جحيم الاختناق بالبيضاء يتهدد السائقين

افتتاح أوراش طرقية في سيدي معروف والحي الجامعي ووسط المدينة شتنبر المقبل يؤرق مستعملي الطريق ألف البيضاويون الأوراش وتعايشوا معها خلال السنوات الماضية. حفر هنا وأنفاق هناك. أزقة وشوارع مغلقة إلى حين. صور يحاول سكان المدينة اليوم، التخلص منها، على أمل "تسريح الطريق"، فسلاسة الحركة المرورية تظل هاجس كل سائق، إذ يدرك أهل البيضاء، "الأدرى بشعابها"، أن جحيم التنقل فيها أصبح لا يطاق. طرق متهالكة وبنيات تحتية مهترئة في مواجهة أسطول من مستعملي الطرق ما فتئ يتطور بسرعة. السلطات المحلية فطنت إلى حل الأزمة المرورية، عبر سيل من المشاريع الهيكلية، ذات الطبيعة الاستعجالية، والتي سترغم مستعملي الطريق في العاصمة الاقتصادية على عيش فصول إضافية من مسلسل "جحيم التنقل"، ابتداء من شتنبر المقبل، ستهم أساسا، مناطق سيدي معروف والحي الجامعي ووسط المدينة. إنجاز: بدر الدين عتيقي - تصوير: (أحمد جرفي) لن يستسيغ البيضاويون في ظل ظروف التنقل الحالية، أن يفاجؤوا خلال الأشهر المقبلة بقطع الطرقات التي تربط مساكنهم بمقرات عملهم، خصوصا أن شتنبر المقبل موعد انطلاق مجموعة من مشاريع البنية التحتية الطرقية، التي يعول عليها لتخفيف الضغط المروري على الشوارع والمفارق الطرقية الرئيسية في المدينة، التي ما فتئت تترامى على مناطق كانت بالأمس القريب تعتبر ضواحي "نائية"، يتعلق الأمر بستة مشاريع ستستمر الأشغال بها حتى دجنبر المقبل، تهم الجسر الفولاذي المعلق بسيدي معروف، ومشروع تهيئة مفترق الطرق "أزبان" والتقاطع الطرقي "أ"، إضافة إلى مشروع الممر تحت الأرضي في شارع الموحدين، وكذا مشروع الخط الثاني لـ"ترامواي" البيضاء، ناهيك عن مشروع إعادة تهيئة اثني عشر ممرا طرقيا كبيرا، تمثل عصب الحركة المرورية في العاصمة الاقتصادية، التي ستدفع فاتورة الإصلاحات المذكورة.طرق مؤقتةتأثير المشاريع الطرقية سلبا على الحركة المرورية، يؤكده مهنيو النقل الطرقي في البيضاء، الذين يحاولون جاهدين الحصول على معلومات حول مستقبل السير والجولان في المدينة، إذ توقعوا اختناقا مروريا مزمنا لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، وسندهم في ذلك، طول الفترة الزمنية التي يرتقب أن تستغرقها الأشغال، ذلك أن إعادة تهيئة الطرق تتطلب في المتوسط سنتين على الأقل، فيما يتوقع أن تمتد أشغال إنجاز ثاني خطوط "ترامواي" البيضاء إلى 2022، حسب الأجل المحدد من قبل شركة التنمية المحلية "كازا ترنسبور"، الأمر الذي يفرض على السائقين البحث منذ الآن عن طرق ومسالك جديدة لتفادي النقط المرورية "السوداء"، في الوقت الذي ركزت طلبات العروض التي تم إطلاقها أخيرا، على إنجاز مسالك طرقية مؤقتة، خصوصا بالنسبة إلى مشروعي نفق شارع الموحدين وجسر سيدي معروف، إضافة إلى مدارة "أزبان" والتقاطع الطرقي "أ"، ذلك أن الأشغال انطلقت فعليا في المشروعين الأولين، بينما تم فتح أظرفة الصفقات الخاصة بالمشروعين الآخرين نهاية يوليوز الماضي، في إطار تفويض إنجاز الأشغال لفائدة شركة التنمية المحلية المذكورة.وكشف مصدر مهني، متخصص في اللوجستيك، في حديث لـ"الصباح"، أن المسالك الطرقية المؤقتة المرتقب إنجازها، من أجل تفادي الاختناق المروري في المناطق التي تشهد أوراشا كبرى، لن تحل المشكل، فمثلا، في ورش تشييد جسر سيدي معروف، تشير التوقعات إلى استقبال هذه النقطة 11 ألف مركبة خلال فترات الذروة، فيما تؤمن المسالك الطرقية المؤقتة للورش مرور 4 آلاف مركبة في الساعة فقط، ويقفز العدد إلى 5 آلاف مركبة في أحسن الأحوال، فيما توقع الخبير الأمر نفسه، بالنسبة إلى مدارة "أزبان" والتقاطع الطرقي "أ"، خصوصا مع انطلاق الموسم الجامعي (2015- 2016)، الذي يرفع بشكل طبيعي الحركة المرورية."نقط سوداء"رغم المسالك الطرقية المؤقتة، التي تم إطلاق أشغال إنجازها، لا يتوفر السائقون البيضاويون على مسارات إضافية لتجاوز النقط الثلاث المذكورة، موضوع الأوراش، علما أن مشروع جسر سيدي معروف موجود في قلب حي للمكاتب والأعمال، ما يصعب معه تفادي تدفق آلاف موظفي المقاولات المستقرة في هذه المنطقة، التي تعتبر أيضا، نقطة عبور استراتيجية إلى الطريق السيار البيضاء- مراكش، وكذا نحو مطار محمد الخامس الدولي، الذي يستقبل بدوره 10 آلاف مركبة يوميا، مع إمكانية تضاعف هذا العدد خلال فترات الذروة، في الوقت الذي يتعين المرور عبر أحد الجسرين، موضوع الأشغال، من أجل بلوغ الحي الجامعي، ذلك أنه منذ تشغيل خط "الترامواي" الذي أغلق الطريق، أصبح لزاما على السائق ولوج الحي من الجهة الجنوبية.ومن جهتهم، لم يخف موظفون تخوفهم من صعوبة التنقل في ظل الأوراش المفتوحة إلى مقرات عملهم يوميا، علما أن الأشغال ستطول حتى الطرق، لتشمل شوارع 10 مارس وعبد الهادي بوطالب، وكذا أنفا ومحج القوات المسلحة الملكية، وهي المسالك الواقعة في الأحياء التي تعرف كثافة سكانية ونشاطا اقتصاديا مهما، إلا أن هذه الشوارع لن تغلق، بسبب تقسيم الأشغال فيها إلى أشطر، وهو ما من شأنه تخفيف وطأة الاختناق المروري. وحتى بالنسبة إلى أشغال الخط الثاني لـ"ترامواي" البيضاء، فإن الارتباك المروري سيكون محدودا نسبيا، نظرا إلى الخبرة التي تراكمت من أوراش الخط الأول، التي تتسم بالتعقيد والصعوبة، خصوصا في ما يتعلق بتهيئة الطرق والمحطات، وتمرير خطوط الماء والكهرباء، لتظل المناطق المرشحة للتأثر أكثر مقارنة مع غيرها، أي "النقط السوداء" عين السبع والحي المحمدي والفداء، وكذا شارع أنوال، أي أن السائق مطالب شتنبر المقبل لاجتياز هذه المناطق، بالتخلي عن سيارته واللجوء إلى وسائل النقل الحضري المختلفة، إذا كانت تتماشى مع احتياجاته. التنقل... المهمة المستحيلة يتزامن فتح الأوراش الطرقية الجديدة، مع تعقد ظروف التنقل في البيضاء، وهو الأمر الذي يعلق عليه مسؤول في إحدى شركات النقل الحضري، بالقول إن "هناك احتمالا كبيرا، بتعقيد الأوراش الجديدة الحركة المرورية، عوض إيجاد حل لها"، وهو الطرح الذي تعززه نتائج دراسة جديدة لمكتب الدراسات "فاليانس"، كشفت عن مؤشرات صادمة حول ظروف النقل الخاص والتجاري في العاصمة الاقتصادية، وعزت ارتفاع كلفة التنقل إلى خصوصية المجال الطرقي وعادات الاستهلاك والتسليم، ذلك أن كلفة التسليم أصبحت تمثل 17 % من قيمة السلعة المنقولة، بينما يتطلب التنقل بين حي سيدي مومن وميناء البيضاء فترة زمنية تصل إلى 83 دقيقة.وأشارت الدراسة، المنجزة بتكليف من الوكالة المغربية لتطوير اللوجستيك، إلى أن تدفق الأشخاص والسلع يتركز في خمسة أقطاب رئيسية، يتعلق الأمر بميناء البيضاء وأنفا- سيدي معروف، وكذا المنطقة الصناعية مولاي رشيد، إلى جانب المنطقتين الصناعيتين الألفة وعين السبع- البرنوصي، فيما ترتبط هذه الأقطاب بنقط تدفق ثانوية أخرى، تتضمن أسواق الجملة والتقسيط مثل درب عمر ودرب غلف، وكذا سوق المتلاشيات "لافيراي"، إضافة إلى المجازر البلدية وسوقي الجملة للخضر والفواكه والأسماك.وشدد خبراء "فاليانس" على أن الأقطاب ومحاور التدفق المذكورة تفرخ نقطا مرورية سوداء في البيضاء، إذ تأتي الطريق الوطنية رقم 11 نحو سيدي معروف على رأس هذه النقط، من خلال متوسط تدفق يومي يتجاوز سبعة آلاف مركبة خلال الفترة بين الثامنة والتاسعة صباحا، مؤكدين أن شبكة الطرقة الممتدة على 644 كيلومترا في المدينة تصل مرحلة الاختناق المروري يوميا، وذلك خلال الفترات الممتدة بين الثامنة والتاسعة صباحا، وكذا الممتدة بين الخامسة والسابعة مساء. متوسط السرعة لا يتجاوز 21 كيلومترا تتمدد الفترة الزمنية التي تستغرقها عمليات التنقل، مع بلوغ الحركة المرورية ذروتها، ذلك أن التنقل بين حي سيدي مومن وميناء البيضاء، أصبح يستغرق بالضرورة 83 دقيقة، وهي المدة التي يمكن استغلال نصفها للتنقل من مدينة إلى أخرى، في الوقت الذي يؤثر الازدحام المروري في بعض الأحياء التجارية على حركة تنقل السيارات الخاصة، إذ أكد الخبراء عدم تجاوز متوسط معدل سرعة هذه السيارات 21 كيلومترا في الساعة، ما يمثل معاناة يومية للسائقين البيضاويين.وأماطت دراسة "فاليانس" الجديدة اللثام عن واقع ركن السيارات في العاصمة الاقتصادية، ذلك أنها لاحظت سوء توزيع فضاءات الركن وتنظيم التناوب على الاستفادة من هذه الخدمة، فالمدة الزمنية لركن سيارة تجاوزت ساعتين وربع الساعة، في ظل غياب فضاءات للركن خاصة بالتسليم والأغراض التجارية، علما أن ما معدله 4.1 مركبات تتناوب على استخدام فضاء واحد للركن يوميا، مقابل ثماني أو عشر مركبات في الحواضر الأوربية.

جحيم الاختناق بالبيضاء يتهدد السائقين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

احتجاج على مقتل شابين في حادثة سير بفاس

"عين سلامة"... مشروع سياحي إيكولوجي يحتاج الدعم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات