لم تعد القيم تحكم السلوك اليومي للعديد من الأشخاص، وأضحت السلوكات المشينة هي المؤثث الوحيد، للتعاملات في العديد من المواقف، سواء على صعيد الأسر، التي تخلت عن دور التربية، أو في الشارع أو حتى في المدرسة، التي لم تعد تلعب دور المؤطر التربوي، وهو ما يفسر حالات العنف التي ترتكب في المجتمع. اختلت الأدوار في ثلاثية البيت والمدرسة والشارع، وأضحى العنصر الثالث هو المؤطر لسلوكات العديد من الأشخاص، باختلاف انتماءاتهم الاجتماعية، وخير ما يؤكد ذلك الجريمة الأخيرة، التي كانت ضحيتها محامية فرنسية، تعرضت لاغتصاب جماعي من قبل أربعة متهمين، تناوبوا على اغتصابها، والاعتداء عليها، ولو أنها لم تفصح عما تعرضت له، وقدمت شكاية في الموضوع، لظلت كغيرها من الجرائم، التي ترتكب ويظل الجناة بعيدين عن العقاب بسبب خوف الضحية، لأنه، في مثل هذه الجرائم، تتحمل الضحية من المجتمع وزرا أكبر من الجناة، بسبب اعتبارها المسؤولة عما حدث لها. الجريمة الثانية التي لا تقل بشاعة عن الأولى، تخص قتل تلميذ أمام المدرسة بطنجة من قبل ستة أشخاص، هم الآن رهن التحقيق، بعد مشاجرة انتهت بتوجيه طعنة قاتلة له، والخطير في الأمر أن السكين الذي استخدم في الجريمة يعود للضحية نفسه، إذ سقط منه أثناء شجار جماعي، تطور إلى طعن من قبل المتهم الرئيسي للضحية، ما تسبب في وفاته. مظاهر الاختلال هذه تظهر بجلاء وما يفسرها ارتفاع نسبة الجريمة بمختلف أشكالها. بين الفينة والأخرى، تطالعنا نشرات الأخبار بتقارير عن بورصة القيم، وما تشهده من ارتفاع أو انخفاض، وتأثيرها على النظام الاقتصادي للبلدان. مؤشر البورصة هو القلب النابض لأي اقتصاد في العالم، ومع التشابه الذي تعرفه كلمة القيم، أي السندات، والقيم والأخلاق والمبادئ، تظهر الحاجة الكبرى إلى وجود بورصة لتقييم السلوكات الإنسانية بشكل دوري، وتحدد الإخفاقات والنجاحات وتظهر مدى التزام المواطن بالقانون، هذا الالتزام الذي يقاس بالسلوك اليومي للأشخاص. فالأخلاق شكل من أشكال الوعي الإنساني، كما أن مجموعة من القيم والمبادئ تحرك الأشخاص والشعوب، كالعدل والحرية والمساواة، إذ ترتقي إلى درجة أن تصبح مرجعية ثقافية لتلك الشعوب، لتكون سندا قانونيا تستقي منه الدول الأنظمة والقوانين، وهي الأساس في بناء الإنسان، سواء على الصعيد الشخصي أو المؤسساتي، وأن ما أصبح يعاش، مرده وجود اختلال كبير في منظومة القيم والسلوك لدى الأفراد، والتي تنعكس بالضرورة على المجتمع ككل، إيجابا أو سلبا، ومن ثم على المجتمع، باعتباره الأسرة الكبيرة لجميع المواطنين، الحفاظ على هذه القيم وصونها، ومكافحة كل أشكال الجريمة أيا كان مصدرها، دون أي تردد أو تساهل أو انتظارية. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma