرات، وانتقلت نسبة مقاعده من 4 في المائة إلى 16 من مجموع المقاعد المتبارى بشأنها، وهي حصيلة يمكن إرجاعها أولا إلى الطريقة التي دبر بها حزب رئيس الحكومة معركة المدن الكبرى، وثانيا إلى تحسن أداء الحزب في العالم القروي، وهنا تكمن صعوبة المأمورية، على اعتبار أن التصويت في البوادي تتحكم فيه أشياء كثيرة، منها الولاء للقبيلة والعائلة، ومع ذلك استطاع «بيجيدي» الصمود في وجه سلاح الأعيان بالمراهنة على الشباب من أجل إعادة إنجاز 2011. كانت هناك ردود فعل سلبية لبعض الأحزاب بخصوص الأجواء التي مرت فيها عملية الاقتراع، ماهو تفسيرك لذلك، خاصة أن الأمر يتعلق بالحزبين الأول والثاني في لائحة النتائج ؟ تسرعت بعض الأحزاب في ردود أفعالها دون أن تضع حساب المصلحة الوطنية فوق أي اعتبار، ضاربة كل المسلسل الديمقراطي، الذي دخله المغرب مع دستور فاتح يوليوز 2011، ذلك أن التصريحات المشككة أصبحت مسلمة عند الخاسرين، وما إن ظهر أن بعض الأمناء العامين فشلوا حتى تعالت الأصوات الرافضة للنتائج المعلن عنها، ورغم أن الأمر لا يتعلق بطعون قضائية تستند إلى قرائن ووقائع ملموسة إنما طعون سياسية، فإنها ستؤثر سلبا على صورة المغرب وتهدد مسار العملية الديمقراطية الجارية فيه، لأن هذه الانتخابات ستشكل أساس الجهوية المتقدمة التي تحمل رسائل معينة إلى المجتمع الدولي، ومثل هذه التصريحات ستتيح الفرصة لأعداء الوحدة الترابية لمعاكسة المقترح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء، بل على العكس يجب استثمار هذه النتائح في اتجاه تأكيد استثنائية الإسلاميين عندنا، وأن المغرب يتقدم في مسار ديمقراطي يعترف بجميع الفرقاء. ألا يمكن ربط ذلك برمزية بعض القلاع التي خسرتها المعارضة؟ هذه أمور عادية، نتذكر أن الاتحاد الاشتراكي حكم في وقت من الأوقات فاس ومراكش، واليوم إذا لم يحقق العدالة والتنمية النتائج المرجوة سيسقط غدا وهكذا، لقد خلص أريسطو في بحثه الكبير عن أكثر الأنظمة ديمقراطية إلى مقولته الشهيرة «الديمقراطية أن يقبل الشخص بأن يكون مرة حاكما ومرة محكوما»، وإذا لم نمتثل لحكم الصناديق سنكون قد فشلنا في هذا التمرين الديمقراطي، الذي وصفته الخارجية الأمريكية بأنه خطوة جديدة في المسلسل الديمقراطي للمغرب، ولم أثر موقف واشنطن من انتتخابات الجمعة الماضي هكذا، على اعتبار أن الإدارة الأمريكية لا تصدر تصريحات من هذا القبيل إلا بناء على تقارير دقيقة، من قبيل تلك التي ينجزها المعهد الديمقراطي الأمريكي عن العمل السياسي والجمعوي في أماكن قد لا تصلها بعض الأحزاب، ويعرفون من يشتغل مع الناس ومن يشتغل لمصالحه الخاصة. * أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكشأجرى الحوار: ياسين قُطيب

“بيجيدي” يعيد إنجاز 2011

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تسونامي "المصباح" يجتاح فاس

72 % من المرشحين جدد

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات