مجلس القضاة… التخليق أولا

كشف المجلس الأعلى للسلطة القضائية في تقريره السنوي، لـ 2023، الذي قدم للملك محمد السادس في إطار الإستراتيجية الملكية التي تهم بناء حقيقيا للسلطة القضائية، عن الوجه الحقيقي للإصلاح بالحديث عن كل النقاط بشكل جدي ومسؤول والإعلان عن جميع النقاط وكل ما تم تحقيقه سواء في تدبير الوضعية الخاصة بالقضاة أو طريقة عمل المجلس وكيفية التعامل مع الشكايات والتظلمات الخاصة بالمواطنين، بالإضافة إلى الحزم في تتبع العديد من القضايا واعتماد تعديلات مهمة ترنو إلى الإصلاح الحقيقي الذي طالما أكد عليه الملك محمد السادس رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية. إنجاز: كريمة مصلي عبد النباوي: التخليق لتحقيق الأمن القضائي شكل التقرير الأخير حسب محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب، محطة مهمة وحاسمة في بناء مسار استكمال البناء المؤسساتي للسلطة القضائية المستقلة، وتنزيل الرؤية الملكية لإصلاح القضاء وتخليقه ودعم استقلاله، وتنفيذ الأوراش والبرامج التي يتضمنها المخطط الإستراتيجي الخاص به والممتد تنفيذه إلى نهاية 2026. واعتبر الرئيس المنتدب أن التخليق يشكل مدخلا أساسيا لتحقيق الأمن القضائي وتعزيز الثقة، مشيرا إلى أن اهتمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتنزيل برامجه ومخططاته الرامية إلى تطوير المنظومة القضائية بالمملكة والرفع من نجاعتها وجودتها، لم يثنه عن الاهتمام بتطوير إدارته الداخلية وتأهيلها، باعتبارها رافعة لعمل المجلس والدعامة الأساسية لتنفيذ كل البرامج والأوراش والمخططات. 2815 تظلما من أحكام قضائية أكد المجلس الأعلى للسلطة القضائية توصله بما يناهز 7578 شكاية من قبل المواطنين، تخص تظلمات من أحكام قضائية وإجراءات التنفيذ، تتعلق بطلبات تهم ملفات رائجة يتظلم أصحابها من سير الإجراءات فيها، فضلا عن شكايات خارجة عن اختصاصه، من قبيل نزاعات غير قضائية، وطلبات الاستفادة من السراح المؤقت، أو إدماج العقوبات أو طلب الاستفادة من العفو الملكي وغيرها. وحسب تقرير المجلس توصلت شعبة الشكايات والتظلمات بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية في 2023 بما مجموعه 7578 شكاية، منها 2336 اختار أصحابها إيداعها مباشرة بمقر المجلس، أي بنسبة 31 في المائة، بينما وردت 2068 شكاية عبر البريد، أي بنسبة %27، مضيفا أنه تم التوصل بعدد مهم من الشكايات عن طريق الإحالة من جهات أخرى، لأن المجلس مختص بموضوعها، وردت أغلبها من وزارة العدل بما مجموعه 1337 شكاية. وأفاد المجلس بأن التظلمات من الأحكام القضائية تصدرت قائمة الشكايات المتوصل بها السنة الماضية، إذ بلغت نسبة تقدر بـ37% من مجموع الشكايات، تلتها التظلمات من مسار ملفات رائجة أمام المحاكم بنسبة 16%، ثم التظلمات من إجراءات التنفيذ بنسبة %11، بالإضافة إلى التوصل بما يناهز 2815 شكاية متعلقة بتظلمات من أحكام قضائية، فيما 1224 شكاية متعلقة بالتظلم من مسار ملف رائج، وحلت الشكايات المتعلقة بالتظلم من إجراءات التنفيذ في الرتبة الثالثة بما يناهز 828 شكاية. وسجل المجلس أن أغلب الشكايات التي تم التوصل بها تهدف إلى إلغاء الأحكام الصادرة ضد أصحاب تلك التظلمات، وهو ما لا يدخل ضمن اختصاصاته. تسريب مقرر ... خطأ جسيم أضحت مسألة إفشاء سر المداولات أو تسريب مقرر قضائي قبل النطق به، من الأخطاء الجسيمة التي تدخل ضمن المادة 97 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إذ تم تعديل المادة بإضافة تسريب مقرر قضائي قبل النطق به واعتباره خطأ جسيما، والتنصيص على أن إخلال القاضي بواجب الاستقلال أو التجرد أو النزاهة والاستقامة يعد خطأ جسيما، إذا تجلى ذلك في الاشتباه في الارتشاء أو استغلال النفوذ أو الوساطة في ذلك، أو في كل تصرف خطير ينم عن جهل أو إهمال فادح وغير مستساغ لواجبات القاضي المهنية، من شأنه التأثير على استقلاله أو تجرده أو حياده، كما تضمنت التعديلات التنصيص على أن إخلال القاضي بالأخلاقيات القضائية وصفات الشرف والوقار، يعد خطأ جسيما، إذا تجلى في تصرف واضح ينم عن تهور ورعونة في السلوك من شانه الإساءة لحرمة القضاء أو يضر بصورته. وأكد تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن الواقع أبان عن ارتكاب بعض القضاة لإخلالات خطيرة بالأخلاقيات القضائية وصفات الوقار والكرامة، وهو أمر يضر كثيرا بصورة وحرمة السلطة القضائية، سيما أن بعض هذه الممارسات يتم تداولها من قبل الرأي العام وفي وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، ما يجعل الضرر كبيرا جدا، ويصبح معه استمرار القاضي في المزاولة مبعثا للنيل من هيبة القضاء وحرمته، وبالنظر إلى أن القاضي ملتزم بمقتضى اليمين التي يؤديها وفقا للمادة 40 من القانون التنظيمي رقم 106.13 باحترام سر المداولات، وبما أن إفشاء سر المداولات أو تسريب مقرر قضائي قبل النطق به يؤدي إلى انهيار الثقة في القضاء وأحكامه، فإن هذا الإخلال يتعين أن يعتبر إخلالا جسيما من القاضي الذي يعتبر رمزا للأمانة وحماية أسرار المتقاضين وصون أسرار مجالس القضاء، أكثر من غيره من المهنيين الملزمين باحترام السر المهني. 48 قضية تخص الخطأ القضائي سجلت خلال السنة الماضية 48 قضية تتعلق بالتعويض عن الخطأ القضائي توصل بها المجلس الأعلى للسلطة القضائية عن طريق الوكالة القضائية للمملكة، أو وزارة العدل بنسبة ارتفاع بلغت 24% مقارنة مع 2022. وأشار تقرير المجلس إلى أنه من أصل 48 قضية من القضايا التي سجلت، 24 قضية منها بالمحكمة الابتدائية الإدارية بالرباط، أي بنسبة تقدر بالنصف، فيما سجل الباقي من هذه القضايا بالمحاكم الابتدائية الإدارية الأخرى. وتوزعت القضايا الجديدة المبلغة للمجلس حسب نوع النزاع بين قضايا التعويض، التي بلغ عددها 44 قضية، أي بنسبة 92% من مجموع القضايا المسجلة، وقضايا الإلغاء بثلاث قضايا بنسبة 6%، وقضية واحدة فقط في القضاء الاستعجالي بنسبة 2%. وتشكل قضايا التعويض عن الاعتقال الاحتياطي نسبة 34% من القضايا المتعلقة بالخطأ القضائي المعروضة على المحاكم الابتدائية الإدارية، أي ما يعادل الثلث، حيث شهدت ارتفاعًا من 10 قضايا في 2022 إلى 16 قضية سنة 2023، بنسبة زيادة بلغت 30%.، تليها قضايا التعويض لأسباب مختلفة، إذ بلغ عددها 13 قضية، ما يمثل نسبة 27% من مجموع قضايا التعويض عن الخطأ القضائي، وتشمل أنواعا متعددة من الأسباب، منها عدم الاستدعاء للانتساب طرفا مدنيا أو المطالبة بالحق المدني، وخطأ في تحديد هوية مبحوث عنه، وتوقيف وديعة، وتسليم محجوز للغير، وعدم تنفيذ النيابة العامة لعقوبة محكوم بها، ورفض إرجاع البطاقة الرمادية للسيارة، وخطأ في تنفيذ عقوبة الإكراه البدني. وبلغ مجموع الأحكام القضائية الصادرة برفض التعويض 31 حكما، بنسبة 58% من إجمالي الأحكام الصادرة في السنة نفسها، مقابل حكم واحد فقط قضى بالتعويض، وكان يتعلق بخطأ في تحديد هوية مبحوث عنه. في حين بلغ مجموع الأحكام الصادرة بعدم القبول 21 حكما، بنسبة 40%. رد الاعتبار لم يعد سهلا أشار المجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلى أن مقتضيات المادة 101 في صيغتها الأصلية يعتريها نقص كبير، لأنها تجعل رد الاعتبار تلقائيا وحتميا بمرور إحدى المدتين المقررتين فيها، (أي بعد انصرام أجل ثلاث سنوات بالنسبة لعقوبات الدرجة الأولى وخمس سنوات بالنسبة لعقوبتي الدرجة الثانية)، والحال أنه يتعين التحقق من سلوك القاضي المعني بالأمر وأدائه المهني، وما إذا كان قد عرف تحسنا أم لا، وما إذا كانت العقوبة الصادرة في حقه قد ساهمت في تغييره أم لا، وهذه هي فلسلفة العقاب القائمة على مبدأي التأديب والتقويم. وأشار المجلس إلى أنه يتعين إعطاء معنى حقيقي للعقوبة التأديبية، بجعلها حافزا لتحسين السلوك المهني والأخلاقي للقضاة الذين تتم مؤاخذتهم تأديبيا، ثم تعديل المادة 101 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، من خلال ربط رد الاعتبار للقاضي بعد انصرام المدتين المشار إليهما بأمرين أساسيين، ألا يرتكب القاضي خلال المدتين مخالفة مهنية أخرى، وأن يبدو عليه من خلال التقييم أن سلوكه وأداءه المهني قد تحسنا، مع التأكيد على أن رد الاعتبار ينصرف على المستقبل، من غير أن يؤثر ذلك على الوضعيات السابقة. الشباب يهيمنون على السلك القضائي كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية عن هيمنة فئة الشباب على السلك القضائي، إذ بلغ عدد القضاة الذين يقل عمرهم عن 40 سنة، 1296 قاضيا، تليهم الفئة العمرية من 40 سنة إلى 49 بـ 1141 قاضيا. وبلغ عدد القضاة الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و59 سنة 948 قاضيا، بينما بلغ عدد القضاة الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و70 سنة 568 قاضيا فقط، أما القضاة الذين يزيد عمرهم عن 70 سنة فعددهم 9 قضاة. أما في ما يخص توزيع القضاة حسب المحاكم، فقد أظهرت الإحصائيات أن المحاكم الابتدائية تستحوذ على النسبة الأكبر من الذين يقل عمرهم عن 40 سنة بـ 1231، في حين أن محكمة النقض تضم قاضيا واحدا فقط من هذه الفئة، ويهيمن القضاة الأكبر سنا الذين يفوق عمرهم 60 سنة، على محاكم النقض بـ144 قاضيا، كما بلغ إجمالي عدد القضاة الممارسين بالمحاكم، 3962 قاضيا، موزعين بين المحاكم العادية بـ 3325 قاضيا، ومحكمة النقض بـ 261 قاضيا، والمحاكم التجارية بـ 222 قاضيًا، والمحاكم الإدارية بـ 154 قاضيا. وسجل التقرير أن التمثيل النسائي في السلك القضائي المغربي لا يزال محدودا، رغم وجود زيادة طفيفة في أعداد القاضيات على مدار السنوات الخمس، بانتقالهن من 1063 سنة 2019 إلى 1087 سنة 2023. تمديد سن التقاعد للقضاء على النقص العددي بموجب التعديل الذي طرأ على المادة 104 من القانون التنظيمي 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، أضحى بالإمكان السماح بتمديد سن تقاعد القضاة إلى 75 سنة، إذ كانت المادة 104 من القانون المذكور تحدد سن التقاعد في 65 سنة، مع إمكانية التمديد إلى 70 سنة بمقتضى تمديدات سنوية. وأوضح التقرير أن التعديل الجديد جاء لتخفيف العبء عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي كان يضطر إلى دراسة طلبات التمديد كل سنة، في وقت يعاني فيه السلك القضائي نقصا كبيرا بسبب ارتفاع عدد القضايا وتزايد الحاجة إلى خبرة القضاة الأكبر سنا. ثروة القضاة...15 سنة للتقادم رفع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ضمن التعديلات التي أدخلت على المادة 100 من القانون التنظيمي، مدة تقادم المتابعات المتعلقة بالزيادة غير المبررة في ثروة القضاة في 15 سنة وليس 5 سنوات، كما كان في السابق. وذكر التقرير أن المادة 100 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، تنص على تقادم المتابعة التأديبية بمرور خمس سنوات على ارتكاب الفعل، أو بتقادم الدعوى العمومية إذا كان الفعل المرتكب يشكل عملا جرميا، إلا أنه خلال البت في بعض القضايا من قبل المجلس، اتضح وجود غموض في تفسير النصوص المتعلقة بهذا الموضوع، سيما مقتضيات المادة 107 من القانون التنظيمي للمجلس المتعلقة بتتبع ثروة القضاة، إذ تذهب بعض الآراء إلى القول بإخضاعها إلى مقتضيات التقادم المنصوص عليها في المادة 100 المشار إليها، وهو ما لا ينسجم مع فلسفة التخليق التي تنهجها الدولة عموما، ويتبناها المجلس، باعتبارها عاملا أساسيا لتحقيق استقلال القضاء ونزاهة القضاة وحيادهم وتجردهم، والتي هي مبادئ دستورية يقوم عليها النظام القضائي.

إشتراك سنوي (الجريدة الورقية + الموقع الالكتروني)

مجلس القضاة… التخليق أولا

العناية بوضعية القضاة في مقدمة المخطط الإستراتيجي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المطالبة بتوزيع عادل للبنيات التحتية

حموشي يعزي أسرة شهيد الواجب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات