لم تقتصر الإصلاحات المفتوحة بالبيضاء على تهيئة الشوارع الكبرى، والمداخل الرئيسية، بل سبقتها ترتيبات في الخفاء همت الأساسات غير المرئية، ويتعلق الأمر بمصادر التمويل. لقد تمكن مجلس المدينة، في نسخته الحالية، من حل معضلة حصر واستخلاص المداخيل، ووسع دائرة الاستثمار في البنية التحتية، وخرج من متاهة مساطر وفاء الشركاء بصرف الاعتمادات المالية المخصصة للمشاريع المتعددة القطاعات. وكانت البيضاء على رأس الجماعات الناجحة في امتحان الداخلية المتعلق بتحسين المداخيل بعد سلسلة ندوات دروس دعم في مادة "إعداد القوائم المالية والمحاسبية"، التي قدمتها المديرية العامة للجماعات الترابية لأعضاء لجان الميزانية والشؤون المالية والبرمجة في كل جهة على حدة. لكن ضخامة حصيلة المداخيل، التي تجاوزت عتبة 540 مليارا، جرت على مجلس البيضاء اتهاما بالنفخ في الأرقام، وشكوكا من المعارضة في صحة المعطيات والأرقام والمؤشرات المعتمدة في السجلات المالية بذريعة أنها أحادية المصدر وغير مؤشر عليها من قبل مصالح الإدارة الترابية والسلطة الحكومية المالية. لقد تطلبت مهمة تقويم أعطاب التمويل وصفة تكلفت طبيبتها بمباشرة العلاج في شخص العمدة، نبيلة ارميلي، والنائبة التاسعة المفوض لها المالية والجبايات، سناء الجاوي، وكانت النتيجة أن المجلس وفر أدلة للترافع بها خلال دورة أكتوبر المنتهية. وترجم الرقم، الذي وصلت إليه الجماعة في السنة الحالية، حجم المجهود الذي قام به المكتب المسير في السنة التي قبلها، حيث تجاوزت الموارد الذاتية سقف 3.8 ملايير درهم، ووصلت لأول مرة إلى 4.2 ملايير درهم، ثم 4.6 ملايير درهم، وتصل إلى 5.4 ملايير باحتساب الضريبة على القيمة المضافة. وخفف المكتب المسير من حدة تداعيات المصاريف الطارئة، خاصة بعدما فرضت وزارة الداخلية حذف 50 مليون درهم من ميزانية البيضاء، باعتبارها حصة مجلس البيضاء في تمويل مساهمته في إحداث الشركة الجهوية متعددة الخدمات. ورغم ثقل المصاريف، تمكنت البيضاء من توفير ما يضمن استمرار أوراشها، بعد الوفاء بأصول الديون وفوائدها وأداء تعويضات الأحكام القضائية ومستحقات الشركات والشركاء، وأداء أجور إضافة إلى أداء المبالغ السنوية المستحقة لشركتي النظافة. وفي رقم قياسي نجحت الطبيبتان في توفير فائض بـ60 مليارا، سيوجه إلى دعم مشاريع برنامج العمل، خاصة في ما يتعلق بالفضاءات الخضراء والمتنزهات وتوسيع لائحة الشوارع المرشحة لإعادة التهيئة. ما زال هناك بعض التفاوت بين طموحات المدينة وإمكانياتها الذاتية، لذلك وجب التركيز في ما تبقى من الولاية الحالية على توفير فوائض تجر قطار الاستثمار وتنهي سنوات الغرق في بحور نفقات التسيير الإجبارية. ياسين قطيب للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma