صعب أن تقنعني "معارضة" تغادر جلسة أسئلة شفوية بمجلس النواب، ومعها محمد أوزين. وصعب أكثر أن ينظر أوزين لواقعة الانسحاب، ويكتب عنها مقالا بلغة "أنيقة" يوزعه على المواقع الإلكترونية، ويتهم الأغلبية بخرق الدستور و"الاعتداء" المقيت على توازن السلط. لا أحد ينكر بأن الأغلبية مخطئة من أعلى شعرة في رأسها، إلى أخمص قدميها، وتستحق أكثر من انسحاب، في اليوم، من مجلسي البرلمان والمجالس الجماعية ومجالس الجهات والغرف المهنية ومجالس القرى النائية، لكن ليس أوزين من ينوب عنا في ذلك. والحكومة تستحق "الشنق" نظير ما تفعله يوميا تجاه المواطنين ومنظومة الأسعار و"البوطة" و"الحولي" و"المازوط" و"الهندية" و"البنان" الذي كنا نباهي به جارتنا الجزائر لرخص ثمنه، لكن ليس أوزين، من يتكلف بلف الحبل على عنقها، ويداه مازالتا ملطختين بوحل "الكراطة". هناك شيء داخلي يمنعني من التصديق أن يكون محمد أوزين في "طليعة" المنسحبين، وفي "يسار" الغاضبين، وعلى "نهج" المدافعين عن الطبقات المسحوقة، والمدافعين عن الديمقراطية والتعددية والدستور، وينتصب في مجلس النواب للذود عن القيم والسياسة والحق في الاختلاف. مع أوزين، تبدو اللغة مثل بائعة هوى، يمكن أن تستعملها بالطريقة التي تشاء، وتنفخ شفتيها بالمحسنات اللفظية، وتضع عليها "ماكياج" السجع والقافية وتصبغ خديها بالأمثال الشعبية "الخاثرة"، لكن تبقى رخيصة في النهاية، بلا معنى. لغة أوزين، وغيره من السياسيين المنتمين إلى ذاك الماضي المغربي البعيد، بلاستيكية بلا مذاق، لا تنفذ إلى القلب وتعافها الروح، وتتنكر لها المعاجم. "تكال"، فقط، في مواقف وفضاءات معينة لـ"قلي السم" للآخر، أو بعث رسائل مشفرة، أو تحقيق غايات، وتسجيل أهداف في شباك فارغة، وينتهي الأمر عند هذا الحد. لا أعرف من أين لـ"أوزين" بكل هذه "المعارضة"، وأين تعلمها؟ ومتى أخذ دروس تقوية فيها، ومتى وجد الوقت لفعل ذلك، وسط "نعيم" الأغلبيات المريحة التي "تربى" فيها حزبه منذ الاستقلال؟ لم يسجل لأوزين وحزبه، أن نطق بربع كلمة، حين كان الشعب "يأكل" العصا (حقيقة وليس مجازا) في شوارع المظاهرات والإضرابات وانتفاضات الخبز، ولم يسمع صوت الحركة الشعبية (في جميع صيغها)، في موجات الاعتقالات والتعسف والتعذيب والاختطاف وسنوات الرصاص المقيتة، التي كان منطلقها الحرية والاختلاف والكرامة والتغيير وتوازن السلط. لذلك، يبدو الأمر كله أشبه بمسرحية للضحك على الذقون، وتزجية الوقت في عز الصيف. مسرحية من أقوى مشاهدها، حين يجلس أوزين على الطاولة نفسها مع نبيل بنعبد الله، سليل علي يعتة، وإدريس لشكر، سليل عبد الرحيم بوعبيد والمهدي بن بركة، وعبد الإله بنكيران، سليل لا أحد، لتنسيق "المواقف" وتحديد خارطة المستقبل. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma