رفيق عبد الكريم الخطيب وكاتم أسراره. كان عبد الله إسوفغ، الملقب «باتريس لومبابا» المغرب، ضمن المجموعة الأولى التي أسست الحركة الشعبية الدستورية، وشاهد عصر» على أحداث كبرى شهدها المغرب قبيل الاستقلال وبعده، أهمها الصراع التاريخي بين القصر وجزء من الحركة الوطنية، ثم حروب التصفيات الجسدية بين حزبي الاستقلال والشورى والاستقلال. حضر ابن قصور وزوايا تاكونيت عمليات ومفاوضات اندماج الحركة الشعبية الدستورية وحركة الإصلاح والتوحيد لتشكيل حزب العدالة والتنمية، كما يعتبر ذاكرة العمل النقابي بالمغرب وأحد مؤسسي الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب. الطريق إلى "السكويلة" رأيت النور، كما هو مدون في كناش الحالة المدنية، سنة 1942، البملحقة الإدارية تاكونيت بإقليم زاكورة، وهي الملحقة نفسها التي يحكى لنا أن الجد الأول لأبي أنه وصلها في نهاية القرن التاسع عشر قادما إليها من الجزيرة العربية (السعودية واليمن حاليا). وحسب الروايات التي سمعتها من أقاربي، أن الجد الأول كان يحمل اسم نصراتي وصل مع عائلته إلى منطقة تافيلالت التي استقر بها سنوات، ثم انتقل إلى سجلماسة، قبل أن ينتهي بها المطاف بزاكورة وبالضبط بتاكونيت. هذه الرواية صحيحة استقيتها من أكثر من مصدر، ونحن نعرف بالمنطقة بهذا النسب، في حين توجد أنساب أخرى بإقليم زاكورة ووادي درعة بشكل عام، تقول إنهم من أصول إفريقية وجاؤوا في رحلات وقوافل واستوطنوا هذه الوادي، وعرفوا ببشرتهم السمراء التي تشبه كثيرا بشرة السكان المحليين.في هذا المكان، ترعرت ونشأت وتكونت في بادئ الأمر على يد والدي الذي كان من أعيان المنطقة وكان اسمه علي مبارك بن علي نصراتي مشهورا ومعروفا لدى الجميع، خصوصا الوافدين الأولون من الفرنسيين الذين وضعوا أياديهم على عدد من الزوايا والقصور والقصبات والأراضي الفلاحية المحيطة بها. حرص الوالد على تعليمنا، أنا وإخواني الذكور، وكانت البداية بالتعليم التقليدي والتعليم الأصيل، إذ التحقنا ونحن صغار بالمسيد لحفظ القرآن ووصلنا إلى سورة «طه». كانت الحياة بسيطة، وكان أهل الدوار يعيشون لحالهم، رغم مظاهر الاستعمار ووجود الأجانب، فقد كنا نعرف بحسنا أن هؤلاء غرباء عنا وكنا نعاملهم على هذا الأساس.تمر السنوات سريعة، ونحن الآن في سنة 1953، والضبط يوم الاثنين 19 أكتوبر، وهو يوم أذكره جيدا لأنه شكل مرحلة فاصلة في حياتي وتاريخا مفصليا سيغير مجراها رأسا على عقب. في هذا اليوم، حل بالدوار شيخ القبيلة حاملا معه تعليمات من الإدارة الفرنسية التي بدأت تفكر في تعليم أبناء المنطقة وإعداد حجرات دراسية لهذا الغرض يتعلمون فيها بعض المواد باللغة الفرنسية فقط.وجدير بالذكر هنا، أن هذا القرار جاء بعد أشهر فقط من قرار نفي الأسرة الملكية والسلطان الشرعي محمد الخامس بتاريخ 20 غشت 1953 إلى مدغشقر، وذلك في إطار شد الحبل بين الحركة الوطنية مساندة بالعرش الملكي، وبين الاحتلال الفرنسي. كنت ساعتها في الجامع (المسيد)، أتابع دروسا في القرآن، حين بلغني خبر وصول الشيخ (عون سلطة) إلى القبيلة وربط الاتصال بعدد من الأسر والأطفال واليافعين من أجل الالتحاق بالمدرسة، ومن هؤلاء الأطفال أبناء عمي، وهم أقراني.هرولت خارج المسيد وأنا أضرب أخماسا بأسداس، وقد أخذ مني الغضب شأوا كبيرا، وبدأت أطرح أسئلة غريبة على نفسي من قبيل: علاش ولاد عمي وماشي أنا؟ وشكون باغي يمنعني باش نلتحق بالسكويلة؟ وأش هي هاد السكويلة أصلا؟ وفين جات...وأش كيديرو فيها؟...يوسف الساكت