يقال إن "العدالة البطيئة ظلم"، لأنها تضر بحقوق المتقاضين وتهدر الوقت الكثير في أشياء قد تكون "غير ذات جدوى"، ونفعها أقل من ضررها بكثير على الفرد وعلى المجتمع برمته. ما إن يفتح ملف من الملفات الكبرى، والتي تخص قضايا تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني، بالنظر إلى خطورتها الإجرامية، حتى يلاحظ أن أطوار المحاكمة تعرف نوعا من التباطؤ "غير المفهوم" في تلك القضايا، ويصبح التأجيل سيد الموقف، لا لشيء إلا لأسباب عادية، من قبيل إعداد الدفاع أو استدعاء الشهود أو المطالب بالحق المدني أو تنصيب محامين في إطار المساعدة القضائية، وكلها أسباب يمكن تجاوزها بالتفعيل الصارم لتلك القرارات القضائية حتى نضمن المحاكمة العادلة في شقها المتعلق باحترام الوقت وضمان الحقوق، لأن في الإطالة إضرارا بحقوق المتقاضين، على اعتبار أنه في حالات عديدة تتم تبرئة بعض المتابعين ويكونون قد قضوا في السجن مددا غير يسيرة، فما موقف المشرع من ذلك؟ وما الغاية من المحاكمة إذا لم يتم احترامها؟ وبشكل أدق: ما الغاية من القرارات القضائية إذا كانت لا تحترم ولا تفعل بسرعة؟، فمسألة تنصيب محامين في إطار المساعدة القضائية لا أظن أنها تتطلب شهورا، إذ يكفي مراسلة الهيأة التي يراد منها تعيين محامين في إطار المساعدة القضائية، وتقوم تلك الهيأة بإيفاد اللائحة، ومن ثم يتم تمكينهم من الأجل القانوني لإعداد الدفاع، وتنطلق المحاكمة التي يتم من خلالها ضمان حقوق المتقاضين. قد يقول البعض إن الغاية من تلك التأجيلات، الحفاظ على حسن سير المحاكمة، وهو قول مقبول إذا لم يزد عن حده وتستمر تلك التأجيلات لشهور، بل وصلت في ملفات معينة إلى سنوات دون أن تشرع في المناقشة الجوهرية للملف، ما أحاطها بعلامات الاستفهام تخفي أكثر مما تظهر وتحمل بداخلها مجموعة من الاتهامات، وقد يكون مقبولا لو أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية لم يضع آجالا استرشادية للنظر في ملفات داخل مدة زمنية، وفي كل مناسبة يعيد الكرة بضرورة احترامها في الحد الأدنى. المحاكمة العادلة هي عنوان العدالة بمفهومها الشامل، وتقتضي احترام الوقت المحدد للمحاكمة، وعدم التمطيط لأن هناك مصالح أشخاص متوقفة على تلك المحاكمة، وهناك رأي عام ينتظر مآل تلك الملفات، وهناك هيبة القضاء التي يجب العمل على حمايتها من أي انتقاد والمحافظة على وقارها، إضافة إلى أن ورش إصلاح القضاء المفتوح يرمي في الأساس إلى تسهيل المساطر وتقريبها من المواطنين، والتخفيف من معاناتهم، على اعتبار أن الغاية المثلى من أي إصلاح، تتمحور في خدمة المواطن وتحقيق العدالة، في أحسن صورها. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma