التضخم… راصد تحركات الأسعار

لماذا تسعى البنوك المركزية بمختلف الدول التحكم والحفاظ عليه في مستويات منخفضة؟ تحدد السلطات المكلفة بالسياسة المالية والمؤسسات الإحصائية لائحة بالمواد الأكثر استهلاكا لتتبع تطور أسعارها في مدة معينة، وتتضمن هذه اللائحة بالمغرب 116 مادة وخدمة. ويتم احتساب متوسط تطور مختلف هذه الأسعار، داخل فترات معينة، وهذا المتوسط هو ما يعرف بمعدل التضخم. وهكذا، فإنه يمكن أن ترتفع أسعار بعض هذه المواد وتنخفض أخرى، وبناء على هذه التطورات يتحرك معدل التضخم صعودا ونزولا، حسب حدة تطور أسعار كل مادة على حدة. وإذا كان التوجه العام لأغلب المواد نحو الصعود، فإن معدل التضخم يرتفع والعكس صحيح. لذا، فإن البنوك المركزية في مختلف دول العالم تحرص على الحفاظ على مستوى التضخم في مستويات دنيا، غالبا في حدود 2 في المائة، ويمثل ذلك هدفها الأسمى ومهمتها الأساسية، ما يطرح التساؤل حول الغاية من ذلك. إن الارتفاع الملحوظ لمعدل التضخم يعني غلاء المعيشة وتدهور في القدرة الشرائية للأسر وارتفاع في تكاليف الإنتاج، ما ينعكس سلبا على قيمة العملة الوطنية ويؤدي إلى نفادها ويجعل البلد في وضعية عجز عن الأداء، مع ما يعني ذلك من اضطرابات اجتماعية ومخاطر سياسية. ولتفادي ذلك، فإن البنوك المركزية تحرص على أن يظل مستوى التضخم في مستويات معينة، إذ حتى الانخفاض المتواصل للأسعار، سيعرف النتيجة ذاتها، بالنظر إلى أنه سيؤدي إلى توقف الاستثمار، المحرك الأساسي للنمو ولإحداث مناصب الشغل، ما سيتسبب في ركود اقتصادي عام. ويمثل سعر الفائدة الرئيسي إحدى آليات السياسة النقدية، التي يوظفها بنك المغرب، على غرار البنوك المركزية الأخرى، من أجل التحكم في مستوى التضخم، إذ أن رفع معدل الفائدة يجعل كلفة القروض أغلى، ما يحد من طلب القروض، التي تمثل أحد مكونات الكتلة النقدية، فكلما ارتفع حجم القروض ترتفع الكتلة النقدية، أي وسائل الأداء وتمويلات الطلب، ما يساهم في رفع الأسعار والزيادة في مستوى التضخم. وبادر بنك المغرب إلى رفع معدل الفائدة الرئيسي للمرة الثالثة على التوالي، إلى أن وصل إلى 3 في المائة، ما انعكس على أسعار الفائدة المطبقة من قبل البنوك على زبنائها. وأكدت المعطيات التي كشفتها المندوبية السامية للتخطيط، أخيرا، تراجع معدل التضخم الأساسي إلى أدنى مستوياته منذ أكتوبر 2021، ليستقر، مع نهاية يناير الماضي، في حدود 2.9 في المائة، مقارنة مع الشهر ذاته من السنة الماضية، علما أنه وصل في فبراير من السنة الماضية إلى 10 في المائة. فما هي الانعكاسات المرتقبة لهذا التطور؟ إذا استمر التضخم في التراجع إلى المستويات المستهدفة من قبل بنك المغرب، أي في حدود 2 في المائة، فإن ذلك يعني أن القدرة الشرائية للمواطنين ستتحسن، كما أن ذلك سيحفز المقاولات على الاستثمار مجددا، بالنظر إلى انخفاض كلفة الإنتاج، ما سيرفع القيمة المضافة لجل القطاعات الاقتصادية، وسينعكس ذلك على النمو وعلى إحداث مناصب الشغل. ع. ك

التضخم… راصد تحركات الأسعار

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رخص استغلال تورط رؤساء العشوائي

بـوخـــروبــــة الأزهـــــــري

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات