البواري ولقجع أكثر المسؤولين الحكوميين استهدافا في البرلمان أفلت أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بصعوبة كبيرة، من أيادي برلمانيين يمتهنون "الريع"، عن طريق توظيف المؤسسة التشريعية. ولم يتنفس البواري، الذي يبدي طيبوبة "زائدة" في تعامله مع بعض البرلمانيين الباحثين عن "الهموز"، وهو يغادر قاعة جلسات مجلس المستشارين، الثلاثاء الماضي، إلا بعدما امتطى سيارته، وأقفل راجعا إلى مقر وزارته، لمواصلة دراسة ملفات "كبرى" موروثة عن سلفه، تتعلق بغذاء المغاربة. وتأبط برلمانيون ملفات مختلفة، وطاردوا وزير الفلاحة إلى بهو المجلس، وهم كلهم رجاء، بأن يلبي طلباتهم، لكنه عندما يشتم رائحة "الريع" تفوح من ملف ما، يرميه في سلة المهملات، قبل أن يصل مقر الوزارة، فيما الملفات التي تكون من أجل المصلحة العامة، يحيلها على المستشار المكلف بالعلاقات مع البرلمان، يحيى الوجدي. وقبل مطاردة البواري، تعرض فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، إلى الموقف نفسه، ورفض في أكثر من مناسبة، تلبية طلبات برلمانيين طاردوه إلى "بارك" سيارات الوزراء، ملتمسين منه إعفاء ضريبيا أو جمركيا. ويستغل بعض نواب "الأمة" المؤسسة التشريعية، لقضاء أغراض شخصية، والحصول على امتيازات، من خلال الضغط على وزراء ومديري مؤسسات عمومية، من أجل جني مكاسب. ولوحظ من خلال طرح بعض الأسئلة، سواء كانت شفوية أو كتابية، أن بعض النواب، يحولون جلسات البرلمان، إلى منبر لتصفية الحسابات، وقضاء الحاجة، ما يجعل المؤسسة التشريعية، تتحول إلى فضاء أرحب لبعض "مرتزقة" العمل البرلماني في الحصول على امتيازات، مستغلين صفة نائب برلماني، والتهديد بطرح العديد من الأسئلة الشفوية والكتابية، وهو أسلوب جديد في الابتزاز من أجل الحصول على امتيازات. والمؤكد أن الإصلاح الدستوري الذي عرفته البلاد في يوليوز 2011، شكل نقطة تحول مهمة في تقوية صلاحيات البرلمان، سواء على مستوى التشريع بجعل السلطة التشريعية المصدر الوحيد للتشريع، أو على مستوى مراقبة العمل الحكومي بتعزيز آليات المراقبة البرلمانية، بما فيها الجلسات الشهرية المخصصة للأسئلة الشفوية المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة، التي يجيب عنها رئيس الحكومة، رغم عدم الارتقاء بها إلى الاستجواب المعمول به في الدول الديمقراطية الرائدة، لكن الدستور لم يتحدث عن لغة "الابتزاز" التي يحسن صنعها بعض البرلمانيين، الذين أصبح شغلهم الشاغل، "تسول" الوزراء من أجل قضاء أغراضهم الشخصية، وأغراض شركائهم. ولا يتم استثمار الجلسات الدستورية المخصصة لمراقبة العمل الحكومي، بالشكل الذي يصبح معه البرلمان القلب النابض للديمقراطية، بما يضمن تحسين الأداء النيابي وتطويره وإعطاء الممارسة البرلمانية مدلولها الحقيقي. وكان من المؤمل أن تشكل الجلسات الدستورية المخصصة للأسئلة الشفوية المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة، والأسئلة الشفوية الأسبوعية والكتابية، قيمة مضافة للمراقبة البرلمانية، بدل "مطاردة" الوزراء، بحثا عن تحقيق مكاسب "ريعية". عبد الله الكوزي