بلماحي: دراسة أثبتت عودة 196 نزيلا سابقا إلى السجن سنة 2013 من أصل 6548 قال عز الدين بلماحي، المنسق الوطني لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، إن القضاة لا يتوفرون على الشجاعة في تفعيل السراح المقيد للموقوفين، مؤكدا أنه لا يعقل إيداع السجن من ارتكب خطأ بسيطا.وأورد بلماحي أن تفعيل الاتفاقيات المبرمة مع القطاعات الحكومية يبقى "خجولا" في بعض المدن، مشيرا إلى أن دراسة أجريت، السنة الماضية، أثبتت أن 196 نزيلا سابقا، عادوا إلى السجن من أصل 6548 نزيلا مفرجا عنهم، وهو ما يشكل نسبة 2.9 بالمائة ممن ارتكبوا جنحا وجنايات. < أين تتجلى إخفاقات مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء؟< الإشكال الأول الذي واجهته مؤسسة محمد السادس لإعادة الإدماج هو الموارد البشرية للمندوبية العامة لإدارة السجون، لماذا؟ كانت هناك ثقافة سائدة أن المؤسسة السجنية همها الوحيد هو تحقيق الأمن، وبالنسبة إلى موظفي السجون لم تكن لديهم رؤية ولا تكوين وتأهيل نفسي واجتماعي، إذ يدمجون مباشرة في إدارة السجون، والمؤسسة إيمانا منها بأن المشروع لا يمكن إنجاحه إلا من خلال تكوين الموارد البشرية وهو ما تأتى من 2002 إلى 2014، وكذا التكوين المستمر مازال سائدا، وكانت لدينا دورات تكوينية في هذا الشهر من خلال تحديث وتدبير المؤسسات السجنية وفض النزاعات، والتشبع بثقافة إعادة الإدماج. هذا هو العائق الأول، وبالتالي المؤسسة وشركاؤها حاليا يطمحون أن تصبح المؤسسة السجنية فضاء للتأهيل ولإعادة الإدماج الفعلي في النسيجين الاقتصادي والاجتماعي، والهدف من وضع المؤسسة نفسها قوة اقتراحية، هو التشريع، لأنه يشكل عائقا، لما نرى أن عدد السجناء تعدى 70 ألف في الوقت الراهن، نرى فيه 50 بالمائة من الموقوفين احتياطيين، ومفروض أن يتابعوا في حالة سراح مؤقت بكفالات مالية، وسينخفض عدد السجناء، وسيكون العيش في المؤسسة السجنية أفضل وظروف العمل ستكون أحسن.وفي هذا الإطار، قدمت المؤسسة عددا من المقترحات إلى وزارة العدل والحريات والمندوبية العامة للسجون، قصد تفعيل هذه المقاربة الجديدة، والملك كان لديه دور استباقي يتجلى في خطاب أكد فيه على العقوبات البديلة، ويتعين تطوير الطرق القضائية البديلة كالوساطة والصلح والتحكيم والأخذ بالعقوبات البديلة. وتطمح المؤسسة أن تكون عقوبات بديلة عن العقوبات السالبة للحرية. لا يعقل أن من ارتكب خطأ بسيطا يجب إرساله إلى السجن، ويمكن نفرض عليه القيام بأعمال المنفعة العامة، أفضل بكثير من أن نرسله إلى السجن، وهناك في المسطرة القضائية أشياء غير مفعلة، وليست للقضاة الشجاعة فيها قصد تطبيقها في تفعيل تدابير كالسراح المقيد، ولا يعطى في المغرب رغم أن بعض النزلاء تتوفر فيهم الشروط، لأن القاضي لا يتوفر على الشجاعة، خوفا من ارتكاب النزيل جنايات أخرى. < وما هي المقترحات الأخرى التي طرحتموها في الموضوع؟< لدينا اقتراح بالنسبة إلى الذين يقضي عقوبات سجنية طويلة، وينال دبلومات عالية، وحينما يخرج من المؤسسة السجنية يستعصي عليه الحصول على عمل بسبب ما يطلق عليه توفره على "الوسخ"، ونريد أن يكون إعطاء رد الاعتبار مع الإفراج عن الشخص من السجن بعدد من الشروط، كتوفره على سيرة حسنة داخل المؤسسة السجنية، ولديه مشروع حياة، وهنا نسد الطريق على حالة العود، ولا يعقل أن ينال النزيل رد الاعتبار، بعد خمس سنوات من الانتظار، قصد توظيف الدبلوم الذي حصل عليه. < ما هي نتائج الدراسة التي قامت بها المؤسسة على نزلاء سنة 2013؟< المؤسسة أنشأت مؤسسات الرعاية اللاحقة قصد القطع مع حالة العود. سبق أن قمنا بدراسة سنة 2013 على 6584 نزيلا، ضمنهم 196 شخصا عادوا إلى المؤسسة السجنية وهو ما يعادل 2.9 بالمائة، و97 بالمائة قمنا بإعادتهم للمجتمع، ويجب أن نعلم أن إدماج النزيل سيساهم في توفير الأمن في البلاد، وسوف تقل المشاكل العائلية، وستقل الملفات بالمحاكم، والسجناء سينخقض عددهم، وظروف المعيشة ستتحسن، والغلاف المالي المرصود لمندوبية السجون سينخفض، وستكون سواعد النزلاء في مصلحة البلاد، فالمردود الايجابي لهذه الفلسفة يعود على الدولة والمجتمع بخير كبير، ولما نعيد إدماج نزيل سنحيي عائلته. < ما هي النسبة التي تستهدفونها في تكوين السجناء؟< الأولويات تبقى للشباب والنساء، ونأخذ النزلاء الذين يقضون العقوبة الحبسية ما بين سنة وثلاث سنوات، ولا يمكن أن ندمج محكومين بعشر سنوات، وهؤلاء يقومون بأنشطة رياضية وثقافية وتعليمية، ولما يقترب أحدهم من الإفراج عنه، نقوم بإدماجه في البرنامج التأهيلي قصد إلحاقه مباشرة بعد الإفراج عنه في سوق العمل، وقمنا سنة 2013 بتأهيل 27 ألف سجين، مع العلم أننا لا نستهدف المتابعين في حالة اعتقال احتياطي، باستثناء الأحداث الذين يدرسون قصد ضمان استمرارية متابعتهم للدراسة. < كثيرا ما وجهتم في ملتقيات رسمية انتقادات في ضعف الموارد البشرية للمندوبية العامة لإدارة السجون، ما هي الجهات التي تتحمل المسؤولية في ضعف تمويلكم؟< المقاربة التي تبنتها مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء من أجل تفعيل برنامج مندمج داخل المؤسسة السجنية تمحور حول التكوين المهني والتعليم وله مكونات عديدة تصب كلها في تأهيل النزيل لإعادة إدماجه في النسيجين الاقتصادي والاجتماعي، تبقى تشاركية عن طريق عقد شراكات مع عدد من القطاعات الحكومية. < كيف ذلك؟< السجين لديه الحق في التعليم والتكوين المهني والصحة في الأنشطة الرياضية والثقافية والعيش الكريم، والقطاعات الحكومية مسؤولة، ومفروض فيها أن تشتغل داخل المؤسسة السجنية، وخريطة التكوين نجد فيها مركزا للتكوين المهني تشرف عليه المؤسسة في التكوين للحصول على الدبلومات التي تدرس خارج المؤسسة السجنية، وبالتالي مؤسسة محمد السادس كانت بمثابة رافعة أدخلت عددا من المتدخلين للاشتغال داخل المؤسسة السجنية. < هل هذه الاتفاقيات مفعلة بطريقة مرضية؟< الإشكال الموجود على صعيد بعض المدن أن هذه الاتفاقيات مفعلة بطريقة خجولة، ولكن ناجحة في بعض المدن لدرجة أنها تشكل مثالا يحتدى به، وعلى سبيل المثال الدراالبيضاء نجد مدرسة داخل المؤسسة السجنية، وبالنسبة إلى الحدث، حينما يغادر المؤسسة نسهر على إدماجه داخل المنظومة التربوية خارج المؤسسة السجنية، وأن يعود إلى سلك التربية الوطنية قصد متابعة دراسته بطريقة عادية، وبالنسبة إلى التكوين المهني، إذا لم يستكمل المدة المفروض قضاءها داخل المركز لما يغادر السجن نصطحبه خارج المؤسسة، ولتفعيل البرنامج المندمج خلقنا جهاز إعادة إدماج المؤسسات السجنية ، ينقسم إلى مصلحتين من أجل إعادة اصطحاب النزيل داخل المؤسسة السجنية بناء على مشروع حياة شخصي، وهذا المشروع فيه أربعة أركان، ركن إدراي وركن عائلي وركن صحي وركن للتعليم أو التكوين المهني، وهذا المشروع يحاول حل جميع الإشكاليات التي يمكن أن تعيق إعادة الإدماج، والمؤسسة تضع جميع الآليات الممكنة، ونشتغل على الجانب الاجتماعي من أجل عودة النزيل إلى العائلة، من خلال حل مشاكل الزوج والزوجة والاعتراف بالأبناء في الحالة المدنية، ونقوم بوساطة من أجل عودة النزيل، ونجعل الشريك الأول هي العائلة، ونحاول حل جميع المشاكل الإدارية في ما يتعلق بالبطاقة الوطنية وعقود الازدياد، كما نحل المشاكل الصحية، واصطحاب النزيل من أجل الشفاء، ويأتي التعليم والتكوين، إضافة إلى مصلحة إعادة الإدماج التي تصاحب النزيل من أجل تقييم التغييرات التي وقعت عليه، وحين اقتراب ثلاثة أشهر على الإفراج، ننجز حصيلة عن برنامجه، نقوم بإعادة تقييم الآليات التي اكتسبها، وكذا شخصيته وإرجاع الثقة في نفسه، ونريد منه أن يكونا واعيا من خلال مقارنة نفسه مع السابق، كما نريد منه أن تصبح لديه معرفة حياتية ثقة في نفسه. < وما هي المصلحة الثانية؟< هناك مركز المصاحبة وإعادة الإدماج الذي أحدثته مؤسسة محمد السادس بعيدا عن المؤسسة السجنية قصد قطع الصلة معها، وبعدما يأتي النزيل المفرج عنه إلى المركز، يقوم الأخير بإحداث مشروع ثان له، وفيه كذلك مشروع إداري وصحي وعائلي وركن للتشغيل، نتطرق فيه لمشاكل لم نقم بحلها داخل المؤسسة السجنية، ونصاحبه من أجل إعادة إدماجه في سوق الشغل، بطريقتين إما عن طريق اصطحابه من أجل الشغل في مقاولة تؤمن بهذه الفلسفة، أو نقوم بعرض مشروع عليه من خلال التشغيل الذاتي، وكان مفروضا علينا عقد شراكة مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات من أجل البحث عن الشغل، وعقدنا كذلك شراكة مع مؤسسة "توفيق" للقروض الصغرى، قصد تكوينهم في تفعيل مشاريع صغرى مدرة للدخل. وفي إطار هذا التكوين، نقوم كذلك بتقييم ميولات النزلاء، ومن وجدنا لديه ميولا في إنشاء مقاولة، نساعده في ذلك، وإذا كان لديه ميول في التوظيف، لكي يكون أجيرا نساعده في ذلك، وعقدت المؤسسة شراكة كذلك مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب. دار الأم السجينة < وماذا عن الأطفال الذين يرافقون أمهاتهم إلى السجون؟ < بالنسبة إلى النساء اللائي يرافقهن أبناؤهن، أعطى جلالة الملك أوامره ببناء دار الأم قصد العيش مع أبنائها، والآن، الأطفال الذين يرافقون الأمهات سيدرسون خارج المؤسسة السجنية، ولديهم نقل خاص يعيدهم إلى السجن، ولدينا أبناء خارج المؤسسة السجنية الذين توجد أمهاتهم في السجن، نتدخل من أجل تتبع دراستهم، وبالنسبة إلى الأحداث، نقوم بأشياء مهمة من أجل تفعيل تغيير مسطرة التدبير، وقاضي الأحداث لديه الحق في تغيير المسطرة في حالة عدم ارتكاب النزيل خطأ كبيرا، ونحن نحاول مع وزارة العدل والحريات وقضاة الأحداث، من أجل تغيير التدبير، وإرجاعهم إلى عائلتهم، ونترك للأخيرة أن تبقى مسؤولة عنه في المشروع الذي تتبناه مؤسسة محمد السادس. أجرى الحوار: عبدالحليم لعريبي - تصوير: عبد المجيد بزيوات