مؤتمر الموثقين… تميز العروض والتنظيم

لم يكن مؤتمر الاتحاد الإفريقي المنعقد بمراكش طيلة ثلاثة أيام من الأسبوع الماضي، موعدا فقط لنقاش حول الرقمنة وتأمين النجاعة القانونية والشفافية، واستعراض تجارب المغرب ودول أوربية، والدعوة إلى الإسراع بركوب قطار التحول التكنولوجي، لتقديم خدمات أسرع للاقتصادات الوطنية في مجالات الاستثمار وغيرها، والتحدث عن المخاطر وسبل تجنبها وتأمين التطبيقات الإلكترونية المهنية، بل كان أيضا فرصة لتعزيز الروابط والشراكات، والسير على نهج مقولة جلالة الملك في خطابه بأبيدجان عندما قال "إفريقيا ينبغي أن تحظى بثقة إفريقيا أولا..."... إنجاز: المصطفى صفر (موفد الصباح إلى مراكش) ساهم دوسا إدوار سيرياك، رئيس مكافحة الجرائم الاقتصادية وتمويل محكمة الإرهاب، بالبنين بعرض قيم حول التوثيق الرقمي ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وقال في مداخلته " بعض الجرائم المرتبطة بالمهنيين، هي في واقع الأمر من الأمور التي لم تكن معروفة من قبل، ومع اعتماد المشتبه فيهم على تطوير محاولات إخفاء الأموال القذرة، وطرحها في السوق الاقتصادية عبر مشاريع واقتناء عقارات وغيرها، فإنه مع التحول التكنولوجي واعتماد الرقمنة، أصبح المهنيون، من موثقين ومحامين وغيرهم ممن ينتمون إلى أسرة العدالة، ملزمين بالحيطة والحذر، كما تلزمهم المواكبة القانونية للاطلاع على المستجدات، خصوصا أن هذه الجرائم تتميز بخصوصيات. التوثيق الرقمي والجريمة الاقتصادية وأضاف أن التشريعات طورت أساليب البحث عن مصادر الأموال، وتطورت القوانين بدول إفريقيا في اتجاه التجريم، سيما في السنوات الأخيرة بعد أن صادق مشرع هذه البلدان على مجموعة من النصوص القانونية والاتفاقيات الدولية التي تدخل في خانة محاربة تمويل الإرهاب وغسل الأموال القذرة، سيما تلك المتأتية من المخدرات أو الاتجار بالبشر وغيرهما. وكشف رئيس المحكمة المختصة في محاربة جرائم غسل الأموال والجرائم الاقتصادية، أن هذه العمليات الإجرامية تمر بين طرفين أو عدة أطراف بهدف إخفاء حقيقة مصدر الأموال والممتلكات، ما يضع المهني في حيرة أثناء محاولته الإجابة عن سؤال، هل هذه الأموال متأتية من مصادر مشروعة؟ أو أنها متحصلة من عمليات تدخل في خانة التجريم المقصود في جريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب؟ وغير ذلك من الأساليب التي تفرض على الموثق، أن يضعها أمام عينيه، وينتبه أكثر لعدم إغفال التبليغ عنها وفق التشريع الداخلي لبلده، لأن عدم التبليغ عن هذه الجرائم الشكلية، تقع مسؤوليته على الموثق، ولو أنه لم يستفد من تلك الأموال ولم يشارك في أي فعل من الأفعال المجرمة قانونا، إذ أنه يقع تحت المساءلة ولو أنه قام فقط بواجبه المهني الصرف المتمثل في تقديم النصح ونقل الملكية وغيرها من الأمور التقنية والقانونية الملزم بها أمام المرتفقين. كما أن هذا التبليغ بالاشتباه، مفروض تلقائيا على الموثق، ولا يمكن أن يتجنبه بالادعاء بالحرص على السر المهني، والقول إن القانون يمنع إفشاءه. حمادي: تنظيم محكم وعروض قيمة حمدي حمادي، نائب برلماني حاليا بموريتانيا ووزير سابق ورئيس شرفي للموثقين، اعتبر أن القمة 33 من المؤتمر، تنظيم محكم وكثير من المحاضرات والعروض القيمة، التي كانت الاستفادة منها كبيرة لكل المشاركين. وقال حمادي في تصريحه لـ"ألصباح" نشكر جلالة الملك والمغرب حكومة وشعبا، خاصة المجلس الوطني للموثقين. وفي تعليقه على المؤتمر، أكد حمادي أن اللقاء كان مضبوطا وتطرق خلال ثلاثة أيام لمناقشة التوثيق أمام تحديات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي الذي يشهدها العالم، مضيفا «نحن الموثقون الأفارقة ارتأينا ألا نكون في منأى عن هذا التطور والتحول الرقمي في إطار المهنة، أي أن تتم جميع المعاملات والتصرفات والخدمات بطريقة إلكترونية، مع الحرص على أصالة العقود، وعلى تأمينها وأن يكون هناك توفيق بين الذكاء الاصطناعي ومراعاة شروط التحديث والمعاصرة مع الحفاظ على أصالة العقود». وأشار حمادي إلى أن المؤتمر انعقد بعد التهييء له بالداخلة، وهي المحطة التي مرت بصورة جيدة وتحضير محكم، إذ حضر رؤساء الهيآت الإفريقية المشكلة للاتحاد اجتماع الداخلة، واشتغلوا حول محاور التعاون البيني والاندماج والتحول الرقمي، وكان التتويج بتنظيم المؤتمر بمراكش، شارك فيه 1100 مشارك ولأول مرة شاركت ألمانيا بالإضافة إلى موثقين فرنسيين وإسبان،. وانتهى الجمع العام في الداخلة باختيار رئيس الاتحاد الإفريقي مرشحا وحيدا عن إفريقيا للاتحاد الدولي للموثقين، مع التزام بدعمه. تكريم ملكي للموثقين أفاد حمادي أنه خلال المؤتمر قدمت عروض قيمة، كما كانت المفاجأة الجميلة، أن رئيس المجلس الوطني للموثقين بالمغرب، البلد المنظم، عين وزيرا في الحكومة، وهذا تكريم للموثقين وتتويج لمسارهم ودليل على عناية الملك واهتمامه بالموثقين، و»أنا شخصيا أعرف الزميل هشام الصابري، وسبق أن تعاملنا، إذ وقعت عندما كنت رئيسا لغرفة الموثقين الموريتانيين، اتفاقية حول الرقمنة في 2022، حول تكوين الموثقين الموريتانيين بالمغرب، وحول التوأمة بين الهيأتين لتحقيق التقدم والتبادل والاستفادة من الخبرات. وكانت ثمرة الاتفاقية استفادة عدد من الموثقين الموريتانيين من تكوين في معهد التوثيق في الدار البيضاء، وهناك آفاق للتعاون». راصد التعاقد عن بعد شارك محمد رشيد التدلاوي، الكاتب العام للمجلس الوطني للموثقين المغاربة، ضمن فعاليات التنظيم، كما كانت له مساهمة فعالة في ندوة العقد الإلكتروني، إذ كشف في عرضه مختلف مراحل العقد مستعينا بأشرطة فيديو توثق للعملية، وطريقة التعاقد عن بعد، وتقنيات ضمان الفعالية والأمان. وأجاب عن استفسارات الموثقين المشاركين من مختلف الدول الإفريقية. لم يقتصر دور التدلاوي، على تقديم عرضه والرد عن الأسئلة، بل ساهم في التنظيم المحكم للمؤتمر. تطور ورقمنة محمد لحلو، الموثق بالدار البيضاء، اعتبر أن اللقاء ليس فرصة فقط للاطلاع على أهم المستجدات التي أملاها التطور التكنولوجي والرقمنة فحسب، بل هو أيضا تعزيز للروابط التي تجمع المجلس الوطني للموثقين، بمختلف الهيآت الإفريقية، وسير هذا نهج جلالة الملك الذي ما فتيء ينادي في مختلف خطاباته بالاهتمام بالبعد الإفريقي. واليوم، يضيف لحلو، فإن المؤتمر 33 يسير على هذا النهج، فبعد توقيع اتفاقيات مع السينغال ومورتانيا، تنضاف دول أخرى إلى دائرة الموقعين على هذه الاتفاقيات، ما يعني أن موثقي المغرب ماضون على الطريق نفسها التي رسمها جلالة الملك. إشراف باقتدار قادت كنزة المسفر، نائبة رئيس المجلس الوطني للموثقين، تنظيم فعاليات المؤتمر 33، بحنكة مستعينة بأطر المجلس من زملائها، إذ منذ مغادرة هشام الصابري، رئيس المجلس بعد الجلسة الافتتاحية، لحضور مراسيم تعيينه من قبل جلالة الملك في المنصب الوزاري، تحملت المسؤولية بدله. وكان أول نشاط قامت به، توقيع اتفاقيات الشراكة مع دول الساحل، وواصلت بعد ذلك جهودها في مهام الإشراف طيلة المؤتمر، وإلى جانبها موثقون ضمنهم ليندا بن علي، الموثقة المغربية عضو الاتحاد الإفريقي ومحمد رشيد التدلاوي، وتوفيق العزوزي، ممن كان ظهورهم لافتا طيلة أيام المؤتمر. براعة تقديم لفت توفيق عزوزي، رئيس المجلس الجهوي للموثقين بالرباط، أنظار زملائه وباقي موثقي إفريقيا، منذ اليوم الأول للمؤتمر، إذ كلف بمهمة تقديم فقرات الافتتاح التي شارك فيها وزير العدل ورئيس المجلس الوطني للموثقين ورئيس الاتحاد الإفريقي وغيرهم من المسؤولين. وأظهر عزوزي، براعة في التقديم وسهولة في التحرك على المنصة الكبيرة لقصر المؤتمرات. وظل توفيق العزوزي بدوره واحدا من الأعمدة التي سهرت على التنظيم طيلة أيام المؤتمر، بل حتى فترات الاستراحة أو الغذاء كان يستغلها في دردشات مع المؤتمرين الأفارقة. تبادل الخبرات اعتبر حفيظ أوبراهيم، رئيس جهوي سابق للموثقين بالبيضاء، أن تنويه الموثقين الأفارقة، بما يحققه نظراؤهم المغاربة في مجال الرقمنة، هو تتويج لمسار كبير من خدمة المهنة والجهود التي بذلت في سبيل ذلك. وأشار في تصريح لـ"لصباح" إلى أن الشراكة والتعاون الإفريقي، في مجال الرقمنة وتبادل الخبرات التي كللت بتوقيع اتفاقيات جديدة، دليل على المكانة التي تبوأها المغرب في مقدمة الهيآت المهنية الإفريقية، وهي في الآن نفسه تكليف وليس تشريفا، بمعنى أن المؤتمر ما هو إلا محطة نحو محطات أخرى، ينبغي أن تتضافر فيها الجهود لمزيد من تطوير المهنة، لما فيه من خدمة للمهنيين وللاقتصاد الوطني والاستثمار وتحقيق الإشعاع الدولي.

مؤتمر الموثقين… تميز العروض والتنظيم

1100 مؤتمر إفريقي ناقشوا الرقمنة وانعكاسها على الخدمات والاستثمار

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الأمطار ترعب

تثبيت عقوبتي "مخازني" وبقال بفاس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات