الرشـوة تقـوي مناعتهـا

تعقدت أساليبها بتطور إجراءات الحرب الحكومية على الفساد تسببت الإجراءات، التي وضعتها الحكومة للحد من تفشي الرشوة في الإدارة، في اكتساب الظاهرة مناعة ضد كل الأسلحة المستعملة في الحرب عليها، إذ أجمعت التقارير على استمرار الفساد في كل القطاعات، مؤكدة أن الجهود المبذولة على المستويين التشريعي والمؤسساتي، لم تخفف من حجم الآفة المقلقة، إلى حد أصبحت تمثل تهديدا للتنمية في البلاد. ورصد تقرير صادر عن الاتحاد الأوربي تحت عنوان "من أجل تعزيز الحكامة الجيدة ومحاربة الرشوة وتبييض الأموال"، أن ضعف التنسيق بين المؤسسات المعنية بالحرب على الرشوة أعطى الفرصة لشبكات الفساد لتجديد أساليبها بحثا عن فجوات في الترسانة القانونية الجديدة، وأن ذلك ما يفسر قلة عدد المحاكمين بتهم الفساد. وبدأ الوافدون على الإدارات العمومية يكتشفون قنوات جديدة في طلب الرشوة، من قبل الموظفين العموميين أو عبر وسطاء، الأمر الذي ساهم في رفع المبالغ المطلوبة وفي تعقيد أساليب و خطط الالتفاف على القوانين المحدثة. فبالنسبة إلى القضاء مثلا، ساهم عدم خضوع القضاة لمراقبة صارمة من طرف الأجهزة المكلفة بذلك، في بقاء الوضع على ما كان عليه، إذ شدد التقرير المذكور على أنهم "يتلقون الهدايا"، مسجلا أن التصريح بالممتلكات لا يجري تطبيقه بالشكل المطلوب، بالإضافة إلى أن الإجراءات التأديبية لم تجر مأسستها بالشكل الكافي، خاصة في ظل تجميد توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة بهدف تعزيز استقلال السلطة القضائية. وبخصوص انتشار الرشوة في قطاع الأمن، تذكر التقارير أن أفراد الشرطة والدرك ورجال الجمارك "يستفيدون من الكثير من الامتيازات التي لا تخضع لمعايير الشفافية، في حين أن جميع الامتيازات التي يستفيد منها هؤلاء يجب أن تكون مقننة ويجري نشرها بشكل رسمي"، مع ضرورة وضع "ميثاق أخلاقي للعمل في سلك الشرطة والدرك" مع وضع تشريعات تمنع قبول الهدايا كيفما كان نوعها. ووعيا منها بأن الترسانة القانونية لن تنفع وحدها، بادرت الحكومة إلى إطلاق خطة وطنية لمحاربة الرشوة، في الأسابيع القليلة المقبلة ورصدت لذلك أكثر من 1.5 مليار درهم، وذلك في سياق سياستها للتصدي للفساد الإداري. وتمتد الخطة الحكومية البديلة على مدى عشر سنوات مقسمة إلى ثلاث مراحل رئيسية، تمتد الأولى من 2015 إلى 2016 ، سيتم خلالها تنفيذ 151 مشروعا خاصا بمحاربة الرشوة بميزانية قدرها 761 مليون درهم، على أن تشهد المرحلة الثانية بين 2017 إلى و 2020، تنفيذ 76 مشروعا بغلاف مالي قدره 686 مليون درهم، أما المرحلة الثالثة فتنطلق من 2021 إلى 2025، وتشمل 13 مشروعا بميزانية تنفيذ تتجاوز 26 مليون درهم. وتشمل الخطة الحكومية البديلة في الحرب على الرشوة في قطاعات الجماعات المحلية والصفقات العمومية واستغلال الموارد الطبيعية والدرك الملكي والجمارك والضرائب والشرطة والتعليم والعدل والصحة والنقل، بهدف ضمان حد أقصى من المعاملات الإلكترونية، ورقمنة الوثائق التي يحتاجها المواطنون من هذه الإدارات، وحذف أكبر عدد من الإجراءات والوثائق التي تفتح الباب أمام الرشوة. ياسين قٌطيب

الرشـوة تقـوي مناعتهـا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرقم الأخضر يسقط المرتشين

المصالح التجارية تتحكم في السوق

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات