التعليم… من رسالة سامية إلى سلعة

بحث في انتقال التربية من هدف إلى بضاعة تخضع إلى قانون العرض والطلب د. محمد عادل التريكي* التسليع التربوي التعليمي هو تحويل التربية والتعليم من رسالة سامية إلى سلعة تجارية. وهو عملية تؤدي إلى تشييء التربية والتعليم بعد تشييء الإنسان نفسه، إذ أنه يحول التربية والتعليم إلى بضاعة استهلاكية تباع وتشترى، وتخضع لقانون العرض والطلب، ويستطيع البعض الحصول عليها بينما يعجز البعض الآخر عن ذلك، وتتعرض في بعض الحالات للغش كأي سلعة أخرى. وفي هذه العملية يصبح الهدف الأسمى للتربية هو تحقيق الربح، ويتم تسويقها والترويج لها بأساليب شتى مشروعة وصادقة في بعض الأوقات، وينتابها الكذب والتزوير في أوقات أخرى. فالتسليع التربوي التعليمي، كما رأى ألكساندر، هو إدخال التربية والتعليم إلى الأسواق، وعرض الدرجات العلمية كبضاعة للبيع، وتحويل المؤسسات التعليمية إلى شركات تجارية، هدفها تحقيق المكاسب المالية يقوم عملها على التنافس ومبدأ البقاء للأصلح، أي أن التسليع التربوي التعليمي، كما قال دريسکول وویکس، يعني عمل القائمين على مؤسسات التربية والتعليم كرجال أعمال عاديين ينافسون لبيع منتجاتهم للمستهلكين، علما أن المنتج هنا هو التربية والتعليم، وأما المستهلكون فهم الطلبة. ولذلك، فإن التسليع التربوي التعليمي كثيرا ما يوفر بيئة ملائمة لبروز التسلط والمطامع الشخصية، والمكاسب الفردية، وطغيان المنافع الذاتية على التربوي التعليمي، وغلبة النظرة الربحية على التعليم، بحيث تصبح الخدمة التعليمية سلعة لا يحصل عليها إلا من يقدر على دفع ثمنها في السوق، ويحل نظام القيم السلعي محل العملية التربوية، ويتعاظم السعي إلى الثراء السريع بغض النظر عن مشروعية وقانونية الوسائل. والخطير في هذه المسألة هي السمسرة والمتاجرة في عملية التربية والتعليم والتي يقوم بها بعض الأساتذة أو من يسمون أنفسهم أساتذة و مدرسين وهم في الحقيقة لا يمتون لهذه المهنة الشريفة بأية علاقة أو صلة. يقوم هؤلاء وخصوصا في بعض المدارس الخصوصية التي ينعدم فيها الضمير المهني والرسالة النبيلة للتربية والتعليم بالسمسرة في التلاميذ باستقطابهم من مؤسسة ما إلى أخرى التي تدفع لهم أكثر للحصول على سلع أوفر. وهذا ما التمسته شخصيا عند بعض من يسمون أنفسهم "أساتذة"، وما هم إلا سماسرة في التعليم الخصوصي، يشتغلون بمؤسسة خصوصية ما ويجلبون المتعلمين بمنحهم نقطا عالية لا يستحقونها في غياب تام للعلم والمعرفة والتحصيل الدراسي وتكافؤ الفرص بين هذه الشريحة، وبالتالي يقومون بالابتزاز للمؤسسة التي يشتغلون بها بمطالب خيالية. وفي حالة عدم الخضوع لهم أو الموافقة، يقوم هذا الذي يسمي نفسه مدرسا بالتأثير على تلامذته والتغرير بهم وبأسرهم للتهجير من هذه المؤسسة والتحريض عليها والتشهير بها إلى أخرى بعد أن يتعاقد مع مؤسسة جديدة في حاجة إلى تلاميذ (سلعة) فتخضع هذه المؤسسة لمطالبه نظرا لحاجتها إلى الربح المادي. *باحث في علوم التربية

التعليم… من رسالة سامية إلى سلعة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"سيني كازا" يستعيد الوجه السينمائي للبيضاء

الركراكي يبدأ التحضير لإفريقيا الوسطى

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات