اعترض محمد بنعليلو، رئيس الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وعبد القادر اعمارة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، على بعض الفصول الجديدة التي دافع عنها عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، في مشروع المسطرة الجنائية الجديدة. ووجه بنعليلو واعمارة، في يوم دراسي بلجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، أول أمس (الثلاثاء)، رسائل إلى وهبي، لتفادي وضع بعض الفصول من منطلق "التشريع الانفعالي"، في إشارة إلى ترافع وزير العدل، على بعض المنتخبين، الذين تعرضوا إلى الابتزاز من قبل نشطاء بجمعيات المجتمع المدني التي تشتغل خارج القانون، فوضع المادة 3 لمنعها من وضع شكايات لدى النيابة العامة للتبليغ عن مشتبه تورطهم في الفساد. ودعا بنعليلو إلى مراجعة 12 نقطة، مستحضرا الخطاب الملكي للضرب بيد من حديد على يد المفسدين، مضيفا أن النقاش لا يهم رشوة 10 دراهم، لتحقيق منفعة ما، بل يتطلب الأمر القيام بتحليل بنية الفساد الكبير المعقد، الذي يتطلب فحص وثائق وتتبع تداعيات ذلك على أرض الواقع، ما يفرض الجمع بين التشريع الوطني، وتنزيل الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد. وأكد أن محاربة الفساد لا يجب أن تخضع لمزايدات سياسية، وليس الهدف منها الزج بالناس في السجون، بل البحث عن الحقيقة ومعاقبة المتورطين، وعدم الإفلات من العقاب. وانتقد بنعليلو ما وصفه بـ "تقييد مزدوج لتحرك النيابة العامة في المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية"، مؤكدا أنه من واجبها أن تتحرك لمواجهة الفساد، وليس بعد أن تتلقى تقارير المؤسسات الرسمية، وتكبيل عمل جمعيات المجتمع المدني في محاربة الفساد، لأنها مسؤولة، مثلها مثل المجتمع والدولة، في التبليغ عن الجرائم، وفي الوقت نفسه مواجهة من تخرق منها القانون. كما عبر عن رأي مخالف لحصر التقادم في جنح وجنايات مكافحة الفساد، على منوال باقي القضايا العادية، والتي تتراوح عمليا بين 4 سنوات و15 سنة، مؤكدا أن ذلك يساعد المفسد على محو آثار جريمته، أو الإفلات من العقاب، وأنه من الواجب مراجعة هذا الأمر، إذ أن بعض الدول ألغت التقادم في مكافحة الفساد، أو على الأقل أن يحتسب من يوم اكتشاف جرائم الفساد. من جهته، شدد اعمارة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، على أهمية الإبقاء على حق الأفراد وهيآت المجتمع المدني في التبليغ عن الجرائم الماسة بالمال العام، مع إحاطة هذا الحق بما يلزم من تدابير لتحصينه من الاستعمالات غير المسؤولة، تكريسا لانخراط المغرب دوليا في محاربة الفساد، وتعزيزا لدور المجتمع المدني، وحماية للمال العام من كل تبديد أو اختلاس. وفي إطار الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة، أكد المتحدث نفسه أهمية ربط مراجعة قانون المسطرة الجنائية، بمجموعة القانون الجنائي، وذلك وفق برمجة وآجال محددة، مع رصد الاعتمادات المالية والإمكانيات والموارد الضرورية لتنزيله، إذ وجب ضخ إمكانيات مالية لتنزيل بعض الفصول. أحمد الأرقام