القضاء يفرض الحجاب بمدرسة فرنسية

القضية أعادت فتح النقاش حول حرية المتعلمات المتحجبات بمؤسسات البعثات الأجنبية أمرت المحكمة الابتدائية بمراكش، الجمعة الماضي، بالسماح لتلميذة بالولوج إلى المؤسسة التعليمية فيكتور هيجو بحجابها تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 درهم عن كل يوم تأخير، مع شمول الأمر بالنفاذ المعجل وتحميل المدعي عليها الصائر. وأصدر رئيس هيأة الحكم الأمر سالف الذكر في جلسة عامة في إطار الدعوى المدنية التي رفعتها والدة التلميذة، واستغرقت جلسات نوقشت فيها القضية، في جلستين، لينطق بالحكم بعد 14 يوما من إيداع المقال الافتتاحي. وأوردت والدة القاصر في مقالها أن ابنتها التي تتابع دراستها بالمستوى الثالث بمؤسسة فيكتور هيجو التابعة لوكالة التعليم الفرنسي بالخارج، تم منعها من ولوج المؤسسة التعليمية في 10 يونيو الجاري، كما توصلت برسالة من قبل المؤسسة التعليمية الموجودة بمراكش تخبرها أن ابنتها تم إخراجها من المدرسة لارتدائها لباسا غير لائق. وأفادت الأم أن قرار منع الولوج بالحجاب مطبق فقط بمراكش، دون باقي مؤسسات البعثة الفرنسية بجميع مدن المغرب، مؤكدة ان ابنتها ترتدي الحجاب لباسا رسميا وأصليا، تبعا لقناعتها الشخصية، وأن ما تستند عليه المؤسسة التعليمية مخالف للدستور الذي هو أسمى قانون في البلاد، ناهيك عن أن القضاء المغربي سبق أن فصل في قضية مماثلة بالقنيطرة، ملتمسة الأمر بالسماح لابنتها باستكمال دراستها وولوجها إلى المؤسسة، مطالبة بإنزال غرامة تهديدية ضد المدرسة قيمتها 500 درهم عن كل يوم تأخير، وأرفقت مقالها بشهادة مدرسية وعقد ازدياد ومحضر معاينة منجز من قبل مفوض قضائي. وفي جلسة الخميس الماضي، حاول دفاع المؤسسة التعليمية التابعة للبعثة الفرنسية، الطعن في المقال الافتتاحي، مبرزا أن عيوبا شكلية شابته، سيما عدم تقديم الدعوى في مواجهة الوكالة الفرنسية للتعليم بالخارج، في شخص ممثلها القانوني، والتي تسهر على تدبير أمور المؤسسة التعليمة المعنية بالأمر. أما في الموضوع فقد طعن محامي المدرسة الفرنسية في صيغة المنع، مؤكدا أنه فقط طلب منها اللباس اللائق سيما أن المؤسسة التعليمية تخضع لاتفاقية شراكة، من أجل التعاون الثقافي والتنمية بين حكومتي الجمهورية الفرنسية والمملكة المغربية، وأنها تقدم خدماتها للأجانب المقيمين بالمغرب وبعض المغاربة. واعتمدت المحكمة في حيثياتها على خلو اتفاقية الشراكة التي دفع بها دفاع المؤسسة من أي بند يمنع التلاميذ من ارتداء ملابس ترمز إلى معتقدهم الديني، وزفي حالة ثبوت صحة هذا الدفع فإنه لا يمكن الركون إليه لمخالفته المواثيق الدولية والقوانين الوطنية ذات الصلة بالحقوق المدنية للأفراد والتي يتعين على كل مؤسسة تعليمية الركون إليها، ووجوب احترام تشريع الدولة التي توجد المؤسسة بترابها، وفق ما تنص عليه اتفاقية الشراكة نفسها الموقعة بين المغرب وفرنسا. وفي سياق متصل علق الباحث والناشط الحقوقي أحمد عصيد على الحكم قائلا إنه كان منتظرا، بالنظر إلى أن القاضي اعتمد على خصوصية الواقع المغربي وقوانينه، التي تختلف عن الواقع بفرنسا وقوانينها، مشددا على أن مسألة حرية اللباس هي مبدأ علماني صميم. واعتبر عصيد، في حديث مع "الصباح"، أن مبالغة الدولة الفرنسية، سواء من خلال الدولة، أو مؤسسات البعثات التابعة لها في بلدان أخرى، في محاربة الرموز الدينية داخل المؤسسات التعليمية، أتى بنتائج عكسية تمثلت في تنامي موضة الحجاب المؤطرة، من قبل منظمات أصولية ومتشددة، كرد فعل عكسي على هذه المبالغة. وأضاف المتحدث نفسه أن النقاش الحقيقي ليس هو ما إذا كان من حق مدرسة ما تابعة لبعثة أجنبية أن تمنع تلميذة من الدخول إليها بغطاء الرأس، بل هو مدى أحقية الأسرة في تحجيب طفلة صغيرة لا تنطبق عليها أسباب ولا شروط ما يسمى "الحجاب"، الذي يعتبره المتشدّدون إخفاء لـ"مفاتن" المرأة، وليس الطفلة. من جانبه، قال الباحث سعيد ناشيد، إن على الآباء أن يبعدوا أطفالهم عن هذه الحسابات الإيديولوجية، معتبرا أن المبدأ الأساسي الذي يجب أن يسود في مؤسسات التعليم الأساسي، هو الزي الموحد الذي يذيب كل الاختلافات الطبقية والاجتماعية والعرقية والدينية، حتى يكون التركيز على التعليم والتعلم الوسيلة والغاية. وأضاف ناشيد أن هناك نوعا من الفصام الحضاري في أوساط بعض الآباء، الذين يحرصون على إلباس أطفالهم لباسا دينيا، وفي الوقت نفسه يدرسونهم في مدارس علمانية تدرس قيما تتعارض مع ما ينشئون أبناءهم عليه. المصطفى صفر وعزيز المجدوب

القضاء يفرض الحجاب بمدرسة فرنسية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

4 سنوات للص بالجديدة

آش واقع؟

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات