دعا محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الحكومة إلى حذف بعض الشروط المجحفة التي تحول دون مشاركة المجتمع المدني في صياغة القرار، من قبيل التسجيل في اللوائح الانتخابية، قصد التقدم بعرائض إلى السلطات، أو ملتمسات إلى المؤسسة التشريعية. كما التمس منها تقليص عدد الموقعين لتسهيل مشاركتهم في صناعة القرار السياسي عبر القوانين.وأوضح الصبار في كلمة له لمناسبة انعقاد ندوة رعاها مسؤولو مجلس المستشارين، بينهم عبد الوحيد خوجة، الأمين العام للمجلس، مساء أول أمس (الأربعاء) أن الإكثار من الشروط يفرغ مضمون عدد من البنود القانونية، ويجعلها شبه مستحيلة، مؤكدا ضرورة تطبيق مقاربة النوع لضمان مساهمة أكثر للنساء في تدبير الجماعات المحلية، ومجالس الأقاليم والعمالات والجهات، تنفيذا لما أكدت عليه هيأة المساواة وتكافؤ الفرص.وحث الصبار الحكومة والمسؤولين المنتخبين والسلطات المحلية، على ضمان مشاركة الأطفال أيضا في صناعة القرار السياسي المحلي والجهوي، عن طريق إنشاء مجالس للأطفال، من خلال تثبيت هيآت للتشاور .وفي سياق متصل، قال محمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين، إن مفهوم مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهات، والعمالات والأقاليم، يعد من المفاهيم القديمة في الأدبيات السياسية، إذ ألح الفيلسوف جون لوك على محدودية الديمقراطية التمثيلية، عندما اعتبر أن لا أحد يمكنه إضفاء الشرعية الديمقراطية على سلطة سياسية غير المواطنين أنفسهم، وأنه لا يكفي بالنسبة للمواطنين التعبير عن اختياراتهم عبر التصويت لفائدة «ممثلين»، بل ينبغي أن تكون لديهم القدرة على مراقبة نشاط هؤلاء الممثلين.وأوضح بيد الله أن فكرة «الديمقراطية التشاركية» لم تستطع الصمود طويلا أمام دعاة «الديمقراطية التمثيلية»، إلا أن هذه الأخيرة أبانت عن محدوديتها، وباتت محط انتقادات عديدة أعادت شيئا فشيئا للديمقراطية التشاركية وهجها، نموذجا سياسيا «بديلا» يستهدف زيادة انخراط ومشاركة المواطنين في النقاش العمومي وفي اتخاذ القرار السياسي، إلى حد اعتبارها «دمقرطة الديمقراطية».وأضاف بيد الله أن الديمقراطية، تتم عبر تعزيز دور المواطن الذي لا ينبغي أن يقف عند حدود الحق في التصويت والترشح والولوج إلى المجالس المنتخبة محليا ووطنيا، بل يمتد ليشمل الحق في الإخبار وفي الاستشارة، وفي التتبع والتقييم بشكل تتحول معه حقوق المواطن من حقوق موسمية تبدأ باستحقاق انتخابي وتنتهي بانتهائه، إلى حقوق دائمة ومستمرة ومباشرة، تمارس بشكل يومي وعن قرب.واقترح بيد الله مفهوما آخر مستمدا من تجربة كندا وإيطاليا، وتسمى الديمقراطية السائلة أو المنسابة، لتغطية القصور الذي شاب الديمقراطية التشاركية، لمنح الشعوب حق المساهمة في تطوير آليات ووسائل تدبير شؤونها، حاثا على ضرورة ضمان مشاركة المواطنين وجمعيات المجتمع المدني.من جهته، قال محمد الطوزي، الأستاذ الجامعي إن مشاركة المجتمع المدني في إطار المرجعيات القانونية الحالية، سيساهم بشكل إيجابي في إنتاج القوانين واستحضار روح المسؤولية، مشيرا إلى أن دستور 2011، وضع رهانات عدة تتمثل في دسترة الديمقراطية التشاركية، لمواكبة الديمقراطية التمثيلية.وشدد الطوزي على أهمية إعمال الحكامة الجيدة في الصياغة القانونية للجماعات الترابية، لأجل ضمان مشاركة كافة فئات المجتمع في تدبير المؤسسات المنتخبة، ملحا على أهمية تطوير مشاركة المجتمع المدني.أحمد الأرقام