الهجرة القروية والبطالة والبناء العشوائي وسائل لتفريخ الجريمة وعرقلة جهود الأمن كسب حي قرية أولاد موسى أو ما يعرف عند سكان سلا بـ "القرية"، شهرة سيئة على مدى عقود، منذ أن كان تابعا للدرك الملكي، بأنه نقطة سوداء، تجمع تجار الممنوعات والمنحرفين، كما توجد فيه كثافة سكانية مهولة. رغم إحداث ثلاث دوائر أمنية بالحي، بعدما أصبح من أكبر الأحياء بالمدينة، اضطرت إلى شن حملات أمنية مكثفة، بتنسيق مع الفرقة الحضرية للشرطة القضائية بالمنطقة الأمنية سلا الجديدة، وفرقة محاربة العصابات بالأمن الإقليمي، مكنت من تفكيك عصابات وإيقاف جانحين وتجار ممنوعات ومبحوث عنهم، فإن أشخاصا أضحوا يمتلكون سطوة على بعض النقط بالحي، ويقومون بفرض مبالغ مالية على تجار سوق الحي بشارع مولاي عبدالله، الذي يعرف فوضى في احتلال الملك العمومي، بالإضافة إلى سلوكات عدوانية، كثيرا ما انتهت بمشاجرات دامية. يكفي القيام بجولة، مساء، لاكتشاف حجم الفوضى، التي تسيطر على شارع مولاي عبدالله وباب "القرية"، الغاص بالبشر والسيارات، إذ تعرض فيهما سلع الخضر والفواكه والملابس المستعملة والجاهزة وعربات ومحلات المأكولات الخفيفة، وحتى الدائرة الأمنية النهضة لم تسلم من مضايقات الباعة الجائلين، إذ يلقى رجال الشرطة صعوبة في تنقلاتهم بسيارات الخدمة أثناء القيام بمهامهم. "الشعبة" تعتبر منطقة "الشعبة" من الأماكن الأكثر خطورة بالحي، إذ تعد مرتعا للمجرمين وتجار المخدرات وقطاع الطرق، إذ يكفي القيام بإطلالة سريعة عليها، للتأكد من خطورتها سواء على المواطنين أو رجال الأمن، بحكم تضاريسها الوعرة، وكثافة الأحراش الطفيلية التي تغطي المنطقة. اختيار الجانحين وتجار المخدرات بشتى أنواعها للمنطقة، يعود إلى صعوبة اكتشاف أمرهم من قبل العناصر الأمنية، وهو ما يعقد مأمورية إيقافهم وتقديمهم للعدالة. حملات أمنية أسفرت الحملات الأمنية بالحي، التي يشنها رئيس المنطقة الأمنية سلا الجديدة رفقة نائبه العميد الإقليمي، بتنسيق مع رئيس الفرقة الحضرية للشرطة القضائية بالمنطقة الأمنية، والتي تشارك فيها فرقة مكافحة العصابات والأمن العمومي وفرقة الدراجين، وعناصر الشرطة القضائية، بالإضافة إلى الدوائر الأمنية "النهضة" و"الكفاح" والدائرة 13، التي تعمل دون انقطاع على مدار الأسبوع، على إيقاف العشرات من المتورطين في قضايا تتعلق بالحيازة والاتجار واستهلاك المخدرات والأقراص المهلوسة ومخدر "المعجون" و"سيلسيون"، والسرقة والضرب والجرح بواسطة السلاح الأبيض وحيازته بدون مبرر، وإحداث الضوضاء في الشارع العام، بالإضافة إلى موقوفين يشكلون موضوع مذكرة بحث على الصعيد الوطني أو المحلي، وحجزت عناصر الأمن خلال تلك الحملة كميات مهمة من الشيرا والأقراص المهلوسة و"المعجون"، كما ضبطت أسلحة بيضاء، وهواتف محمولة ومبالغ مالية، إضافة إلى بعض المسروقات التي تعود إلى ضحايا السرقة. لكن تضحيات المصالح الأمنية، للسيطرة على الوضع، تبقى غير كافية بسبب صعوبة ولوج سيارات النجدة لبعض النقط السوداء بفعل ضيقها، وتوظيف بعض تجار الممنوعات، مخبرين سريين يراقبون تحركات العناصر الأمنية. البناء العشوائي يعتبر الحي، من أكبر الأحياء الشعبية بالمدينة، بسبب تفاقم ظاهرة البناء العشوائي فيه، إذ بنيت نسبة مائوية كبيرة من الدور السكنية بطرق غير قانونية، خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وفي تحد سافر للقانون المتعلق بالتعمير. وعلمت "الصباح" أن ملاك أراض غير مجهزة من قبيلة احصين، اغتنوا من بيعها من خلال التجزيء السري، وفي غياب تام للسلطات المحلية، التي لم تحرك ساكنا، وظلت تتفرج على تنامي البناء العشوائي بالمنطقة، قبل أن يتدخل والي الجهة محمد اليعقوبي، أخيرا، وهدم حيا عشوائيا شيد على جبل بجنبات حي قرية أولاد موسى، تنعدم فيه شروط السكن اللائق، ويشوه الطابع العمراني والجمالي للمدينة. محاربة تجار الممنوعات يعتبر حي قرية أولاد موسى من الأحياء العشوائية التي اشتهرت بالممنوعات على صعيد الجهة منذ عقود، بحكم أن أغلب سكانه من المناطق الجبلية التي تشتهر بزراعة المخدرات، إذ كان مكانا آمنا نسبيا لتجار الممنوعات، قبل أن يضع المسؤولون الأمنيون بالمدينة، خطة أمنية، بتكثيف الحملات ليل نهار، بالإضافة إلى وضع لائحة يوميا لعناصر فرقة مكافحة العصابات، تضم المبحوث عنهم، من تجار الممنوعات وأفراد العصابات، لإيقافهم. وأثمرت العمليات التي تقوم بها العناصر الأمنية بالحي، نهاية الأسبوع الماضي، حجز ستة عشر كيلو غراما من الشيرا و40 غراما من المخدرات الصلبة "الكوكايين"، مخبأة بعناية داخل سيارة نفعية، كانت في طريقها إلى تجار المخدرات بالتقسيط بالحي نفسه. حرب "الإلترات" يعد الحي معقل الفصائل المشجعة لفريقي الرجاء والجيش الملكي، حيث يواصل أفرادها تحديهم للقانون والسلطات الأمنية، بشن حروب شوارع، يتم فيها الهجوم، وملاحقة بعضهم البعض، والاعتداء على المشجعين العزل، حتى لو كانوا بعيدين عن أي "إلترا". وانتقلت حرب الشوارع بين الفصائل المتناحرة، من الملاعب إلى شوارع وأزقة حي "القرية"، إذ تبنت أسلوبا إجراميا جديدا، يتمثل في مهاجمة الفصيل الغريم مباشرة عند نهاية كل مباراة، خصوصا عند انهزام أحد الفريقين على يد غريمه. عبد الرحيم ذو الفقار