بدأت هيآت أركان الأحزاب تستشعر خطر اتساع دائرة المنتخبين المتابعين، بما يمكن أن ينتج عنه من عزوف عن الترشح وضعف الإقبال على عروض التزكيات، لذلك اختارت بعض التشكيلات السياسية اتخاذ مبادرة التنقيب، منذ الآن، عن مرشحين جدد تعوض بهم نقصان مخزونها الاحتياطي من الأعيان، ولو تطلب ذلك "سرقة” رصيد الأحزاب الأخرى. ولم يأت توجس الأحزاب من الفراغ، بالنظر إلى وتيرة تزايد الحصيلة السنوية لعدد المتابعات القضائية التي تمت في حق أعضاء مجالس الجماعات الترابية، ذلك أن الأرقام الرسمية تشهد زيادة كل سنة، ووحدها السنة المنتهية سجلت 227 حالة، طالت 60 رئيسا حاليا و31 رئيسا سابقا و41 نائبا للرئيس و95 عضوا، وفق ما كشف عنه تقرير منجزات وزارة الداخلية برسم سنة 2024. والأكيد أن ما تبقى من عمر الولاية الانتخابية الحالية سيشهد المزيد من المتابعات وهو ما تنذر به لائحة طلبات العزل التي تتوصل بها المديرية العامة للجماعات الترابية من المصالح الإقليمية التي تلقت 158 طلبا لعزل منتخبين بين فاتح يناير ومتم دجنبر من السنة الماضية، ينتظر أن تتم إحالتها على المحاكم الإدارية المختصة، والتي ستصدر بدورها أحكاما في الحالات المحالة قضائيا عليها، بخصوص قيام المنتخبين المتابعين بأفعال مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل. ولا يبدو أن هناك أملا في الحصول على هدنة من الداخلية مع بداية العد العكسي للاستحقاقات المقبلة خريف 2026، بحسب الانخراط القوي لولاة وعمال العمالات والأقاليم بتنسيق مع الوكالة القضائية للمملكة، في تفعيل المساطر القضائية المتعلقة بعزل أعضاء مجالس الجماعات طبقا للمادة 64 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، وتعدد بؤر ارتكاب أفعالا مخالفة للقانون. ولن يقف الخصاص عند الجماعات المحلية، بل يهدد رصيد الأحزاب من البرلمانيين، بعدما تحدث أكثر من مصدر عن ارتفاع مؤشرات عدم الترشح مرة ثانية بسبب العدد الكبير للبرلمانيين الموجودين رهن الاعتقال، أو المتابعين أمام محاكم جرائم الأموال. حملت حصيلة منتصف الولاية الحالية أرقاما مفزعة، عنوانها وجود 30 برلمانيا، حاليين وسابقين، رهن الاعتقال، ومتابعة 44 برلمانيا أمام محاكم جرائم الأموال، واعتقال رئيس جهة ورئيس مجلس عمالة، ومتابعة 10 رؤساء مجالس عمالات وأقاليم أمام محاكم جرائم الأموال، بعضهم محكوم بالسجن النافذ. وستزداد مأمورية الأحزاب صعوبة مع اقتراب انتخابات حكومة المونديال، بسبب تسريبات عن حملة مراجعات ميزانيات أشعلتها تقارير تضمنت ملاحظات بخصوص وضعية ميزانيات جماعات ترابية، همت ارتفاعا مهما في متأخرات مالية وجبائية بذمة منتخبين قد يسقطون في المحظور رميا بسلاح تضارب المصالح. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma