العقد العرفي عند شراء العقار

عندما نتحدث عن العقود العرفية، فإننا نكون أمام شق من المحررات، التي انتفت فيها أحد شروط العقد الرسمي لتصبح عقدا عرفيا. وينص الفصل 426 من قانون العقود والالتزامات على الكتابة، باعتبارها أحد الشروط الضرورية لقيام المحررات العرفية، إذ لا يهم هنا من يحررها، وما دام الأمر يتعلق بورقة عرفية، فهذا يتطلب وجود ورقة تتم الكتابة عليها، ويدون الأطراف اتفاقهم عليها، سواء باليد أو بالآلة الكاتبة. يرى البعض أن الكتابة لا تعتبر من شروط المحرر العرفي، إذ أن التوقيع هو الشرط الوحيد الذي يعتبر حجة على الأطراف الموقعة، في حين يرى اتجاه آخر أن الكتابة (دون تحديد اللغة) شرط بديهي في المحرر العرفي، لأن التوقيع هو بمثابة اعتماد لما هو مكتوب في المحرر، ودون هذه الكتابة يبقى الاتفاق محصورا بين طرفيه ويكون إثباتا صعبا. ولا نجد في فصول قانون العقود والالتزامات ما يحدد شكل هذه الورقة، ولا في ما يتعلق بالكشط أو المحو أو الإضافات، بل إن الشرط الوحيد الذي تم الحديث بشأنه هو التوقيع بخط اليد، وذلك في الفصل 426 من قانون الالتزامات والعقود. وقد ألزم المشرع المغربي بتصحيح هذا الإمضاء من قبل الجهات المختصة قانونا، كما يشترط أن يرد التوقيع في أسفل الورقة حسب الفصل نفسه (426 ق ل ع). وهذه المحررات هي كل العقود التي لم يتدخل في إنجازها موثق أو عدل أو موظف رسمي له صلاحية إنجازها، وقد اعتبرها القانون المغربي وفق ما ورد في المنشور رقم 17.516 بتاريخ 1952 في شأن العقود الممضاة بخط اليد، والفصل 423 من ظهير الالتزامات والعقود المغربي: "الورقة التي لا تصلح لتكون رسمية بسبب عدم الاختصاص أو عدم أهلية الموظف أو بسبب عيب في الشكل، تصلح لاعتبارها محررا عرفيا، إذا كان موقعا عليها من الأطراف الذين يلزم رضاهم لصحة الورقة". وسميت محررات عرفية، لأنها لا تخضع لطريقة معينة في تحريرها ولا لأي إجراء من تلك الإجراءات التي تخضع لها المحررات الرسمية، وإنما تتم كتابتها على ما جرى به العرف بين المتعاقدين. أما بخصوص تقسيم المحررات العرفية، فعمد أغلب فقهاء القانون إلى تقسيم المحررات العرفية إلى محررات معدة للإثبات، ومحررات غير معدة للإثبات. المحررات المعدة للإثبات هي التي يقصد بها الأطراف المعنيون الإثبات عند المنازعة المتوقعة، ولا يشترط فيها إلا أن تحمل توقيع من يحتج بها عليه، ومن يحتج بها عليه قد يكون طرفا واحدا، كما إذا كان المحرر يتعلق بتعهد بدين، فتوقيع المدين هو المطلوب، وقد يكون طرفين كما إذا كان العقد الذي يثبته المحرر ملزما للطرفين معا كعقد الإيجار أو الشركة، فيكون توقيعهما معا هو المطلوب. المحررات غير المعدة للإثبات مثل شراح القانون بأربعة أمثلة للمحررات العرفية غير المعدة للإثبات، والتي أوردها القانون ضمن المحررات العرفية، وجعل لها حجية في الإثبات، وهي المراسلات البريدية، والدفاتر التجارية، والأوراق المنزلية، والتأشير على سند الدين. عموما، الناظر في الأنظمة العقارية في العالم يجد أنها أوجبت رسمية العقود في الميدان العقاري، لكن القانون المغربي سمح بالازدواجية في التعاقدات العقارية رسمية وعرفية. وإذا كان المشرع المغربي، أعطى للورقة العرفية الدليل نفسه والقوة الثبوتية نفسها التي للورقة الرسمية في حالة الاعتراف بها من قبل المتعاقدين، ولم ينكرها الشخص المنسوب إليه، فإنه لم يعمل على تحديد من له الصفة في تحرير هذه العقود، الشيء الذي سمح بممارسة هذه المهمة دون التوفر على شروط ومؤهلات تحرير العقود، ما أدى إلى نوع من التسيب والفوضى، حيث أصبح ميدان امتهان تحرير العقود مفتوحا على مصراعيه للعارف وغير العارف، وتمارس حتى من قبل الكتاب العموميين. ولهذا يمتاز العقد العرفي عن غيره من العقود، بالبساطة وبحرية التعاقد وبأنه يستمد قوته الثبوتية من مجرد التوقيع عليه، ولا يحتاج إلى تصحيح الإمضاءات أمام الجماعات المحلية، طالما أن الأطراف تعترف بالعقد الذي أبرمته ولا تخاذل فيه (موقف المجلس الأعلى) ولأن العقد شريعة المتعاقدين (الفصل 230 ق ل ع)، لكن العقود العرفية تكون في بعض الأحيان مخيبة للآمال وتصيب المتعاقدين بالإحباط، ويقع ذلك عندما يبادر الأطراف إلى تحرير هذه العقود بأنفسهم، أو يوكلوا أمر تحريرها إلى أحد من الغير، وقد لا تتوفر فيهم جميع شروط ومؤهلات تحرير العقد الذي يولد والحالة هذه مشوها ومحرفا لعدة حقائق، ولوضعية قانونية يصعب على المحافظ العقاري تسجيلها بالرسم العقاري، مما يفتح المجال لمشاكل ومنازعات قضائية طويلة الأمد. * أستاذة باحثة في التخطيط العمراني والبيئة

العقد العرفي عند شراء العقار

امتهان تحرير العقود صار مفتوحا على مصراعيه للعارف وغير العارف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

دورة مجلس حقوق الإنسان برئاسة مغربية

تحت الدف

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات