سارت على خطوات والدها وتحمست لمهنة ظلت حكرا على الرجال بتازة وزبناؤها يرحبون باقتحامها القطاع لم تنتظر منى طوير شغلا على طبق من ذهب إن في القطاع الخاص أو العمومي، رغم حصولها على الإجازة في القانون الخاص، وخرجت مبكرا للبحث عن عمل ولو مؤقت، تكسب منه وتحقق به استقلالها المادي دون حاجة لمساعدة أحد، وجربت مهنا مختلفة قبل أن تصبح أول سائقة سيارة أجرة صغيرة في تاريخ مدينة تازة الصغيرة. لم تقف هذه الفتاة التازية مكتوفة اليدين في انتظار من يمن عليها ويعطف عليها، واعتمدت على نفسها في بحثها عن لقمة عيشها منذ غادرت أسوار كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ظهر المهراز بفاس. وليس ذلك بغريب عليها وقد تربت وسط أسرة طموحة وجد كل أفرادها مواقع قدم لهم في مجالات مختلفة. شقيقاها اشتغلا في قطاعين مختلفين وشقيقاتها الأربع هاجرن للديار الأوربية حيث يستقررن، واستقرت هي مع والدتها قبل وبعد وفاة أبيها منذ نحو 4 سنوات. تسلحت بما يكفي من الطموح والعزيمة لمواجهة الحياة والظروف الاجتماعية أيا كانت، معتمدة على نفسها لبناء مستقبلها ومساعدة أم لن تنسى حضنها الدافئ أبدا. قضت منى سنتين في محو أمية مستفيدين من برنامج أشرفت عليه جمعية محلية، لتلتحق بعدها بمقاولة عملت فيها طيلة 7 سنوات متحملة التعب والشقاء اليومي، قبل أن تختار "حرفة بوك ليغلبوك" مثلا مغربيا جسدته على الواقع بعدما سارت على نهج والدها الذي قضى سنين فيها بعد تقاعده من عمله في مديرية الفلاحة بتازة. وقالت منى "قبل وفاة أبي فكرت في القيام بالاستثناء وسياقة الطاكسي بهذه المدينة الصغيرة، لأساعده ولبلورة فكرة راودتني منذ الصغر. لكن لم يتأت ذلك في حياته، بحكم وقف امتحانات رخص الثقة"، ومع رجوع هذه الامتحانات كانت من أول المسجلين لاجتيازها، ما تم بعد الخضوع لتكوينات مكثفة تزامنا مع مونديال قطر. في نونبر ودجنبر 2022 استفادت هذه الفتاة الحاصلة على الإجازة في القانون الخاص، من تكوين خاصة في معهد التكوين بتازة، قبل أن تجتاز الامتحان وتحصل على رخصة الثقة والبطاقة المهنية، وتركب سيارة الأجرة لأول مرة سائقة لها في العام الماضي محققة حلما راودها ولا تخجل أن تكون كذلك أول سائقة طاكسي بتازة. وتؤكد منى أن الزبناء من الجنسين استقبلوا سياقتها لسيارة الأجرة الصغيرة بكل الترحاب خاصة الإناث منهم، ممن يتمنون ألا تكون وحيدة في مدينة هادئة، و"هذا ما أقرؤه في عيون من يركب معي في أي رحلة وأي اتجاه بأي حي بالمدينة. وكثيرون يناقشونني الفكرة ويرحبون بها ويشجعونني ويدعونني للاستمرار". وتفتخر منى طوير بتكسيرها ذكورية قطاع ظل حكرا على الرجال منذ ظهر للوجود، اللهم مما تتداول الألسن من حصول فتاتين قبلها على رخصة الثقة دون أن تشتغلا ميدانيا. وتعتز باقتحامها عالم سياقة سيارات الأجرة الصغيرة في سابقة استقبلتها فعاليات المدينة وسكانها بكل الترحاب، بعيدا عن النظرة الذكورية المتحجرة. وتقول "النساء شقائق الرجال، عليهن ما عليهن ولهن ما لهن. والمرأة ولجت قطاعات مختلفة وبرعت فيها. وليس صعبا عليها التميز في قطاع سيارات الأجرة"، متمنية ألا تبقى وحيدة بتازة وأن تدخل زميلات لها الميدان على غرار ما عليه الأمر في فاس وصفرو ومدن أخرى أصبحت سياقة المرأة للطاكسي أمرا عاديا ومألوفا لدى الكل". وأشارت إلى أنها تجد متعة كبيرة في سياقة الطاكسي واستقبال الزبناء من الجنسين والدردشة معهم، وتتحمل التعب اليومي بسبب حبها لمهنة وجدت نفسها فيها ولا تخجل من ولوجها كما قد يتبادر لأذهان البعض ممن كدوا وحصلوا على شهادات عليا، وينتظرون أن تمطر السماء شغلا يرضيهم. حميد الأبيض (فاس)