نصـب مـن داخـل الزنزانـة

معتقل انتحل صفة مدير مؤسسة واحتال على مسؤولين في مشروع تضامني يلاحظ أن أغلب عمليات النصب، باسم مشاريع وهمية، ظاهرة اتخذت في الانتشار في الآونة الأخيرة، وتعددت أوجهها لتشمل النصب في مشاريع رقمية أو غيرها.. لكن أن يتحول سجين إلى بطل في قضية نصب، على مسؤولين بارزين بمؤسسات عمومية، باسم مشاريع اجتماعية وتضامنية، فذلك يؤكد أن هذه الفئة من النصابين، تجاوزت مسارات النصب التي طبّع معها المجتمع أو بالأحرى، اعتاد الرأي العام على وقوعها. ضمن ملف هذا العدد، نعرض لواحدة من أغرب جرائم النصب، باسم مشاريع اجتماعية وتضامنية بطلها سجين، وضحاياها عدة مسؤولين بمؤسسات عمومية. انطلقت تفاصيل هذه القضية، من داخل أسوار السجن المدني، لشخص له سوابق في مجال النصب والاحتيال، إذ سبق أن نصب على شخصيات عمومية بالعديد من مدن المملكة، ورغم إدانته بعقوبات حبسية سالبة للحرية، فإنه واصل مسلسل النصب والاحتيال دون خوف أو وجل، بل وجد ضالته في طريقه الإجرامي هذا. بطل هذه القضية، استطاع أن يوقع في شركه مدير ديوان والي جهة دكالة عبدة آنذاك (قبل أن تتحول آسفي إلى عمالة تابعة لولاية مراكش آسفي). ولم يتوقف الأمر عند مدير ديوان الوالي لوحده، بل امتد ليشمل المدير الإقليمي للصيد البحري ومسؤول جمعية مهنية للصيد. كان المتهم يربط الاتصال بديوان الوالي، على أساس أنه مسؤول نافذ بمؤسسة شبه عمومية مختصة في التضامن والتآزر الاجتماعي، وبعد أن قدم كل المعطيات التي جعلت مدير الديوان يقع في شركه، أوهمه بمشروع اجتماعي ترعاه المؤسسة المذكورة، والذي تستفيد منه جمعية مهنية تؤطر بائعي السمك بالتقسيط. وطلب المسؤول الوهمي، مده بلائحة للمهنيين قصد توزيع دراجات نارية ثلاثية العجلات على باعة السمك، وهو المشروع الذي ستموله المؤسسة التضامنية المذكورة، والذي يندرج ضمن مشاريع أخرى مماثلة يتم تنفيذها بالعديد من المدن الساحلية بمختلف مناطق المملكة، حسب رأيه. ولإيهام المدير نفسه، عمد "النصاب" إلى إخبار المعني بالأمر، أنه تم تنفيذ مشروع مماثل بالقنيطرة، أخيرا. أمام كل المعطيات التي قدمها "النصاب"، انطلت الحيلة على مدير الديوان، الذي أحال النصاب على المدير الإقليمي للصيد البحري آنذاك، الذي بدوره، قام بالتنسيق مع المدير الوهمي بالمؤسسة التضامنية المذكورة، وبعد عدة اتصالات وتنسيقات مع جمعية مهنية، بعث بلائحة المستفيدين، عبر تقنية "الفاكس". وطيلة تلك المدة، كان المتهم حريصا على التعامل بكل الحيطة والحذر، لذا تجده لا يكثر الحديث خلال المكالمات الهاتفية، فضلا عن تتبعه للأنشطة الملكية في العديد من الأقاليم في تلك الفترة، في محاولة للتأكيد لضحاياه أنه ذو منصب مهم بالمؤسسة المذكورة. استمر المتهم في نشاطه، إلى أن سقط بسبب رئيس جمعية مهنية، سيما أنه طالب بمساهمة مالية عن كل مستفيد، وإيداعها بحساب بنكي. هنا تسلل الشك إلى رئيس الجمعية المهنية، الذي اعتقد أن المشروع مجاني، قبل أن تصبح المساهمة المالية للجمعية أو المستفيدين إجبارية. وأضحى رئيس الجمعية يتصل بالمدير الوهمي مرات عديدة، طلبا للتفسير تارة، وأخرى استعطافا، لإعفاء المستفيدين والجمعية من أداء المساهمة، نظرا للوضع الاجتماعي للمستفيدين، بيد أن الرقم الهاتفي لا يشتغل مساء، فضلا عن وجود موسيقى شعبية صاخبة، أثناء انتظار المكالمة في هاتف المتهم، ما رجح أن لا يكون المتهم ينتمي إلى المؤسسة المذكورة، ليتم الإبلاغ عن ذلك، وتجندت ولاية الأمن بآسفي، التي باشرت العديد من الأبحاث بدءا من تحديد هوية صاحب الرقم الهاتفي وضبط تموقعه، ليتم الوصول إلى الهاتف المذكور بدون عقدة اشتراك، وأن المكالمات الصادرة منه، تنحصر جميعها بمحيط السجن المدني بآسفي، وهو الفضاء الذي كان يمارس منه السجين نشاطه المتمثل في النصب والاحتيال، إذ أفضت التحريات إلى أن له سوابق قضائية في مجال النصب على شخصيات نافذة. محمد العوال (آسفي)

نصـب مـن داخـل الزنزانـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جمعية هيآت المحامين... الحاضر والتاريخ

وسيط مزيف ينصب على لاعبين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات