كنوز: مركز جمعية «قلوب الخير» يساهم في إعادة إدماج بعض الحالات في محيطها الأسري تم تدشين "المركز الخاص بالأشخاص بدون مأوى" بالفقيه بنصالح، في 2019، بشراكة مع عمالة الإقليم، التي تكلفت بتجهيز المركز بالكامل، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في حين أشرف المكتب الشريف للفوسفاط على تجهيزه. تكلفت مؤسسة التعاون الوطني بتقديم منحة تخصص لتسيير المركز، الذي يوفر خدمات عديدة، منها التكفل بالمستفيدين بشكل دائم ومستمر ويومي، إذ يشتغل على مدار الساعة، علما أن المنحة غير كافية لتوفير كل الدعم للمستفيدين. إنجاز: خالد العطاوي خلال فصل الشتاء الحالي، تقوم المندوبية الإقليمية للتعاون الوطني بالفقيه بنصالح، بالتنسيق مع السلطات الإقليمية والمحلية وجمعية "قلوب الخير للأعمال الاجتماعية"، المشرفة على تسيير مؤسسة الرعاية الاجتماعية "مركز الأشخاص بدون مأوى"، بتنظيم حملات ليلية متعددة ومتواصلة لمواجهة موجة البرد القاسية التي تعرفها المنطقة. وتشمل الحملات جميع جماعات الإقليم، مع تركيز خاص على أحياء وأزقة وشوارع المدينة، حيث نجحت في توفير الإيواء للعديد من الحالات داخل المركز. كما شملت التدخلات إعادة إدماج بعض الحالات الأخرى في محيطها الأسري، من خلال الوساطة العائلية التي تهدف إلى إعادة بناء الروابط الأسرية واستعادة الاستقرار لهؤلاء الأشخاص. دفء في برد الشتاء في إحدى أمسيات الشتاء الباردة بالفقيه بنصالح، تبدو أضواء "المركز الخاص بالأشخاص بدون مأوى" منارة أمل في ظلام الشوارع الخالية. وعلى عتباته، تجمع عدد من المتطوعين يقدمون المشروبات الساخنة وملابس دافئة لأشخاص بدت عليهم ملامح التعب واليأس، وفي الداخل، كانت الأجواء مختلفة تماما، حيث يملأ الدفء المكان، والابتسامات تطغى على الوجوه، معلنة بداية حياة جديدة لهذه الفئة، التي طالما افتقدت الأمان. ولادة مشروع إنساني افتتح المركز في 2019 بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وشركاء آخرين، مثل المكتب الشريف للفوسفاط ومؤسسة التعاون الوطني، ليكون الأول من نوعه في الإقليم، بكلفة بلغت 300 ألف درهم، وتم تجهيز المكان بأسرة مريحة، ومرافق صحية، ومطبخ متكامل، وأماكن للاستحمام والراحة، علما أن الطاقة الاستيعابية للمركز تصل إلى 27 سريرا موزعة بالتساوي تقريبا بين الرجال والنساء، مع تخصيص مرافق مستقلة لكل فئة لضمان خصوصيتهم وراحتهم. دور شامل ومتكامل يتجاوز دور المركز توفير الإيواء إلى تقديم رعاية شاملة تشمل الدعم الطبي والنفسي والاجتماعي. يقول طارق كنوز، رئيس المركز، إن هذا المشروع "ليس مجرد مأوى، بل حاضنة إنسانية تعمل على انتشال المستفيدين من الشارع وتقديم الدعم اللازم لإعادة إدماجهم في المجتمع"، فهو يوفر أيضا خدمات علاجية بالتعاون مع مستشفيات محلية، بالإضافة إلى تقديم برامج تأهيلية تمكن المستفيدين من تطوير مهاراتهم واستعادة استقلاليتهم. ويتحدث كنوز عن الجهود المبذولة لتقديم احتياجات كل مستفيد بعناية. وقال "نحن لا نكتفي بتقديم المأكل والمأوى، بل نركز على إعادة بناء الثقة بالنفس لدى هؤلاء الأفراد، وأنشطتنا تتنوع بين الدعم النفسي، وجلسات التأهيل الاجتماعي، وحتى تنظيم ورشات ترفيهية وتعليمية". في إحدى زوايا المركز، جلست امرأة في عقدها الخامس وحيدة، إذ وجدت نفسها بدون مأوى بعد سلسلة من الأزمات الأسرية، وتحكي بشغف عن يومها الأول في المركز قائلة "لم أكن أتخيل يوما أن أجد مكانا يرحب بي ويعيد لي شعوري بالأمان"، وإلى جانبها، يتحدث كنوز عن الدوريات الليلية التي تنظمها الجمعية:"نحن ننتشل هذه الحالات من الشارع، نقدم لها العلاج اللازم، ثم نعمل على دمجها في برامج المركز المختلفة". تأثير المركز على المجتمع المحلي لا يقدم المركز خدماته للمستفيدين فقط، بل يساهم أيضا في إحداث ديناميكية اجتماعية تعزز من ثقافة التضامن في المنطقة، إذ ينظم أنشطة مفتوحة تتيح للمتطوعين المحليين المشاركة، مما يعزز روح التآزر داخل المجتمع. كما أن التعاون مع مؤسسات مثل المكتب الشريف للفوسفاط أسهم في تعزيز البنية التحتية للمركز، مما يجعله نموذجا يحتذى به على المستوى الإقليمي. ويمثل هذا المركز خطوة عملية لتحسين جودة الحياة لفئات هشة، إذ يتطلع القائمون عليه إلى تطوير برامج إضافية مثل التدريب المهني وإعادة التأهيل النفسي المكثف. كما يأملون في توسيع الطاقة الاستيعابية وتوفير مزيد من الموارد، لتمكين أكبر عدد من الأفراد من الاستفادة من خدماته. بين حكايات الأمل وصور التضامن، يظل المركز نموذجا يلهم مدنا أخرى للسير على النهج نفسه، مجسدا رسالة إنسانية تضيء حياة الكثيرين وتمنحهم فرصة جديدة لعيش حياة كريمة ومستقرة. توفير التغذية والملبس والوساطة العائلية يتم تسيير هذا المركز من قبل جمعية "قلوب الخير للأعمال الاجتماعية"، ويقوم باستقبال هذه الحالات بعد تحديدها، من خلال مجموعة من الزيارات الميدانية، إذ يتم التأكد من هويتهم الأسرية والعائلية، ثم يتم إدخالهم إلى المركز ليستفيدوا من مجموعة من الخدمات المتكاملة، مثل الإيواء، والتغذية، والملبس، والنظافة، والمواكبة النفسية والاجتماعية. وإذا كان هناك أي مشكل مع العائلة، يتم العمل على حله في إطار الوساطة الأسرية، حيث يتم التواصل مع العائلة وإعادة الربط بينهم. وفي حال وجود حالات من مدن أخرى، يتم التواصل مع الجهات المعنية في تلك المدن لإيجاد الحلول المناسبة. ويلعب هذا المركز دورا محوريا وكبيرا في منطقة إقليم الفقيه بنصالح، إذ يعتبر حلقة مهمة في تقديم الدعم والرعاية للأشخاص بدون مأوى، ويعمل على تحسين ظروفهم المعيشية وإعادة دمجهم في المجتمع.