سفاح سطات فرض إقامة جبرية على الفتيات

غزواته لا تنتهي إلا لتبدأ في حي آخر بعد العثور على جثة جديدة والحمض النووي حسم أمر اعتقاله ما بين فبراير 2007 ومارس 2008، عاشت سطات على إيقاع جرائم بالتسلسل لمجرم ملأ الدنيا وشغل الناس، بقصص اختلط فيها الواقعي بالمتخيل انتقلت فصولها بين الألسن كالنار في الهشيم. حصيلة سفاح سطات توقفت عند ثلاث فتيات قتلهن بسادية منقطعة النظير ووجدت جثثهن في أماكن متفرقة من المدينة، لكن الهوس الجماعي لسكان المدينة جراء هذا الكابوس، كان يصنع كل ليلة جريمة بأركان وأشكال مختلفة، جعلت الأهالي يضعون أيديهم على قلوبهم خوفا على بناتهم، فخلت شوارع المدينة ما بعد السادسة مساء من الإناث، وتحولت أبواب الثانويات إلى محطات انتظار للآباء، وانتعش سوق الإشاعة داخل الحمام والمقهى والمصنع والشارع، حتى أضحى موضوع سفاح سطات وغزواته التي لا تنتهي إلا لتبدأ في حي لآخر، موضوع الساعة واليوم والشهر بل والسنة بأكملها.كان العثور على أولى الجثث في 11 فبراير 2007، لشابة تدعى فاطمة الزهراء من مواليد 1984 بسطات، خريجة لمعهد التكنولوجيا التطبيقية، وكانت تشتغل بأحد معامل برشيد. شكل الحدث صدمة في وسط معروف بأنه مسالم، خصوصا أن الضحية تنتمي إلى فئة العاملات اللاتي يحظين بالاحترام داخل المدينة، غير أن التأخر في القبض على الجاني فتح المجال أمام بداية تناسل الاستفسارات حول السر وراء عدم القدرة على فك خيوط الجريمة. وهنا كان للقدر اليد الطولى حيث تم اعتقال الجاني وأدين بسنة حبسا نافذا على ذمة قضية أخرى يومين قبل اكتشاف الجثة الأولى، ما أبعده عمليا عن دائرة الشك. بعد أسبوع من مغادرته السجن قام بجريمته الثانية والتي كانت في وقائعها ومسبباتها مماثلة للأولى، لكن في وقعها كانت أشد على الرأي العام المحلي، فلم تنمح صورة أن قاتلا لا يزال حرا طليقا يتجول وسط المدينة، وهو ما غذى المخاوف والهواجس والتي أضحت تنهل من أساطير صنعها البعض، ومنحها الاكتشاف المتوالي لجثث دون القبض على الجاني أو الجناة قوة وقابلية للتصديق. وفي 11 مارس 2008 كان العثور على جثة فتاة ثالثة، بمكان شبيه بالحفرة محاطا بالأشجار الكثيفة، خلف المنطقة الصناعية غرب طريق كيسر، بطريقة القتل نفسها بحيث تم خنقها بعد أن مارس عليها الجاني شذوذه وساديته وتركها جثة هامدة. ثلاث جرائم نفذت في حق ثلاث فتيات تجمع بينهن قواسم مشتركة، اختارها السفاح بعناية فائقة، مستغلا وسامته وبنيته الجسمانية القوية لاستدراجهن إلى أماكن بعيدة عن الأنظار، ومارس عليهن الجنس قبل خنقهن بيديه القويتين، بعد إشباع رغباته الوحشية، تاركا جثثهن وسط حفر يصعب اكتشافها. وفي النهاية تم الوصول إليه من طرف المحققين بالاعتماد على أحدث التقنيات العلمية (تحليل الحمض النووي) إضافة إلى التحريات الميدانية ليسقط المجرم صاغرا أمام القرائن الدامغة التي جابهه بها أفراد الضابطة القضائية الولائية بسطات. لم يكن موضوع الإشاعات المتتالية حول العثور على جثث لفتيات أخرى ببعيد عن المحققين، فكم مرة اضطرت عناصر الأمن للانتقال إلى أمكنة وتمشيطها بعد كثرة الحديث حولها، لكن في الوقت نفسه لم يكن المحققون يودون خسارة وقت ثمين في معركة مطاردة خيوط القبض عن القاتل، وهو أمر تلزمه السرية التامة، ما جعل التواصل حول ما يحدث بالمدينة معلقا، انتعشت معه الإشاعات إلى مستويات قياسية. في المقابل فرضت أغلب العائلات على بناتها عدم مغادرة البيت خارج وقت العمل والدراسة، وحددت السادسة مساء وقتا للدخول إلى البيت، كما وزعت الأسر في ما بينها أدوار مرافقة بناتها إلى مقرات عملهن، واصطحابهن في رحلة العودة. كما بدت حدائق المدينة التي في العادة أغلب مرتاديها من الفتيات شبه فارغة، بفعل تناسل الإشاعات حول جولات للسفاح بها من أجل اصطياد فرائسه.ولم تتنفس المدينة الصعداء إلا بعد معاينة إعادة تمثيل جرائم سفاح سطات، بعد أن خضع خبر القبض عليه للتشويش من طرف مصدري الإشاعات. وبعد استنفاد مراحل التحقيق وجلسات المحاكمة أدين المجرم في الخامس مارس 2010 من لدن هيأة المحكمة باستئنافية سطات ليسدل الستار على واحدة من أخطر الجرائم بالمدينة، خلقت موجة غير مسبوقة من الإشاعات، وحكمت على فتيات المدينة بالإقامة الإجبارية في البيوت خوفا من بطش السفاح.هشام الأزهري (سطات)

سفاح سطات فرض إقامة جبرية على الفتيات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"العزوة" حير أمن الجديدة

فريد الركراكي يخرج ثاني أفلامه القصيرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات