ذاكرة المعتقلات السرية 5 دار بريشة… أول معتقل سري في المغرب المستقل

استقبل ضحايا المواجهة بين الأحزاب والتنظيمات تعرضوا فيه لمختلف أنواع التعذيب من بين المعتقلات السرية التي تحدث عنها الكتاب، دار بريشة، فلا يتعلق الأمر بقرية بريش الموجودة شمال المغرب، بل بدار ارتبط اسمها بعائلة فاسية كانت تعرف من قبل باسم الحميدي، لعبت أدوارا سياسة ومالية ودبلوماسية بمغرب القرنين التاسع عشر والعشرين اسمها بريشة. انتقلت هذه العائلة حسب ما جاء في الكتاب من فاس إلى تطوان، وصارت أكثر العائلات شهرة، حتى صار اسمها يطلق على العديد من الأماكن بالمدينة، من بيننا دار بريشة التي كانت تعرف أيضا بالعرصة، أو الجنان، وكانت في ملكية أحد أفراد العائلة التي وجد بينها الأمن والباشا والمقاوم والدبلوماسي والتاجر. تحولت الدار بعد الاستقلال والتي كانت في ملكية محمد بن محمد بن عبد السلام بريشة إلى أول معتقل سري في المغرب المستقل.حدد الكتاب الذي بين أيدينا موقع معتقل دار بريشة، في الأطراف الجنوبية الشرقية لتطوان، وهي تطل على وادي المحنش وسط جنان وعرصة تعرف بالاسم نفسه. يفيد تقرير هيأة الإنصاف والمصالحة أن الأشخاص الذين تم احتجازهم بهذه الدار، كانوا يعملون في أسلاك التعليم ويشتغلون بالكتابة والفكر والسياسة والثقافة والدين، أو المقاومين، أو أعضاء ضمن جيش التحرير، أو مناصري الحزب الشيوعي المغربي وحزب الشورى والاستقلال ، أو منظمة الهلال الأسود أو مواطنين بدون انتماء سياسي ثابت.لم تكن دار بريشة، في بادئ الأمر مركزا للاحتجاز، حسب ما جاء في الكتاب، إلا أنه بعد نهاية بئيسة لصراع حول المواقع بعد حصول المغرب على الاستقلال، وبعد أن كانت تطوان شاهدة على فترات من العنف والمواجهة بين أنصار الحزبين الكبيرين بالمنطقة ، حزب الإصلاح الوطني وحزب الوحدة المغربية خلال 1937 و1940، قدر لها أن تستضيف مركزا لاحتجاز ضحايا المواجهة بين أحزاب وتنظيمات المنطقة السلطانية.تعرض المحتجون بدار بريشة لمختلف أنواع التعذيب ومن مظاهرها، حسب أحد أقارب محتجز سابق بهذا المركز، أن يساق الوفد الجديد إلى مكان يستعمله صاحب الدار إسطبلا واصطلح عليه المحتجزون اسم "الكورنة"، أي المسلخة للتعبير عن حجم التعذيب داخله، إذ يجرد المحتجز من ملابسه ويمدد على كرسي طويل من الخشب ويوثق رباطه إلى هذا الكرسي بحبل يمنعه من الحركة ليتلقى أنواعا من التعذيب والإهانات والرفس والضرب المبرح بالأحبال المنقوعة في الماء المالح، ثم يعلق بعد ذلك مربوطا من رجليه ويدلى نصف جسمه الأعلى حتى حزامه في برميل يحتوي على سوائل نتنة. وكذا تمرير التيار الكهربائي على المناطق الحساسة من أجساد المحتجزين، خاصة تحت الإبطين والأعضاء التناسلية. يفيد الكتاب أن الدار تتكون من طابق سفلي وطابقين علويين، فضلا عن قبو. يضم الطابق العلوي غرفتين كبيرتين، كما يحتوي القبو على خزان تحت الأرض لتخزين مياه الإمطار، يمتد على مساحة نصف الدار تقريبا، وقد استعمل للاحتجاز. يحيط بالدار سوران، أمامي وجانبي وفضاء كان يستعمل للمواشي والأبقار. مازالت الدار في وضعيتها الحالية محكمة البناء، جميلة العمارة، كما أن جدرانها وأرضيتها وبلاطها وأبوابها ونوافذها لم تتأثر كثيرا بمتغيرات الزمن.شهدت حديقتها الكثيفة مراسيم التعذيب، إضافة إلى غرف الطابق الأول والثاني من الدار، وكذا الدهليز، أو القبو الذي شهد أفظع الممارسات.لم تشكل دار بريشة الاستثناء، ولا كانت معزولة عن باقي مراكز الاحتجاز الأخرى بشمال المغرب وجنوبه، كانت مجرد حلقة ضمن سلسلة من المراكز أخرى نذكر منها على المثال المقاطعة السابعة بالبيضاء المعرفة بـ"الستيام"، ودار مفضل الزروالي بشفشاون، ودار الريسوني بتطوان، وهي القريبة من دار بريشة، ودار "سليشر" بغفساي وهي عبارة عن مبنى متوسط الحجم، كان تابعا لوزارة الفلاحة حيث تمت بها، حسب الأرشيف، تصفية عدد من المحتجزين، من بينهم عبد السلام الطود وإبراهيم الوزاني وبرادة الزلايجي.إعداد: إيمان رضيف

ذاكرة المعتقلات السرية 5 دار بريشة… أول معتقل سري في المغرب المستقل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بعثات رياضية في الجحيم الحلقة التاسعة منتخب السلة يتعرض لاستفزازات الجزائريين

"الشناقة"في خدمة من يدفع أكثر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات