دور الأحزاب في إنجاح استحقاقات 4 شتنبر

الهيآت مسؤولة عن رد الاعتبار للعمل السياسي تتولى الأحزاب ممارسة العديد من الوظائف في إطار الحياة السياسية لدولة معينة، فهي من آليات المشاركة السياسية، تقوم بوظيفة التكوين والتأطير والتربية على قيم الانخراط في الشأن العام، كما تقوم بدور الوساطة والتمثيل، وتشارك أيضا في صناعة القرار، وتحقيق التداول السلمي على السلطة، وتقوم أيضا بالرقابة على الأعمال الحكومية. تعد الأحزاب شرطا أساسيا للديمقراطية، وفي هذا السياق يقول الفقيه «كلسن» بأن لا ديمقراطية بدون تعددية حزبية. ولكن تنبغي الإشارة إلى أن التعددية الحزبية لا تعكس بالضرورة التعددية السياسية، خصوصا في الدول المتخلفة والسائرة في طريق النمو، وذلك على عكس الديمقراطيات الغربية التي تعرف تعددية حزبية وسياسية حقيقية.ويعتبر المغرب من بين الدول التي تعرف التعددية الحزبية، وقد كان هذا الأمر من بين أهم المكتسبات التي كرسها أول دستور في تاريخ المغرب سنة 1962، وهو الأمر الذي استمر في جميع دساتير المغرب وصولا إلى دستور 2011 الذي ينص في الفصل السابع منه على أن «تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية… «.وينص القانون التنظيمي رقم 29.11 على أن «الحزب السياسي، هو تنظيم دائم يتمتع بالشخصية الاعتبارية، يؤسس طبقا للقانون، بمقتضى اتفاق بين أشخاص ذاتيين، يتمتعون بحقوقهم المدنية والسياسية، يتقاسمون المبادئ نفسها، ويسعون إلى تحقيق الأهداف نفسها.يعمل الحزب طبقا لأحكام الفصل 7 من الدستور، على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية وفي تدبير الشأن العام.كما يساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، ويشارك في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية في نطاق المؤسسات الدستورية».وانطلاقا من مقتضيات الدستور، واعتمادا على مقتضيات القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، وأخذا بعين الاعتبار للتجارب والممارسات الفضلى، فمسؤولية الأحزاب السياسية، هي مسؤولية كبيرة، حيث ينبغي لها أن تساهم بشكل ايجابي في ممارسة الوظائف المسندة لها، وذلك بهدف الرفع من مستوى الممارسة والمشاركة السياسية، وبهدف النهوض بقضايا الوطن والمواطنين عن طريق طرح البرامج والبدائل الحزبية التي يمكن أن تشكل أساسا لإعداد سياسات عمومية مندمجة قادرة على تلبية احتياجات المواطنات والمواطنين والتجاوب مع متطلباتهم المشروعة. فالأحزاب مسؤولة عن المساهمة المباشرة في تجويد الممارسة السياسية، ورد الاعتبار للعمل السياسي، وهذا ما من شأنه أن يتحقق عبر المداخل التالية:الوعي بأهمية اللحظة السياسية التي تعيشها المملكة المغربية وبأهمية السياق الذي تجري فيه أول انتخابات جهوية وجماعية في ظل الدستور الجديد. والوعي بأن تقدم واستقرار المغرب مقرون بمجموعة من الشروط منها العمل السياسي السلمي والنبيل المؤمن بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.- احترام مقتضيات الدستور، والعمل على المساهمة الايجابية في تنزيل مقتضياته، وذلك من خلال الحرص على إجراء انتخابات نزيهة وحرة، تعبر بشكل صريح عن إرادة الناخبات والناخبين، وعدم المساس بالدين الإسلامي، أو بالنظام الملكي، أو المبادئ الدستورية، أو الأسس الديمقراطية، أو الوحدة الوطنية أو الترابية للمملكة.- عدم الارتكاز في البرامج والحملات الانتخابية على كل ما من شأنه أن يعد تمييزا على أساس ديني، أو لغوي، أو عرقي أو جهوي، وبصفة عامة، على أي أساس من التمييز، أو المخالفة لحقوق الإنسان.- احترام مقتضيات القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، والذي تنص المادة 28 منه، على ضرورة التزام الأحزاب بمجموعة من المعايير في اختيار المرشحين، منها:- اعتماد مبادئ الديمقراطية و الشفافية في طريقة ومسطرة اختيار المرشحين.- تقديم مرشحين نزهاء وأكفاء وأمناء، قادرين على القيام بمهامهم التمثيلية.وإضافة لهذين المعيارين، فالأحزاب يجب عليها العمل على تجديد النخب من خلال لوائح الترشيح، والحرص على تقديم مرشحات ومرشحين لا تحوم حولهم الشبهات، قادرين على التواصل والعمل الدائم والمستمر بهدف خدمة المواطنات والمواطنين وخدمة بلدهم والنهوض بأوضاعه على كافة المستويات.وشكل هذا الأمر أحد أهم المطالب المعبر عنها في خطاب الملك، لمناسبة الذكرى 62 لثورة الملك والشعب، والتي دعا فيها الملك إلى:1 - العمل على توسيع وتعميم مشاركة النساء والشباب في التنمية السياسية للبلاد طبقا لما هو مقرر في المادة 26 من القانون التنظيمي للأحزاب السياسية.2 - فرض عدم استغلال الأموال والممتلكات العمومية في الحملات الانتخابية على مرشحات ومرشحي الحزب. وعدم تلقي الأموال الأجنبية سواء بصفة مباشرة، أو غير مباشرة.3 - الحرص على تطبيق ضوابط الانضباط المقررة في الأنظمة الحزبية الداخلية في حق كل من خالف المقتضيات المتعلقة بنزاهة ومصداقية العمليات الانتخابية.4 - تحسيس المرشحات والمرشحين بأن المقاعد ليست هدفا في حد ذاتها بقدر ما أن الهدف الحقيقي من الانتخاب هو خدمة الوطن وخدمة المواطنات والمواطنين. مقترحات لإنجاح الثورة - التعبئة الكبيرة في صفوف المواطنات والمواطنين، والعمل على إقناعهم بصواب البرنامج السياسي للحزب وبكفاءة مرشحاته ومرشحيه، وبالتزامهم بالعمل على النهوض بالمهام الملقاة على عاتقهم بكل تجرد ونزاهة ومسؤولية، وذلك بغية رفع نسبة المشاركة السياسية، وإدماج المواطنات والمواطنين في قلب مسيرة التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها المملكة.-متابعة الحملات الانتخابية للوقوف بشكل مباشر على مدى التزام مرشحات ومرشحي الأحزاب باحترام المقتضيات والضوابط القانونية.- الحرص على تبني خطاب سياسي راق، يتفادى لغة السب والقذف في المنافسين، ويحترم أخلاقيات الممارسة السياسية.- الاعتماد بشكل كبير في الحملات على التعريف بالبرامج الحزبية، والتنافس على أساس البدائل المقترحة، وذلك بهدف جعل الانتخابات ذات طابع تنافسي، وذات رهانات مرتبطة بصناعية السياسات العمومية جهويا ومحليا.- اعتماد أدوات حديثة في التواصل السياسي، وفي الحملات الانتخابية تأخذ بعين الاعتبار التطورات التي عرفها العصر واللجوء الكبير لاستعمال الانترنيت و مواقع التواصل الاجتماعي.- فرض احترام المقتضيات القانونية المتعلقة بتمويل الحملات الانتخابية، سواء من حيث السقف المسموح به، أو من حيث طرق صرفه، وضرورة فرض تجنب تقديم الوعود الكاذبة أو إرشاء الناخبات والناخبين.- الحرص على استمرارية وظائف التأطير والتكوين، وإبقاء المقرات الحزبية مفتوحة وذلك عوضا عن الممارسة الحالية التي تجعل من بعض المقرات الحزبية بمثابة دكاكين انتخابية لا تفتح إلا بمناسبة الانتخابات.- اعتبار الانتخابات تكليف بمقتضاه، يتم تفويض السلطة من المواطنين والمواطنات للمنتخبين، وذلك بهدف خدمتهم وخدمة وطنهم، ومحاربة كل الممارسات التي تجعل من الوجود في المؤسسات المنتخبة، وسيلة للاغتناء غير المشروع أو للارتقاء الاجتماعي.وتبقى هذه المداخل والمقترحات، السبيل الرئيسي لإنجاح الثورة التي تحدث عنها جلالة الملك في خطابه لمناسبة الذكرى 62 لثورة الملك والشعب، وذلك حينما قال «وإذا كان لكل مرحلة رجالها ونساؤها، فإن الثورة التي نحن مقبلون عليها لن تكون إلا بمنتخبين صادقين، همهم الأول هو خدمة بلدهم، والمواطنين الذين صوتوا عليهم". وقد تضمن الخطاب نفسه العديد من الرسائل القوية والواضحة، ومنها الرسالة الموجهة للأحزاب والمرشحين، وفي هذا الخصوص يقول جلالة الملك" وهنا أقول للأحزاب والمرشحين: إن الهدف من الانتخابات لا ينبغي أن يكون هو الحصول على المناصب ، وإنما يجب أن يكون من أجل خدمة المواطن فقط.".ومن هنا يمكن القول إن مسؤولية الأحزاب هي مسؤولية جسيمة، إن المرحلة والسياق الذي نعيش فيهما لهما طابع خاص، إن التحديات كثيرة... والفرصة مواتية، ولهذا فالأحزاب، ينبغي لها أن تكون في مستوى المرحلة، والتحديات المطروحة، وذلك بهدف تكريس الاستثناء والتميز المغربي على كافة المستويات. أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسيةكلية الحقوق بجامعة سيدي محمد بن عبد الله – فاس

دور الأحزاب في إنجاح استحقاقات 4 شتنبر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ضربة أخرى لكأس العرش

تشاهدون اليوم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات