لم يعد هناك أي احترام للوقت في عصرنا الحالي، وذهبت أدراج الرياح كل الأمثلة التي كانت تتغنى بقيمة الوقت وضرورة احترام المواعيد، وانتهكت حرمته أمام الممارسات اليومية التي يعمد فيها إلى الاستهزاء به، وترتكب في حقه العديد من الجرائم، رغم أننا نعيش عصر السرعة والتطور التكنلوجي والمعرفي والثانية فيه تساوي الكثير. ومن خلال الملاحظة اليومية لتلك الجرائم، التي تقترف في حق الوقت، يقاس العبث الذي أصبح يطبع السلوك اليومي للغالبية العظمى والذي تكرس بسلوك أن الانتظار يحقق ربما غاية في نفس يعقوب. ومن الأمثلة الكثيرة التي يقف الإنسان عاجزا عن تفسيرها، المواعيد الطبية لدى بعض حاملي قسم أبو قراط، فرغم المعاناة التي تكبدها المريض للحصول على موعد، تنضاف إلى ذلك أزمة قاعة الانتظار، التي تصل إلى ساعات عديدة بسبب أن طبيبا ربما يجري عملية ما أو عدد المرضى المرتفع، وغيرها من الأسباب غير المقنعة والتي تضر أكثر مما تفيد. مرد هذا الحديث واقعة كنت شاهدة عليها لدى طبيب مختص له من الشهرة ما تجعل مواعيد الفحص لديه تكون بالشهور، ورغم أن التوقيت يكون محددا، وإذا ما أخلفته ولو بدقائق فأنت تتحمل المسؤولية، لكن أن يحترم ذلك الوقت من قبل الطبيب والممرضات، فشيء بعيد المنال. كانت امرأة تتلوى من الألم وانتظرت لساعات على التوقيت الذي منح لها، وفي الوقت الذي احتج ابنها على ذلك الأمر، خاصة أن أمه لم تعد تستطيع تحمل الألم، كان نصيبه الطرد من قبل الطبيب قبل ان يتراجع بعد تدخل من بعض المرضى، في واقعة ربما تقع كل يوم وبالشكل نفسه. لقد أصبح انتهاك الوقت وعدم احترام المواعيد، السمة الغالبة في جميع المعاملات اليومية باختلافها، فلم يسلم من ذلك إلا النزر القليل. العبث بالوقت تجده في جميع الميادين وحتى الإدارات، إذ أصبح التأخير هو السمة التي تطبع كل الإدارات، وتكفي إطلالة بسيطة على أي إدارة عمومية لتلاحظ الاستهتار الحقيقي بقيمة الوقت ومصالح المواطنين، الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى مجاراة الحال، ما ساهم في تكريس الوضع وأصبح عدم الاحترام قاعدة، وغير ذلك استثناء. ولو كان نص قانوني يجرم عدم احترام الوقت والعبث بمصالح المواطنين ويضع جزاء على ذلك، ولو كان الوعي لدى الغالبية العظمى في إمكانية مقاضاة الإدارة التي نجم عن عدم احترامها للوقت والتباطؤ في خدمة المواطن ضرر، لعمد الكل إلى العمل كل ما في وسعهم لتفادي تلك التأخيرات، على اعتبار أن المسألة ليست شخصية، وإنما هي حال وطن بكامله وأجيال مقبلة إذا ما كرست في تربيتها مثل تلك التصرفات، فلن تطلب منها أن تكون أحسن حالا، فمن شب على شيء شاب عليه. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma