“بيعـة القتـال” تمهـد طريـق الإرهـاب

دفعت الحملات الاستباقية لتجفيف منابع الإرهاب، حاملي الفكر المتطرف، إلى تغيير أساليب عملهم وطرق استقطاب أتباعهم وأيضا أماكن شحنهم بالأفكار المتشددة. وفي كل مرة يتم فيها تفكيك خلية إرهابية، تنكشف طرق اشتغال هذه الخلايا ونواتها، وتظهر الاحتياطات الاحترازية التي كان زعماؤها يتخذونها للتمويه والابتعاد عن شكوك المخبرين وعيون رجال الاستخبارات. وتبعا للسوابق القضائية المحالة على محكمة الإرهاب، فإن المشتبه فيهم، يعمدون إلى التقليل من أعداد أفراد الخلايا، حرصا منهم على تدوير المعلومات بين هذه الخلية، التي لا تتجاوز في أغلبها ثلاثة أفراد بينهم الأمير، فيما الآخرون الذين يعملون على استقطابهم، تبقى أدوارهم عبارة عن ذروع، تشاركهم قاسم التدين والتشبع بالفكر الأصولي، قبل أن تنقسم الخلية إلى خلايا أخرى، بعد التيقن من قابلية الأفراد الجدد إلى الانضمام في المشروع التخريبي، وفق شروط خاصة، تتجلى في بيعة الأمير والطاعة العمياء وتنفيذ الأوامر. وحسب مضامين المحاضر التي أنجزت في قضية ما عرف بخلية البتار المفككة، من قبل أجهزة "ديستي"، فإنها اقتصرت على ثلاثة عناصر، اختارت أحدها أميرا، وتمت مبايعته بكتاب مخطوط باليد، وهي البيعة التي يقسم فيها أفراد الخلية على طاعة أميرهم وتنفيذ أوامره، ويطلق عليها في قاموس المتطرفين، "بيعة القتال"، ومن شروطها الكتمان والسمع والطاعة للأمير، كما تقسم أهدافها إلى أهداف إستراتيجية كبرى، وهدف عام وأهداف تكتيكية، وتعلن الجهاد ضد من تعتبرهم كبار المرتدين والمخابرات. وبعد هذا التعاقد، تنطلق الخلية في تنفيذ مخططاتها عبر مراحل، وغالبا كا يكون البحث عن سبل التمويل والتسليح، أولاها، غذ أن ذلك يدخل ضمن جدول أعمال الخلية لتنفيذ مخططاتها الجهادية. وكشفت التحقيقات المجراة مع أفراد الخلية أن أميرهم خطط لتوريد السلاح، فاتجه أولا صوب عناصر القاعدة، بمنطقة الساحل، وتفاوض معهم في ذلك، إلا أنه فشل في تحقيق الهدف لصعوبة اختراق الحدود وغير ذلك من طرق المقايضة، ما دفع الأمير إلى العدول عن الفكرة لمخاطرها، والتفكير في ارتكاب جرائم أخرى لتمويل المخطط الإرهابي، إذ كشفت الأبحاث مع المتهمين أنهم خططوا لعمليات سطو واغتيال عناصر الشرطة للحصول على السلاح، من بينها التخطيط لاغتيال شرطيين بمقر أمني بالسالمية، بعد أن أجرى الأمير مراقبة مراقبته له إلى أنه تأكد من أن شرطيين يوجدان فيه باستمرار، وفي اليوم الذي خطط فيه وشريكاه للتنفيذ، فوجئوا بوجود أزيد من ستة عناصر أمنية، ما حال دون إتمامهم المخطط. وخطط المشتبه فيهم أيضا لضرب أهداف حيوية واستهداف شخصية يهودية وصحافي فرنسي، كما اتفقوا على القيام بعمليات سطو مسلح على مؤسسات بنكية وسيارات نقل الأموال. وليست هذه هي الوسيلة الوحيدة التي تعتمد عليها الخلايا الإرهابية لتنفيذ مخططاتها، بل هناك طرق متعددة كشفتها عناصر الضابطة القضائية بعد تفكيك الخلايا، من بينها تجنيد المقاتلين وجمع التبرعات وغيرها من الوسائل التي تساعد في الحصول على المال، ومن ثم اقتناء المواد التي تستعمل في صنع المتفجرات أو اقتناء الأسلحة من المهربين. ومع تنقل جغرافيا تموقع الإرهابيين، تتنوع طرق الشحذ، وتتباين وسائل تنفيذ المخططات الإرهابية، التي غالبا ما يكون أساسها نشر الخوف والفزع والرعب لإثارة الفتنة في المجتمع. فمن القاعدة في أفغانستان، إلى العراق ثم الساحل وجنوب الصحراء، وعودة إلى سوريا والشام والعراق، وأخيرا ليبيا. وتتعدد التسميات، لكن الأهداف تظل واحدة وطرق التخريب هي الأخرى متشابهة، بعد التغرير بالشباب وأدلجته بالفكر المتطرف، كما تلعب وسائل الاتصال، سيما الأنترنيت، دورا مهما في ربط الاتصال والاستقطاب والتنفيذ. تواصـل تتشابه الطريقة التي ينهجها كل أمير خلية وعدد الأفراد المشاركين معه، ويعتمد الأمير على البيعة أولا، كما يقتصر على عدد صغير من الأفراد، وأخيرا، تتم الاستعانة بالشبكة العنكبوتية في التواصل مع عناصر القاعدة بالساحل وجنوب الصحراء والعراق، وذلك من أجل الحصول على السلاح أو تعلم كيفية تصنيع المتفجرات، وهي معطيات، تشير إلى التحول الذي طبع المخططات الإرهابية ومدى القدرة على استخدام الأنترنيت. موازاة مع ذلك، طورت الأجهزة الأمنية المكلفة بمحاربة "الإسلام الجهادي"، آليات عملها، بتخصيص خلايا ذات احترافية عالية تتابع تحركات المتطرفين، وترصد علاقاتهم، كما تخترقهم عبر الشبكة نفسها، وتعمل بمبدأ "من قرر المرور إلى الفعل يعتقل". المصطفى صفر

“بيعـة القتـال” تمهـد طريـق الإرهـاب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حـارس سيـارات يقتـل لصـا بالبيضـاء

الداخلية تنهي أسطورة الحساب الإداري

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات