حملة اعتقالات طالت آلاف الاتحاديين

بوح ذاكرة بودرقة 6 واصل امبارك بودرقة، المعارض اليساري السابق، عضو هيأة الإنصاف والمصالحة، مسار كتابة المذكرات التاريخية السياسية، التي تروي الأحداث كما جرت وعايشها بإيجابياتها وسلبياتها، على أمل الاستفادة من دروسها لتفادي تكرارها. وبعد نجاح تداول كتاب « يموت الحلم ولا يموت الحالم»، الصادر في 2016 الواقع في خمسة أجزاء تضم « رسالة باريس» للصحافي الراحل محمد باهي حرمة، وكتاب» كذلك كان» مذكرات تجربة هيأة الإنصاف والمصالحة، المنجز بصفة مشتركة مع الراحل أحمد شوقي بنيوب في 2017، وكتاب» أحاديث في ما جرى» مذكرات عبد الرحمن اليوسفي في ثلاثة أجزاء. أصدر بودرقة الجزء الثاني من كتاب « بوح الذاكرة وإشهاد الوثيقة» في 2023 بعنوان فرعي من حلم الثورة إلى فضاء حقوق الإنسان، الذي يتناول فيه مساره الحقوقي استنادا على وثائق، نشر أغلبها لأول مرة. واتصلت « الصباح» بالكاتب بودرقة لأخذ الإذن منه لنشر حلقات من كتابه، ووافق على الفور، معبرا عن اعتزازه التواصل مع الصحافة الوطنية للتفاعل مع المواطنين، مقترحا نشر حلقات الجزء الأول الصادر في 2020 لأهميته، لأنه تضمن أحداثا ووقائع تعود لنصف قرن لآخر حركة مسلحة بالمغرب أرادت الإطاحة بالنظام وفشلت والمعروفة بأحداث 3 مارس 1973، مضيفا أن الجزء الأول من كتابه لم يحظ بتغطية إعلامية كبيرة، ويعتبره أهم حلقة مقارنة بحلقات الجزء الثاني في كشف الأحداث، التي جرت استنادا على وثائق. إعداد: أحمد الأرقام طلب الحزب من المهدي بن بركة مغادرة المغرب، وهو ما تم فعلا يوم 15 يوليوز، أي يوم واحد قبل الاجتماع. وبسبب الهواجس والمعطيات المسبقة، وجه اليوسفي دعوة لبعض الصحافيين الأجانب للحضور، وهي المعطيات نفسها التي كتبها محمد عابد الجابري، في كتابه منذ زمن ليس بالقريب. جرى إعداد سيناريو بشكل مسبق للانقضاض على الحزب، وما فضح الادعاء والتلفيق وأسقط القناع عن مسرحية أوفقير سيئة الإخراج، هو وجود مجموعة من الصحافيين داخل المقر لتغطية أشغال هذا الاجتماع، من بينهم أندري أزولاي، والصحافي الأمريكي طوم برادي، كما أشار إلى ذلك اليوسفي في مذكراته، وإن كان ذلك، لم يمنع من إطلاق حملة اعتقالات واسعة طالت آلاف الاتحاديين في جميع أنحاء المغرب. وجرت العادة أن أقضي العطلة الصيفية بإداو وكنيظيف، وغالبا ما كنت أسافر رفقة أخي عبد السلام، وابن عمي إدريس، وحدث هذه المرة أن سافرت وحيدا، لأصل إلى بيتنا منتصف يوليوز 1963، ويوم وصولي، تم إلقاء القبض على أحد أقاربنا مولاي أحمد سيدنا المكنى بأمجوط، رئيس جماعتنا القروية، إذ كان مرشحا للانتخابات باسم الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، واقتيد إلى مكتب آيت باها، وعلمنا أنه محتجز في القيادة، ونقل إلى المحكمة العسكرية بتهمة حيازة الأسلحة، التي لم تكن سوى سكاكين لنحر أضاحي العيد. وقفلت راجعا إلى البيت في جنح الظلام، وقد أخذ التعب مني ما أخذ، منهك القوى متعب الذات، لم أنعم بنوم هادئ، حتى جاءت أختي رقية، تستعجل إيقاظي، مصدومة مذهولة، وهي الحامل في شهرها التاسع بابنها عبد الله، تخبرني أن زوار الفجر جاؤوا لاعتقال الوالد. طوقوا المكان بعدد كبير من القوات العمومية المدججة بالأسلحة، فصرخ الوالد في وجوههم ساخرا «هل نحن في كاطنكا»، فتشوا المنازل تفتيشا دقيقا، فهمنا في ما بعد أن الأمر يتعلق ببحث عن صديق للوالد يسمى الحاج أحمد أشويض. اعتقلوا الوالد، واقتادوه إلى المكتب الإداري بسوق الخميس، وتفننوا في إيذائه بسيادية، تشيب لها الولدان. حاولوا أن ينتزعوا منه اعترافا بمكان اختباء صديقه أشويض دون جدوى، رغم معرفته بملاذه. لم أسلم بدوري من عدوانيتهم، إذ احتجزوني بمكتب القائد الممتاز بإنزكان لمدة أسبوع. كان المسؤول يزورني يوميا رفقة أفراد من القوات المساعدة. يتلذذ رفقتهم بتعذيبي، دون أن يكلف نفسه عناء استنطاقي، أو طرح أي سؤال مرتبط بأسباب اعتقالي. اعتقال الوالد سبق أن اعتقل الوالد إبان الاستعمار صيف 1953، وشاءت الأقدار أن يعتقل، وهو المقاوم من قبل القائد نفسه مجددا في 1963، وتنتزع منه مشيخة القبيلة، إذ حاولوا انتزاع الاعترافات منه بأساليب موغلة في الوحشية، جعلت أنينه يصل موجعا إلى أفئدتنا، بسبب حصول مرشح الاتحاد الوطني للقوات الشعبية المهدي السليماني على نسبة 100 في المائة من الأصوات، لتعمد أجهزة الداخلية إلى عزله، واعتقاله وتعذيبه. كما عثر على عمي مولاي امحمد جثة مكبل اليدين والرجلين، بجرح غائر في الرأس، وآثار التعذيب بادية عليه.

حملة اعتقالات طالت آلاف الاتحاديين

إعداد سيناريو للانقضاض على الحزب في مسرحية سيئة الإخراج

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العودة إلى الوطن

الدرك يطيح بمافيا تهريب الذهب والألماس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات