لم تتوقع مهاجرة بإيطاليا، أن قدومها إلى المغرب لقضاء عطلة لا تتجاوز 15 يوما، من أجل اقتناء شقة والقيام بكل إجراءات التسجيل والتحفيظ، ستطول إلى خمس سنوات، بعد أن وجدت نفسها ضحية نصب واحتيال من قبل مالك الشقة وموثق في مبلغ 300 مليون، إذ رغم هذه المدة الطويلة إلا أنها لم تنصف بعد من قبل المحكمة، ومازالت القضية جارية رغم أن الأدلة تؤكد تورط المتهمين في النصب.وتعود تفاصيل الواقعة، عندما تقدمت الضحية بشكاية إلى وكيل الملك تفيد فيها أنها اشترت شقة بحي المستشفيات بالبيضاء بمبلغ 300 مليون، وأنها مكنت مالكها من ثمن البيع كاملا وحررت معه عقد البيع عند الموثق (ح.س) وسلمها أمامه مفاتيح الشقة، لتكتشف في ما بعد أن العقد الذي حرره الموثق مجرد وعد بالبيع، مضمن بالتزام منها بأداء 200 مليون لمالك الشقة، وأن الشقة موضوع التفويت مثقلة برهون لفائدة بنك وعليها حجز تنفيذي مع تحديد تاريخ بيعها أمام المحكمة بالمزاد العلني.اتهمت المشتكية الموثق، أنه ضمن بسوء النية اتفاقا مغايرا بتحريره عقد وعد بالبيع وأشار إلى ثمن غير حقيقي، قبل أن يخبرها أن العقار مثقل بالرهون، ما جعل النيابة العامة تأمر الضابطة القضائية لعين الشق بالاستماع إلى المشتكية والمتهمين، قبل أن تحيل الملف على قاضي التحقيق، الذي قرر متابعة مالك الشقة (م.ش) بالسراح المؤقت مقابل كفالة قدرها 200 مليون، سيما عندما أكد مدير وكالة بنكية خلال الاستماع إليه، أن مالك الشقة تسلم الثمن كاملا بمقر الوكالة البنكية، إذ سلمته المشتكية 100 مليون نقدا، وفي اليوم الموالي 60 مليون نقدا، مع شيك مضمن به مبلغ 140 مليونا، عمد المتهم إلى تحويله إلى حسابه الشخصي بعد أن أدلى ببطاقته الوطنية.كما قضى قاضي التحقيق بعدم الاختصاص بخصوص التهم الموجهة للموثق وأحال ملفه على الوكيل العام للملك، معللا أن وقائع الملف تؤكد أن الأفعال التي قام بها الموثق، وهي تضمين العقد المحرر من قبله التزاما غير المتفق عليه حقيقة وثمنا غير محدد من قبل الطرفين، وعدم إشعار المشتكية أن العقار مثقل برهون، إضافة إلى أنه خلال الاستماع إلى قرصين مدمجين قدمتهما الضحية يتضمنان حوارات صوتية معه، كشف تورط الموثق في عملية النصب التي تعرضت لها الضحية، يشكل جناية التزوير في محرر رسمي حسب القانون الجنائي.ولم يكتف مالك الشقة بالنصب على المهاجرة، بل تقدم بدعوى استعجالية أمام المحكمة المدنية بالبيضاء، يطالب فيها المشتكية بإفراغ الشقة لأنها احتلتها بدون حق، بحجة أنه لم يبرم معها أي عقد للبيع، كما أنها استغلت انشغاله بالتزامات لتقوم باحتلال الشقة، إلا أن المحكمة قضت بعدم قبول الطلب، بحكم أن القضية معروضة أمام القضاء الزجري، تطبيقا لقاعدة "الجنائي يعقل المدني".وشهد الملف عدة إحالات بين المحكمة الابتدائية الزجرية والاستئناف، إذ في الوقت الذي اعتبرت النيابة العامة لمحكمة الاستئناف أن التهم الموجهة للموثق تدخل في خانة الجنح، بحكم أن التزوير طال محررات عرفية، تمسكت النيابة بالمحكمة الزجرية بعدم الاختصاص لأن التزوير طال محررات رسمية، قبل أن ينتهي هذا الخلاف القانوني بإحالة الملف على قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف.وما زال التحقيق التفصيلي يراوح مكانه، بعد أن استمع قاضي التحقيق للموثق المتابع في حالة سراح والضحية، بحكم تخلف مالك الشقة عن الحضور لكل جلسات الاستماع، بعد أن استفاد لأسباب مجهولة من السراح المؤقت للمرة الثانية في هذا الملف، ليصدر قاضي التحقيق أمرا بإيقافه، وهو القرار الذي لم يفعل من قبل مصالح الأمن إلى حدود اليوم.مصطفى لطفي